الفيزياء هي المتورطة في توقف البطاريات عن العمل

2 دقائق
حين تكون البطارية قيد الشحن أو قيد التفريغ، فإن هناك مقداراً ضئيلاً من السعة الضائعة في البطارية لا يمكن استعادته. مصدر الصورة: بيكسابياي

لماذا تموت البطاريات؟ ولماذا لا يمكن إعادة شحنها سوى عدد محدود من المرات -وإن كان كبيراً نسبياً- قبل أن تصبح عاجزة عن الاحتفاظ بمقدار مفيد من الطاقة الكهربائية؟ لقد سألني ابني الصغير عن هذا الأمر قبل سنوات، عندما توقفت سيارته اللعبة عن التحرك بعد أن نفدت بطاريتها، متسائلاً عما أسماه "البطارية الأبدية". وربما خطر هذا السؤال نفسه على بال كل مستخدم للهواتف الخلوية وهو يحاول إرسال رسالة نصية أخيرة قبل أن تنطفئ الشاشة.

تستمر الأبحاث في جميع أنحاء العالم -كما هو حال البحث الذي أعمل عليه- لجعل البطاريات التي يتم شحنها بسرعة أكبر، تدوم مدةً أطول، فيمكن بذلك إعادة شحنها وتفريغها مرات أكثر بكثير مما هي عليه اليوم. ولكن بقدر ما نتمنى -أنا وأنت- حدوث ذلك، إلا أنه من المستحيل صنع بطارية تدوم فعلاً إلى الأبد.

لقد قمت بتدريس الديناميكا الحرارية على مدى أكثر من 30 عاماً، وليس هناك حتى الآن ما يوحي بأننا قادرون على تحطيم القوانين الأساسية لهذا العلم من أجل الحصول على تلك البطارية بعيدة المنال.

يشير علماء البطاريات ومهندسوها إلى المشكلة الرئيسية باسم "تضاؤل السعة"، وهي نفسها المشكلة التي يتساءل الناس العاديون عنها بطرح أسئلة مثل: "لماذا لا تحتفظ بطارية جهازي بشحنتها؟"، وشكاوى مثل: "لم يمضِ وقت على إعادة شحني لتلك البطارية، وها قد نفد مخزونها من جديد!"

ما يجري هنا هو نتيجة للقانون الثاني في الديناميكا الحرارية، وهو ينص على أنه كلما حدثت عملية حقيقية، تتولد معها كمية معينة من الطاقة المبدَّدة التي لا يمكن استردادها على الإطلاق. فحين تكون البطارية قيد الشحن أو التفريغ، فإن هناك مقداراً صغيراً من الطاقة يتم تبديده، وهو يكافئ مقداراً صغيراً من سعة البطارية يتم إهداره ولا يمكن استرداده.

ولكي نتصور كيفية حدوث هذا الأمر، تخيل أن استخدام البطارية هو نقل للماء بين كوبين؛ فهو يشبه أن تُفرغ الماء من كوب إلى آخر، وبالتالي فإن شحن البطارية يكافئ صبَّ الماء مرة أخرى في الكوب الأول، وحتى إن قمتَ بهذه العملية لمرة واحدة أو مرتين دون أن تسكب قطرة واحدة، فسيبقى هناك دائماً مقدار صغير جداً في كل كوب لا يمكنك سكبه.

والآن، تخيل أن تستمر عملية صب الماء وإفراغه مئات أو حتى آلاف المرات على مدى عامين أو ثلاثة أعوام (بالنسبة لبطارية الهاتف الخلوي)، أو 10 أعوام أو حتى 20 عاماً (في حالة السيارة الكهربائية)، لا شك أن كل تلك الآلاف من المقادير الصغيرة والكبيرة ستتراكم مع مرور الوقت لتصبح كمية ملحوظة من الماء الضائع، فحتى لو كانت قطرة الماء التي تسكب بالكاد تُرى بالعين المجردة -ولتكن عُشر المللي لتر- فإنها ستصبح لتراً كاملاً إذا تكرر الأمر 10,000 مرة. وهذا مع عدم الوضع في الحسبان أن يتعرض أحد الكوبين بشكل أو بآخر إلى خللٍ ما يتسبب في فقدانه قدراً أكبر من الماء؛ مثل حدوث تسرب فيه، أو ارتفاع درجة حرارته إلى حدٍّ يتبخر الماء عنده.

وكما تتناقص كمية الماء بشكل لا مفر منه عندما ينسكب من كوب إلى آخر، سنحتاج لمزيد من الطاقة لشحن البطارية بمقدار يفوق ما تختزنه فعلياً، وسوف تخرج منها كمية أقل من الطاقة، مقارنةً بما تختزنه داخلها، ومع مرور الوقت ستزداد الطاقة المهدرة بالنسبة إلى الطاقة المختزنة.

وفي الواقع، كلما زاد استخدامك للبطارية، زادت كمية الطاقة التي يتم هدرها، وزاد اقتراب البطارية أكثر من اللحظة التي ينتهي فيها عمرها التشغيلي، وحينئذ لا تجدي إعادة شحنها نفعاً.

إنني -وآخرون غيري- نهتم بدراسة الطرق الكفيلة بجعل دورات التفريغ وإعادة الشحن هذه تجري بسلاسة أكبر من أجل تقليل الكميات المهدرة، ولكن القانون الثاني للديناميكا الحرارية سيحرص دائماً على عدم وجود طريقة للتخلص منه كلياً.

ستيف و. مارتن هو أستاذ علوم وهندسة المواد في جامعة ولاية آيوا، وهذا المقال تم نشره لأول مرة على الموقع: The Conversation.

المحتوى محمي