أعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن نجاح تشغيل مفاعل اندماج نووي، يُعرف بالشمس الاصطناعية، لمدة 17 دقيقة، وبدرجة حرارة أعلى من درجة حرارة الشمس بخمس مرات، وذلك بهدف توفير طاقة نظيفة لا حدود لها تقريباً.
ذكرت الوكالة أن التوكاماك التجريبي المتقدم فائق التوصيل (EAST)، المعروف باسم "الشمس الاصطناعية"، وصل إلى درجات حرارة بلغت 70 مليون درجة مئوية خلال التجارب، وهي أعلى من درجة حرارة الشمس بخمس مرات.
تطور الصين هذا الجهاز بهدف الحصول على طاقة نظيفة غير محدودة، يمكن تحويلها إلى كهرباء. يعتمد الجهاز على مبدأ الاندماج النووي، وهو التفاعل الذي يحدث طبيعياً داخل نوى النجوم، وهذا سبب تسميته بالشمس الاصطناعية.
الاندماج النووي
تنتج الشمس في مجموعتنا الشمسية الطاقة من خلال تفاعل «الاندماج النووي»، حيث تتصادم ذرات الهيدروجين مع بعضها بعضاً وتندمج نواها في درجات حرارة عالية للغاية، تبلغ نحو 15 مليون درجة مئوية، وتحت تأثير الجاذبية الهائل. يندمج 600 مليون طن من الهيدروجين لإنتاج الهيليوم كل ثانية. أثناء هذه العملية، يتحول جزء من كتلة ذرات الهيدروجين إلى طاقة.
يمكن الاستفادة من تفاعلات الاندماج النووي في إنتاج مستويات عالية جداً من الطاقة دون توليد كميات كبيرة من النفايات النووية، أو التسبب في حدوث كوارث بيئية، ويحاول العلماء إتقانها منذ عقود.
يتم الحصول على الطاقة النووية حالياً من عملية الانشطار النووي، وتنتج الطاقة منها عن طريق تقسيم نواة ذرة ثقيلة إلى نواتين أو أكثر لذرات أخف وزناً، أي بعكس عملية الاندماج، لكن الانشطار أسهل، وفي المقابل يولّد كميات هائلة من النفايات.
اقرأ أيضاً: المسرّعات المستخدمة في تجارب الأسلحة النووية تقود لعلاج جديد للسرطان
شمس الصين الاصطناعية
للحصول على الطاقة النظيفة من مفاعل الاندماج النووي، أنشأت الصين مشروع إيست» (EAST)، بتكلفة تجاوزت الـ 700 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 945 مليار دولار أميركي)، وستستمر التجارب حتى يونيو/ حزيران من العام الجاري (2022).
أعلن «قونغ شيانزو»، باحث في معهد فيزياء البلازما التابع لأكاديمية العلوم الصينية (ASIPP) والمسؤول عن التجربة، أن المفاعل -الواقع في مدينة «خفي» عاصمة مقاطعة آنهوي بشرق الصين- أنتج درجة حرارة تصل إلى 70 مليون درجة مئوية لمدة 1056 ثانية، في أحدث تجربة يوم الخميس الماضي، وهي أطول فترة تشغيل من نوعها في العالم.
الهدف النهائي من التجارب هو إحداث تفاعل اندماج نووي باستخدام الديوتيريوم -أحد نظائر الهيدروجين- الموجود في البحر لتوفير تيار مستمر من الطاقة النظيفة. وتُعتبر طاقة الاندماج "الطاقة النهائية" المثالية لمستقبل البشرية لأن المواد الخام المطلوبة لها غير محدودة على الأرض، على عكس موارد الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، المعرضة لخطر الاستنفاد، ناهيك عن خطورتها على البيئة.
إيست EAST هو واحد من ثلاثة مفاعلات رئيسية تعمل في الصين، ويقع مفاعل الاندماج الثاني "إتش إل- تو إم توكاماك" (HL-2M tokamak)، في مدينة تشنغدو جنوب غرب الصين، وقد استطاع الوصول لدرجة حرارة 120 مليون درجة مئوية لمدة 101 ثانية و160 مليون درجة مئوية لمدة 20 ثانية في تجربة أُجريت في شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2020. أما المفاعل الثالث "جي- تيكست" (J-TEXT) فهو موجود في مدينة ووهان بوسط الصين.
على الرغم من جميع الأبحاث والدراسات التي قام بها العلماء في تكنولوجيا مفاعل الاندماج النووي، إلا أن إنتاج الطاقة النظيفة عبره لايزال قيد التجارب في المختبرات فقط، ويحتاج نحو 30 عاماً على الأقل كي يخرج من المختبرات.
اقرأ أيضاً: سيناريوهات النهاية: ماذا يحدث عندما ينفد وقود الشمس؟
المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي
تعد تجربة «إيست» جزءاً من منشأة المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي "إيتر" (ITER)، الذي يُبنى حالياً في فرنسا، وهو مشروع علمي عالمي كبير يأتي في المرتبة الثانية بعد محطة الفضاء الدولية من حيث الحجم، ويتم إنشاؤه بالاشتراك مع الصين والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا والولايات المتحدة الأميركية. يعتبر نجاح التجربة مهماً للاستخدام السلمي المستقبلي للاندماج النووي.
الهدف من إيتر هو تحديد الجدوى التقنية والاقتصادية للاندماجر النووي كمصدر للطاقة على نطاق واسع دون انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل بحلول عام 2025، وسيكون أكبر مفاعل في العالم بمجرد اكتماله.