اختبار لتحديد الزمرة الدموية للشخص من خلال تغير لون ورقة الاختبار

2 دقائق

لطالما كان تحديد الزمرة الدموية للشخص أمراً بالغ الأهمية في عالم الطب. فإذا تعرض شخص لخسارة كمية كبيرة من دمه جراء حادث ما، فسوف يحتاج إلى نقل دم من متبرع آخر يمتلك نفس الزمرة الدموية، حيث إن عدم انسجام الزمر الدموية بين المتلقي والمتبرع يُسبب ردة فعل شديدة لدى المتلقي قد تودي بحياته. ولكن المشكلة تكمن أحياناً في عدم معرفة المتبرع أو المتلقي لزمرة الدم لديهما. كما إن معرفة الزمرة الدموية للشخص يحتاج تحليلاً مخبرياً يستغرق بعض الوقت قبل ظهور نتيجته، ما قد يكون غير ممكنٍ عند تدبير الحالات الإسعافية التي تتطلب نقل الدم بسرعة كبيرة للحفاظ على حياة المريض، أو في المناطق النائية التي لا تتوفر فيها مختبرات طبية.

ولكن هذا الأمر على وشك أن يتغير، ففي تقرير حديثٍ جرى نشره الأسبوع الفائت في مجلة Science Transnational Medicine أفاد باحثون بأنهم تمكنوا من تطوير اختبار ورقي جديد يمكن من خلاله تحديد الزمرة الدموية للشخص بعد سحب بضع قطرات من دمه، وهو ما يقدم فائدة كبيرة في حالات الطوارئ والحالات التي يتعذر فيها معرفة زمرة الدم بالطرق المخبرية التقليدية.

يتطلب تحليل الدم بالطرق المخبرية التقليدية استخدام جهاز نابذ يقوم بفصل العينة الدموية إلى أجزاء مختلفة. وبما أن معظم المناطق النائية لا تتوفر فيها مثل هذه التقنيات، فقد دأب العلماء على تطوير تقنية جديدة لا تحتاج إلى ذلك الجهاز لتحديد الزمرة الدموية للمريض. وقد تمكن العلماء أخيراً من تحقيق تلك الغاية عن طريق الاستعانة بصبغة شهيرة تُدعى خُضرة البروموكريزول يمكنها التفاعل مع الدم.

تُقسم الزمر الدموية إلى أربعة زمر رئيسية هي A، B، AB، O (بالإضافة إلى بعض الزمر النادرة)، وتتحدد هذه الزمر عن طريق مستضدات وأضداد. أما المستضدات فهي بروتينات متخصصة تتوضع على سطوح كريات الدم الحمراء، وأما الأضداد فهي بروتينات يقوم الجسم بإنتاجها لمكافحة الأحياء المجهرية الغازية. فإذا كانت الزمرة الدموية لشخص ما هي A، فهذا يعني بأنه يمتلك مستضدات من النوع A على سطوح كريات الدم الحمراء لديه، وأضداداً من النوع B. والعكس صحيح بالنسبة للأشخاص من ذوي الزمرة الدموية B.

ويبدو جهاز الاختبار الجديد مثل ميزان حرارة طويل ذو نهايتين، تُوضع على النهاية الأولى قطرات من سائل يحتوي على الضد A، وتُوضع على النهاية الثانية قطرات من سائل يحتوي على الضد B. ثم تُوضع قطرات من دم المريض في مركز الجهاز مع قطرة من خضرة البروموكريزول. ينتقل مزيج الدم مع الصبغة إلى ورقة ويصل إلى نهايتي الجهاز الحاويتين على الضدين. فإذا كانت زمرة دم المريض A فسوف تأخذ نهاية الجهاز الحاوية على الضد A اللون البني، في حين أن النهاية الحاوية على الضد B ستأخذ اللون التركواز (الأزرق). وسيحدث العكس عندما تكون زمرة دم المريض B. أما إذا كانت زمرة دم المريض AB فستأخذ النهايتان اللون التركوازي، وأما إذا كانت زمرة دم المريض O فستأخذ النهايتان اللون البني.

يحدث التغير اللوني في هذا الاختبار في غضون 30 ثانية، وهو أسرع بكثير من نتيجة الاختبار التقليدية التي تستغرق ساعاتٍ أو أياماً. وقد قام الباحثون بتجربة هذا الاختبار على 3550 عينة دموية، وبلغت دقة النتائج 99.9٪. وبما أن النتائج تعتمد على ترميز لوني بسيط، فيمكن لجميع الأشخاص التعرف إلى الزمرة الدموية حتى وإن كانوا مُصابين بعمى اللونين الأحمر والأخضر. كما إن استخدام الاختبار سهل للغاية حتى وإن كان الشخص يستخدمه للمرة الأولى.

وفي الوقت الذي تبدو فيه النتائج واعدة، إلا أن ترخيص استخدام الجهاز لا يزال في مرحلة إثبات صحة المفهوم. كما إنه من الضروري التأكد من مدى إمكانية إجراء الاختبار في ظروف مختلفة. ومن جهةٍ أخرى، يعكف الباحثون على تطوير الاختبار ليصبح قادراً على كشف الزمر الدموية النادرة، أو الزمر التي لا يحدث فيها تفاعل قوي بين الأضداد والمستضدات.

يُذكر بأن الاختبار بشكله الحالي لا يستطيع تمييز الدم عن غيره من السوائل التي قد تحتوي مستضدات تُحدث تغيراً لونياً في نتائج الجهاز. أياً يكن من أمر، فمن المتوقع أن يُحدث الجهاز حال إقراره تغيراً كبيراً في ظروف الرعاية الطبية في المناطق النائية.

المحتوى محمي