من شخصية سيلفيستر في سلسلة الرسوم المتحركة "لوني تيونز" إلى مستر ميستوفيليس في المسرحيات الموسيقية في الثمانينات، كان هناك سمة مشتركة بين أكثرالشخصيات التي مثلت دور القطط هي معاطفهم التي تشبه بدلة التوكسيدو.
وتُعرف القطط التي تملك فراءً ذا بقعة بيضاء تشبه شكل التوكسيدو باسم القطط ثنائية اللون أواللمعاء.
واللَّمَع شائع أيضاً في عدد من الحيوانات الأليفة بما فيها الكلاب والأبقار والخنازير والغزلان والخيول، وهو أكثر ندرة عند البشر، وتسببه طفرة في مورّث يدعى KIT.
وقد عمل فريق من الباحثين في جامعات باث وإدنبرة وأوكسفورد على حل اللغز المتمثل في كيفية ظهور هذه النماذج المميزة عند الحيوانات، ووجدوا أن الطريقة التي تتشكل فيها هذه الصباغات المميزة أكثر عشوائية بكثير مما كان يعتقد، وقد كان لهذه النتائج ارتباط بدراسة عدد كبير من الاضطرابات الجنينية عند البشر مثل الأمراض التي تؤثر على السمع والبصر والهضم والقلب.
ويظهر اللّمَع عادة كمناطق بيضاء من الفراء أو الشعر أو الجلد بسبب غياب خلايا إنتاج الصباغ على الجزء الأمامي للجسم وتكون عادة على البطن والجبهة، ويعتبر اللمع من أكثر أشكال جلد الحيوان جذباً للانتباه.
ومع أن آثار اللّمَع خفيفة نسبياً فإنه واحد من مجموعة من العيوب الأكثر خطورة تدعى اعتلالات العُرف العصبي وتتراوح نتائجها من اضطرابات في تطور الأنسجة إلى المشاكل القلبية والصمم والاضطرابات الهضمية وحتى السرطان.
وكل هذه الأمراض ترتبط فيما بينها من خلال اعتمادها على مجموعة من الخلايا الجنينية تدعى خلايا العرف العصبي، ومن خلال فهم أفضل للّمَع نستطيع فهم هذه الأمراض المترابطة والخطيرة.
تكتسب الحيوانات الأصبغة ثنائية اللون على جلدها أثناء تطورها الجنيني ويبرز اللمع عندما تنتشر أرومات الخلايا المنتجة للصباغ بشكل غير طبيعي في جسم الجنين، ففي الحالة الطبيعية يبدأ عمل الخلايا الصباغية قرب ظهر الجنين وتنتشر عبر الجلد النامي باتجاه البطن، ومع انتشار الخلايا تتضاعف أيضاً مشكلة المزيد من الخلايا حتى ضمان انتشار الصباغ على كامل الجلد.
أما في حالة اللمع فإن خلايا الصباغ ذات اللون الأكثر قتامة لا تقوم بإنتاج الصباغ في منطقة البطن بالقدر الكافي أثناء صبغ الشعر والجلد، وتكون النتيجة بقعاً بيضاء مميزة على الفراء والجلد تتوضع عادة حول البطن حيث أبعد منطقة من مكان ابتداء عملية الصباغ، وقد ساد اعتقاد لمدة طويلة أن الخلايا الصباغية تنتقل مباشرة من الظهر إلى مقدمة الجسم ويكون نقص الصباغ في الجزء الأمامي بسبب عدم انتقال الخلايا الصباغية بالسرعة المطلوبة.
وقد أظهرت النتائج التي توصلت إليها الدراسة والمنشورة في مجلة الطبيعة صورة مغايرة، حيث وجد أن الخلايا عند الحيوانات ثنائية اللون تنتقل بشكل أسرع من الخلايا عند الحيوانات الطبيعية ولكنها لا تنقسم كالمعتاد، وهذا يعني ببساطة أنه لا يوجد خلايا كافية لصبغ كل المناطق عند الجنين.
انتقال الخلايا من منطقة الظهر إلى باتجاه الجزء الأمامي لجسم الجنين.
تنمو الحيوانات الخيمرية من اتحاد جنينين في المراحل المبكرة، فإذا كان بالإمكان أن تتلون الأجنة بشكل مختلف (بالأبيض والأسود على سبيل المثال) فإن الحيوانات الخيمرية ستملك جلداً مبقعاً أو مخططاً من لونين.
وكانت النظرية السائدة في السابق تقول إن كل خط تشكله مجموعة من الخلايا الابتدائية التي تنتشر من الظهر باتجاه الأمام.
وقد استخدمت هذه الدراسة مزيجاً من التجارب الحيوية والنماذج الرياضية المعقدة لإثبات أن الخلايا الصباغية تنتقل عشوائياً.
وبدلاً من الحركة التي تشبه حركة العدّاء في سباقات 100 متر فإن هذه الخلايا تتحرك بثبات قليل أو معدوم كسكير يترنح خارج الحانة.
وتأتي النماذج المخططة عند الفئران الخيمرية كنتيجة لعدة مجموعات من الخلايا من نفس اللون تجتمع بالصدفة.
وباستخدام النماذج الرياضية نستطيع اكتشاف وتقييم عدة فرضيات حيوية بديلة متاحة عن تشكل هذه الأنماط، وهي تعطي فهماً أعمق كان من المستحيل الوصول إليه بالتجارب وحدها، وهي تعني أيضاً أن بالإمكان تقليل عدد الحيوانات المستخدمة في التجارب في هذا النوع من الأبحاث.
وهناك الآن إمكانية لاستخدام نفس النموذج الرياضي لتقصي أنواع الخلايا الأخرى خلال التطور الجنيني المبكر، وهذا يخلق فرصة جديدة لمعرفة المزيد عن الظروف الطبية المرتبطة بالوضع المبكرللخلايا بما في ذلك تلك التي تؤدي إلى أنواع معينة من السرطان في الجهاز العصبي وغيرها من الأمراض الفتاكة كمتلازمة واردنبورغ ومرض وارشيبرونغ ومرض لعنة أوندينه.