يبدأ الانفجار البركاني من باطن الأرض، ويتصاعد على شكل غازات مضغوطة وقطع من الصخور، إما على شكل شذرات حادة أو قطع ذائبة، أو كلا النوعين معاً. ويعتبر الانفجار البركاني عرضاً مذهلاً وقوياً لحركية هذا الكوكب الذي نعتبره عادة ساكناً ولا يتغير.
يتميز هذا الانفجار أيضاً بصوت شديد القوة أيضاً. وتبدو الانفجارات تحت الماء أشبه بأصوات طلقات الرصاص أو القنابل تنتشر عبر الماء. ولا يمكن أن نبحث بسهولة عن صوت واحد سريع في قلب كل هذا الضجيج لاندفاع أطنان من الحمم والغازات والرماد والصخور خارج قشرة الأرض، وهو أشبه بالبحث عن همسة في خضم عاصفة رعدية. وهذا بالضبط ما تمكن بعض الباحثين من تسجيله خلال انفجارات بركان بوجوسلوف في ألاسكا في العام الماضي.
لاحظ الباحثون أن أصوات القرقعة والطقطقة في التسجيلات تتزامن مع البرق البركاني في نفس المنطقة. ويحدث البرق البركاني عندما ترسل الانفجارات بالكثير من الرماد إلى الغلاف الجوي. وخلال اندفاعها السريع إلى الأعلى في الهواء، تحتك جزيئات الرماد ببعضها، ما يتسبب بظهور شحنات كهربائية شبيهة بما تحصل عليه عند فرك بالون على شعرك. ومع حركة دقائق الرماد، تفرغ شحناتها ويظهر البرق، وعلى ما يبدو، الرعد أيضاً.
سبق للعلماء أن سمعوا الرعد البركاني من قبل، وبالتالي فإن وجوده مؤكد بالنسبة لهم، غير أنه لم يُسجل من قبل. وقد أعلن عن أول هذه التسجيلات مؤخراً في بحث نشر في مجلة Geophysical Research Letters من قبل مات هانلي، وهو أخصائي بالزلازل في مرصد ألاسكا للبراكين، إضافة إلى مجموعة من زملائه.
يمكنك أن تستمع إلى إحدى هذه التسجيلات بالسرعة العالية هنا
الصوت العميق هو الانفجار نفسه، والذي يتوقف بعد حوالي 10 ثوانٍ، أما القرقعة فهي الرعد. قام الباحثون بوضع الميكروفونات لمراقبة البراكين في المنطقة، ويبدو أنهم سجلوا صوت الرعد بالصدفة. حيث أن بركان بوجوسلاف ليس بعيداً فحسب، بل إن جزءاً كبيراً منه تحت الماء أيضاً، وبالتالي لا يمكن لعلماء البراكين الوصول بتجهيزاتهم إليه بشكل مباشر. بدلاً من هذا، قاموا بالاعتماد على التجهيزات الموجودة على البراكين المجاورة، بما في ذلك مصفوفات الميكروفونات، لمراقبة انفجارات ورماد بوجوسلاف.
يمكن للباحثين، بعزل صوت الرعد ضمن الانفجار البركاني، أن يفهموا طبيعة عمود الرماد البركاني بشكل أفضل، وإضافة إلى كونه يمثل معلومة مثيرة للاهتمام حول الانفجار البركاني، فهو يتيح إمكانية تقديم المزيد من المعلومات لمراكز التحكم بحركة المرور الجوية، حيث قد يشكل رماد الانفجارات البركانية خطراً على الطائرات، وبالتالي من المستحسن تجنبه.
يقول الجيوفيزيائي جيف حونسون، الذي لم يشارك في الدراسة، للاتحاد الأميركي للجيوفيزياء: "يمكن إذا عرفنا مكان حدوث البرق أن نقدر كمية الرماد الناتجة عن الانفجار، وهو شيء يعتبر قياسه عملية صعبة للغاية. وإذا تمكنا من كشف وجود الرعد فوق منطقة طويلة، يمكن أن نقدر مدى كثافة عمود الرماد".
ما زال هناك الكثير مما يمكن أن نعرفه عن الرعد البركاني، بما في ذلك علاقته بالبرق البركاني، وغير ذلك من الصفات. يمكن باستخدام مصفوفات ميكروفونات أكثر كثافة وأقرب إلى الانفجار أن نحصل على بعض هذه التفاصيل المثيرة. يعتبر استخدام الصوتيات في دراسة البراكين أمراً شائعاً، ومن النادر والمكلف أن نستخدم الحساسات بشكل مباشر على البراكين، ولكن استخدام خيارات يمكن أن تعمل على مسافات أكبر، مثل الميكروفونات أو الحساسات الزلزالية، يمكن أن تساعد الباحثين على مراقبة البراكين، وبطرق غريبة في بعض الأحيان.
أظهرت تسجيلات النشاط الزلزالي قبل انفجار ريداوت في 2009 (أيضاً في ألاسكا) ظهور صوت ذي طبقة عالية، أقرب للصرخة، مباشرة قبل الانفجار. ويمكن للضجة الناتجة عن انفجار بركان تحت الماء أن تنتقل لمسافة آلاف الكيلومترات عبر المحيطات، ويقوم باحثون آخرون باستخدام الميكروفونات المائية لمعرفة لحظة انسكاب الحمم فوق قاع المحيط.
تطلق البراكين أصواتاً مذهلة، وعلى الرغم من أنه يصعب سماع بعضها على السطح، مثل أصوات ريداوت، فإن بعض الأصوات الأخرى مثل ذلك الرعد البركاني يمكن سماعها بشكل مباشر من قبل الأشخاص الذين يشاهدون الانفجار. وبالتالي، عندما تجد نفسك في مكان آمن على مسافة كافية وأنت تشاهد جزءاً من الأرض ينفجر بالحمم البركانية، ويطلق الرماد مع البرق، أصغ جيداً، فقد لا تسمع هدير الأرض فحسب، بل دمدمة السماء أيضاً.