بسبب معاناتها من الافتراس في البحر، تفضل هذه الأسماك العيش على الأرض

2 دقائق

على جزيرة راروتونغا البعيدة في المحيط الهادي تهرب بعض أنواع الأسماك إلى اليابسة. ويشتبه العلماء منذ فترة طويلة بأن أسماك بليني تقفز خارج الماء لتنجو من المخلوقات البحرية التي تحاول افتراسها، ولكن الدافع الحقيقي لهروب هذه الأسماك ما يزال غامضاً.

وفي دراسة نشرت في مارس 2017 في مجلة "ذي أميركان ناتشراليست" أظهر الباحثون أن هذه السمكة التي تشبه النقانق يكون احتمال افتراسها داخل البحر ثلاثة أضعاف احتمال افتراسها على الأرض، ما يعطي مصداقية لهذه النظرية.
يقول تيري أورد أحد واضعي هذه الدراسة والمختص في علم البيئة التطوري من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني بأوستراليا : "لقد تحولت البيئة المائية بالنسبة لهذه الأسماك إلى مكان سيء مليء بالأعداء التي تسعى لالتهامها، ولكن الصخور بيئة أقل عدائية لها مع وجود الطيور التي تشكل هاجسها الرئيسي"
ولتحري حقيقة الأمر قام فريق البحث بزيارة جزيرة راروتونغا حيث تعيش أنواع كثيرة من أسماك بليني على الأرض قرب الماء، وقد قام الفريق بعمل 250 نسخة مزيفة مشابهة لهذه الأسماك من البلاستيك بطول 6 سم بألوان وأشكال تشبه الأسماك الحقيقية،  ووضع نصف العدد في الماء والنصف الآخر على أرض جافة.
لوحظ هجوم المخلوقات المائية المفترسة على الأسماك المزيفة لمدة ثمانية أيام، وكانت النتائج تشير إلى أن أسماك بيليني أكثر أماناً على الأرض.
يقول أورد:"كان حجم الهجوم على الأسماك المزيفة التي وضعت في الماء أكبر بثلاث مرات على الأقل من حجم الهجوم على تلك التي وضعت على الأرض".
ولذلك وبالرغم من أن تعرضها للافتراس من طيور النورس هو بالتأكيد ليس خياراً جيداً لها، فإنها تفضله كبديل عن المخلوقات المفترسة التي يخفيها البحر.

كما قام فريق البحث بمراقبة سلوك هذه الأسماك فوجد أن معظمها ينتقل أثناء الجزر إلى الرفوف الصخرية فوق الماء، وعندما يبدأ المد تتحرك معه لتلجأ إلى أرض أكثر ارتفاعاً. يشرح أورد ذلك بقوله: "يبدو أنها تفعل هذا لتجنب الافتراس من الأحياء المائية المفترسة القادمة مع الماء المرتفع"
ولا يعتقد أورد أن هذا التصرف هو مجرد تقنية  تتبعها الأسماك للحفاظ على حياتها كما تفعل أسود الجبل والدببة التي تتسلق الأشجار عندما تشعر بالخطر، فهو يعتقد أن ما تفعله هو عملية انتقال من البحر لاستيطان الأرض لأجل أطول.

يقول أورد: "ومع أنها تفتقر إلى وجود ساقين فإنها تبدو مرتاحة على الأرض، وهي لا تقضي وقتاً طويلاً على اليابسة وحسب (رغم أن أورد لاحظ أنه من الصعب قياس مدة بقائها خارج الماء) ولكنها أيضاً تقفز حول الشقوق الصخرية كما تفعل الأسماك البرمائية الحقيقية، وتقضي كامل حياتها كأسماك بالغة على الصخور عند الشاطئ"

علاوة على ذلك فإن عادة اللجوء إلى اليابسة التي تسلكها أسماك بليني شوهدت في أماكن مختلفة حول العالم، وذكر أورد منها جوام واليابان في شمال المحيط الهادي، وتاهيتي وراروتونغا في جنوب المحيط الهادي، وموريشيوس وسيشل في المحيط الهندي.

وما يزال أمام أسماك بليني طريق طويل قبل أن تصبح كائنات أرضية كاملة، ولكنها تتجه نحو ذلك بصورة معقولة كأسماك عديمة الساقين.
يقول أورد: "هذه الأسماك تتنفس عبر غلاصمها ولكنها لا تستطيع الحصول على بعض الأوكسجين عبر جلدها، وهي تبدي مرونة نسبية خارج الماء بسبب شكل جسمها الذي يشبه النقانق، وباستخدام ذيلها للزحف وحتى القفز خلال الصخور المدية".

وسنرى في الوقت المناسب إذا كانت أسماك بليني ستتابع مسيرتها نحو الأرض الجافة حيث الاحتمال الأقل للافتراس، ولكن في الوقت الحالي علينا أن نلتزم الصمت حول طموحها خوفاً من أن يكيد لها المزيد من النوارس المفترسة أو مليونا أفعى على جزيرة جوام.

المحتوى محمي