للأرقام تأثير مرعب عندما تتناول الوضع الحالي للغطاء الأخضر والمحيط الحيوي، فهي تخبرنا أن 13% من الطيور، 25% من الثديات، 34% من الصنوبريات و63% من الطحالب تواجه تهديدات حقيقية بالانقراض وذلك بحسب آخر تقارير الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة، والذي يصدر كل سنة "القائمة الحمراء" التي تندرج فيها كافة الأنواع المهددة بالإنقراض. ولكن كل هذه الدراسات للأنواع الحية والتنبيهات بخصوصها هي عديمة الفائدة ما لم تقترن بجهود على الأرض لتدارك الوضع، وهذه الجهود بدورها لن تؤتي ثمارها ما لم تتلقى الدعم المناسب الذي يضمن استمراريتها. وأحد أهم الداعمين العالميين للجهود الرامية للحفاظ على ما تبقى من أمنا الطبيعة هو صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية.
تأسس الصندوق سنة 2008، وقد وضع المؤسسون نصب أعينهم دعم وتشجيع كافة المبادرات التي تسعى للمحافظة على الأنواع الحية وتجنيبها خطر الزوال، بغض النظر عن حجم المبادرة والجهة التي تتبناها. وقد قدم الصندوق حتى الآن 1620 منحة تجاوز إجمالي قيمتها 15 مليون دولار أميركي، وقد غطت هذه المنح مشاريع عملت على الحفاظ على 1096 نوع من الكائنات الحية، وقد توزعت على 150 دولة حول العالم.
وقد نجح الصندوق بالمساهمة بحماية طيف واسع من الكائنات الحية شمل الزواحف، البرمائيات، الثديات، الطيور، الفطريات والأسماك وغيرها. أما قيمة المنح فقد تم تقسيمها لفئتين: الأولى تصل قيمتها إلى 5000 دولا أميركي، والثانية تتراوح قيمتها بين 5000 إلى 25000 دولار أميركي. ومن المتوقع أن تصدر نهاية الشهر الجاري (مايو) المنح الخاصة بسنة 2017 والتي تم تقديمها بداية السنة من قبل المبادرين، سواء كأفراد أو مؤسسات، من كافة دول العالم.
ولا يكتفي الصندوق بتقديم الدعم المادي، بل هو يسلط الضوء على الرواد بهذا المجال وعلى تجاربهم المتنوعة، كما يعمل على نشر الثقافة العلمية التي تعزز أهمية الحفاظ على الطبيعة في الاوساط العلمية ودوائر اتخاذ القرار.
رغم أن أغلب الدراسات تجمع على أن الإنسان هو العدو الأول للطبيعة، تبقى هناك مبادرات تسعى لتغيير هذه الصورة، مبادرات آمنت أننا لم نصل بعد لنقطة اللاعودة بخصوص تدهور المحيط الحيوي. واليوم، أي شخص يمتلك حس المبادرة، ويرفض البقاء مكتوف الأيدي تجاه الطبيعة، سيجد يداً ممدودة تساعده على تنفيذ فكرته وتحقيق النتائج، وهذا الصندوق الإماراتي هو أحد أهم أدوات الدعم للحراك العالمي بهذا الخصوص.