المحيط الحيوي في البحر الأحمر يتأثر بالعلاقة بين الرياح والأمواج

2 دقائق
هل أمواج البحر الأحمر أعلى من قبل؟ أم أنها أقل ارتفاعاً؟

عندما ذهب العالم الإنكليزي جيمس جول (1818 - 1889) برحلة شهر العسل برفقة زوجته إلى جبال الألب السويسرية، أمضى جل وقته عند الشلالات، حيث كان يقيس حرارة الماء أعلى الشلال وأسفله، ليثبت أن الماء الساقط يحمل حرارة أكبر بسبب حركته. والآن لو تركنا جول وزوجته التي لم تنعم بشهر العسل الذي تتمناه، وانتقلنا إلى علم البحار والمحيطات حيث من المفروض قياس حركة الأمواج وارتفاعها وحركة الأعماق، فأين ينتشر العلماء والباحثون لدراسة هذه الظواهر؟

الإجابة بكل بساطة هي أن الباحثين سيتواجدون ضمن غرفة شبيهة بالغرفة التي تتواجد بها عزيزي القارئ، وتحديداً أمام جهاز كمبيوتر مزود ببرنامج مخصص لمحاكاة البحر وتياراته وحركتها بتأثير الرياح، ليس في الوقت الحالي وحسب، بل في الأزمنة السالفة أيضاً.

حيث قام فريق من الباحثين من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بتجميع البيانات التي تم تسجيلها بمنطقة البحر الأحمر خلال الفترة بين 1985 - 2015، ومن ثم إدراجها بمشروع نموذج البحث المتقدم الخاص بالطقس والتنبؤ ومشروع ويف واتش 3 WaveWatch III، بهدف دراسة الجريان الجوي-المحيطي والمناخ بالبحر الأحمر وتأثيرهما على المحيط الحيوي، وذلك ضمن برنامج محاكاة صمم خصيصاً لهذا البحث. وقد نشرت نتائج هذا البحث على الموقع الرسمي للجامعة في 18 يونيو الماضي.

وتوصل الباحثون إلى أن حركة الأمواج في البحر الأحمر، سواءً كانت متوسطة الشدة أو على شكل دوامات، تصدر عن ثلاثة نظم ريحية. هذه النظم تتألف من: الرياح الشمالية، الرياح الجنوبية، وفي الصيف توجد الرياح التي تأتي من فتحة طوكر ضمن الجبال الساحلية السودانية. وقد تبين بالإجمال أن حركة الرياح وارتفاع الأمواج قد انخفضا بشكل عام خلال العقود الثلاثة الماضية وتلعب المنظومات الثلاث أدواراً متفاوتة بهذا التقلص حيث:

  • أدى انخفاض معدل العواصف في البحر الأبيض المتوسط إلى تقلص ارتفاع الأمواج في القسم الشمالي من البحر بنسبة 15%، ومع أن هذا القسم ينتهي عند الحدود المصرية السودانية، فإن تأثير التقلص ينتشر على كامل المسطح المائي.
  • من جهة أخرى أدى انخفاض معدل الرياح الموسمية ببحر العرب، والتي تتحرك خلال الشتاء بالاتجاه الشمالي الغربي، إلى انخفاض مماثل بحركة الموج في القسم الجنوبي من البحر.
  • أما دفقات الرياح التي تولد الأمواج الأعلى فهي تلك التي تصدر عن فتحة طوكر على الساحل السوداني وتكون في أعلى درجاتها صيفاً، لكن الفريق البحثي لم يتمكن من إيجاد نمط محدد لشدة الرياح في هذه المنطقة.

بالنهاية خلص الباحثون إلى أن هذه التغييرات والتي تنجم عن التغير المناخي قد يكون لها آثار سلبية على المحيط الحيوي في البحر الأحمر على المدى الطويل، لأنه لا يمكننا فصل الأحياء البحرية ودورات حياتها عن التيارات التي تتحرك باستمرار ضمن البحر. وهذه هي المرة الأولى التي تدرس فيها علاقة التغير المناخي بحركة الرياح والأمواج في البحر الأحمر.

يذكر أن ذات الفريق البحثي متعدد الاختصاصات يعمل على مبادرة جديدة اسمها "البحر الأحمر الافتراضي" بالتعاون مع معهد سكريبس للأبحاث ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأميركية ومختبر بلايموث البحري بالمملكة المتحدة لتطوير أداة تنبؤية هامة بالمنطقة تعمل على المدى الطويل والقصير.

المحتوى محمي