ينتظر عشاق ومتابعو مسلسل صراع العروش (Game of Thrones) إطلاق الموسم الأخير في الرابع عشر من أبريل / نيسان من العام الجاري لمعرفة مصائر شخصياته. حيث يظل من سيموت ومن سينجو من شخصيات المسلسل أمراً مجهولاً، خاصةً مع التكتم الشديد من قبل صانعي العمل حول أحداث الموسم الأخير.
لكن يبدو أن للعلم كلمته للبت في ذلك الأمر، فقد نُشرت مؤخراً ورقة بحثية حول احتمالية الموت أو البقاء لمختلف شخصيات عالم صراع العروش وفقاً لتحليلٍ علمي. حيث قام العالمان المتخصصان في علم الأوبئة بجامعة ماكواير الأسترالية "رايدر ليستاد" و"بنجامين براون" بدراسة 330 شخصية ظهرت خلال المواسم السبع السابقة من المسلسل، وتحليلها للتنبؤ بمصائرها في الموسم الثامن والأخير.
التحليل العلمي الذي قام به العالمان استند على دراسة كلاً من العوامل الاجتماعية الديموغرافية، وتوقيت وظروف الوفاة لكافة شخصيات المسلسل، ثم تطبيق طرق تحليل إحصائية متقدمة على تلك البيانات لتحديد العوامل التي قد تسهم في زيادة احتمالية موت الشخصيات أو بقائهم على قيد الحياة.
وقد خلصت نتائج تلك الدراسة المنشورة بدورية "وبائيات الإصابة" (Injury Epidemiology) إلى أنه بشكلٍ عام ترتفع معدلات الوفيات لأسباب مختلفة بين شخصيات المسلسل، حيث مات قرابة 56 % من الشخصيات على مدار 67 حلقة بالمواسم السبع الماضية.
بالإضافة إلى هذا تنبأت النتائج بانخفاض احتماليات البقاء والنجاة لدى الشخصيات الذكور ذوي النسب غير النبيل التي لم تبدل ولائها خلال أحداث المسلسل العاصفة. على الجانب الأخر تتوقع النتائج أن النساء ذوات النسب النبيل اللاتي قمن بتغيير ولائهن على مدار المسلسل هن الأقل تعرضاً لفرص الموت، والأكثر حظاً في البقاء على قيد الحياة بالموسم الثامن.
أما عن أسباب وفاة 186 شخصية بالمسلسل، أظهرت الدراسة أنها تضمنت حالتي وفاة طبيعيتين فقط، في حين نتجت 74% من تلك الوفيات عن إصابات أغلبها بالرأس والرقبة. وبالنسبة لظروف الوفاة فقد جاءت 63% منها نتيجة لاعتداءات، وقرابة 25% خلال الحروب.
بغض النظر أن كل تلك الإحصائيات والتحليلات تدور حول عالم درامي في سياق قروسطي (أي حدثت في القرون الوسطى) تخيلي، إلا أنها قد تكون ذات صلة بالعالم الواقعي. حيث يشير أحد الباحثين المشاركين بالدراسة في تدوينة نشرها على الإنترنت إلى أن تحليل تلك الوفيات العنيفة في عالم صراع العروش قد يلقى الضوء على أسباب مثل تلك الوفيات العنيفة في سياق تاريخي واقعي.
يعلق على ذلك "أحمد مصطفى" - الطبيب والمدرس المساعد للطب الحرج بجامعة الإسكندرية - في تصريح لــبوبيولار ساينس العلوم للعموم: "إن تطبيق نتائج تلك الدراسة على عالم قروسطي حقيقي قد يكون واقعياً في الجزئية الخاصة بارتفاع معدلات الوفيات - حيث بلغ متوسط عمر الإنسان 40 عاما قبل القرن العشرين - إلا أن تلك النتائج تظل غير واقعية في أسباب تلك الوفيات. ففي عالم صراع العروش كانت الوفيات لأسباب عنيفة غالباً، في حين أن الأمراض والأوبئة – خاصة تلك المرتبطة بقلة الاهتمام بالنظافة – كانت هي السبب الرئيسي وراء وفيات العالم القروسطي الحقيقي".
في نهاية المطاف تظل مصائر أبطال العمل الدرامي في أيدي مؤلفو العمل، والتي قد تتغير وفقاً للكثير من العوامل التي قد لا تخضع للمنطق العلمي بالضرورة، إلا أنه من المحبذ دوماً معرفة كيف يمكن للبحث العلمي الرصين أن يُلقي بظلاله على عالم الخيال.