لا يخفى على أحد أن التمارين الرياضية تزيد حجم القلب بطريقة صحيّة، مما يساعده على ضخ الدم بشكل أكثر كفاءة ويقلل من احتمال قصور القلب. ويمكن لاكتشاف طريقة تحاكي آلية قيام التمارين بذلك أن يكون وسيلة مفيدة جداً لعلاج أنواع محددة من أمراض القلب. وتظهر دراسة نشرت الأسبوع الماضي كيف يمكن للبروتين الذي يسمى كارديوتروفين 1 القيام بذلك فعلاً، إذ أن له نفس الآثار الإيجابية على القلب، عدا أنه بدون تمارين رياضية فعلية.
ويقول لين ميجيني، وهو كبير مؤلفي الدراسة وعالم بارز في مستشفى أوتاوا وأستاذ في جامعة أوتاوا: "من منظور العلوم الأساسية، يبدو أن الكارديوتروفين - بحد ذاته دون أي شيء آخر - يحفز هذا النمو المفيد للقلب. فهو يجعل كافة خلايا عضلة القلب - وبالتالي القلب كله - تبدو وكأنها تمارس الرياضة وتتصرف كذلك. ويكتسب القلب تلك التغيرات المفيدة - والتي تنسب عادةً إلى برامج تمارين رياضية – بواسطة البروتين فقط".
ويمكن لذلك أن يصبح بشكل جدي في متناول يد الأشخاص الذين يعانون من قصور القلب الأيمن. وهذا يختلف عن قصور القلب الاحتقاني - أو الأيسر - في أن قصور القلب الأيسر له العديد من التدخلات الدوائية التي يمكن أن تبطئ العملية. ويقول ميجيني بأن هذه العمليات التقليدية لا تقدم الكثير من المساعدة للأشخاص الذين يعانون من قصور القلب الأيمن، وفي كثير من الأحيان يكون الحل الوحيد لهؤلاء المرضى هو عملية زرع القلب.
ويُذكر بأن الاهتمام بالآثار الإيجابية للكارديوتروفين يعود إلى عدة سنوات عندما حدد الباحثون أولاً العديد من البروتينات الموجودة في الخلايا والتي يمكن أن تجعل عضلة القلب تنمو بطريقة مفيدة. ويعتقد الباحثون أنه بسبب أن الكارديوتروفين يؤدي إلى ظهور القلب بمظهر الذي يمارس الرياضة على الرغم من عدم ممارستها، فربما يكون من الجيد أن يستفيد منه أولئك الذين يعانون من قصور القلب الأيمن. وبعد أن لاحظ ميجيني وزملاؤه الآثار الإيجابية للكارديوتروفين في مستنبتات الأنسجة الخلوية، انتقلوا إلى اختبار البروتين عند الفئران والجرذان. واتضح - في تلك النماذج – بأن الكارديوتروفين فعال جداً في الحد من تطور قصور القلب الأيمن عند الفئران والجرذان المصابة بالحالة المرضية.
ويقول: "إن بيولوجيا القلب عند الجرذ هي في الواقع أكثر شبهاً بالإنسان مما هي عليه عند الفأر، لذلك فإن هذا يدفعنا إلى البدء في اختبار هذه البروتينات الخاصة عند الفئران".
ويعمل الكارديوتروفين عن طريق تفعيل سلسلة من البروتينات التي من شأنها أن تقتل الخلية تحت ظروف أخرى، وتحفز ما يسمى موت الخلايا المبرمج، كما يقول ميجيني. ومع ذلك، فالتوقيت هو الأساس في هذه الحالة. إذ يقوم الكارديوتروفين بتفعيل بعض البروتينات والمسارات الخلوية. وإذا بقيت مفعلة لفترة طويلة جداً، فإنها تؤدي إلى مشاكل كبيرة مثل موت الخلايا المبرمج. ولكن الكارديوتروفين يسمح لها بالبقاء فقط لفترة كافية لتفعيل المسارات الخلوية الأخرى (مثل تأثير الدومينو تقريباً). وهذه المسارات هي التي تفيد القلب. ولحسن الحظ، فإن الكارديوتروفين ينشط مساراً آخر يغلق المسارات الضارة قبل أن تبدأ في إحداث المشاكل.
ويضيف: "إنه يقوم بالتبديل بين هذين المسارين بوقت واحد، أحدهما ليبدأ لإعادة التشكيل وإجراء تلك التغييرات المفيدة، ولكن يوقفه بسرعة قبل أن يتمكن من البقاء مفعلاً وإحداث المشاكل".
ويخطط ميجيني وفريقه لإجراء تجربة سريرية عند مرضى قصور القلب الأيمن خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع البحث في الوقت نفسه عن أدوية أو عوامل أخرى تعمل بطريقة مماثلة للكارديوتروفين. ويقول ميجيني: "نحن نحاول المضي قدماً بأسرع ما يمكن بما يتوفر لدينا الآن، وهو البروتين بحد ذاته، بالإضافة إلى إمكانية اكتشاف أدوية أخرى يمكنها أن تقوم بالمهمة بنفس الشكل أو بطريقة أفضل".