تحرص إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) دوماً إلى الحفاظ على سلامة الطيران في السماء، وقد زادت صعوبة هذه المهمة خلال السنتين الماضييتين. حيث أضافت الإدارة عدداً كبيراً غير مسبوقٍ من الطيارين، إذ سجلت 770000 مشغل طائرة بدون طيار، وهو رقمٌ أكبر بـ 200000 من مجموع شهادات الطيارين المسجلين في عام 2016، والبالغ 584000 شهادة. وكما هو متوقع، يؤدي ازدياد عدد الناس المشغلين للآلات الطائرة إلى ازدياد عدد مشاهدات الطيارين للأجسام الغريبة الطائرة.
وعلى الرغم من ازدياد عدد الطائرات بدون طيار في سماء الولايات المتحدة بمئات الآلاف، لم يتغير عدد مواجهات التصادم الوشيكة بين الطائرات المأهولة والطائرات بدون طيار. أصدرت أكاديمية نماذج الطيران (AMA) -المنظمة التي تأسست في عام 1936 للهواة- تقريراً عن حالات التصادم الوشيك المسجلة بين الطائرات المأهولة والطائرات بدون طيار. بالنظر إلى البيانات التي جمعتها ونشرتها إدارة الطيران الفيدرالية، وجد تقرير أكاديمية نماذج الطيران بأنه من أصل 1270 مشاهدة لطائرة بدون طيار في شهر فبراير 2017، كانت هناك 44 حالة تصادم وشيك فقط، أي ما يعادل نسبة 3.4% فقط. إضافةً إلى ذلك، تتوافق هذه النتيجة مع بيانات عامي 2015 و2016، حيث بلغت نسبة حالات التصادم الوشيك 3.3 و3.5 من إجمالي عدد المشاهدات.
قال ريتشارد هانسون، رئيس أكاديمية نماذج الطيران، مازحاً: "سابقاً في السبعينات والثمانينات، كان كل مايراه الطيارون هو الأجسام الطائرة المجهولة (يوفو). واليوم، كل مايرونه هو الطائرات بدون طيار. أصبحت الطائرات بدون طيار هي يوفو اليوم".
تأتي هذه التقارير من الطيارين، ومن المحتمل أنهم، ومنذ عام 2010، يستخدمون عبارة طائرة بدون طيارٍ للإشارة إلى أي جسمٍ طائرٍ لا يستطيعون تمييزه، الأمر الذي يشابه ما أُطلق عليه سابقاً اسم "يوفو". بالإضافة إلى الطائرات بدون طيار، تحوي التقارير التي وصلت إلى إدارة الطيران الفيدرالي على: المناطيد، الطيور، الطائرات الورقية، المظلات البحرية وحتى الفقاعات.
في عام 2015، نشرت إدارة الطيران الفيدرالي هذه البيانات لأول مرة تحت عنوان "ازدياد عدد تقارير الطيارين للتصادمات الوشيكة مع الطائرات بدون طيار في 2015"، وهو ما أدى إلى اقتران تعريض الطائرات إلى الخطر بمجرد مشاهدة طائرةٍ بدون طيار. لكن وكما استنتجت أكاديمية نماذج الطيران خلال تفحصها للمعطيات، كانت معظم الطائرات بدون طيار ملتزمةً بالقانون وقواعد إدارة الطيران الفيدرالي، مثل تحليق المروحية الرباعية على ارتفاع 60 متراً، أي تحت الحد المسموح الذي يبلغ 121 متراً. حيث تحلق الطائرات المأهولة على ارتفاع 152 متر فما فوق، لذا هناك هامش أمان بمسافة 31 متر بين الارتفاعين.
يشجع هانسون على البرامج الشبيهة بحملة التوعية "اعرف قبل أن تحلق" لأكاديمية نماذج الطيران، وذلك من أجل الحفاظ على نسبة فعلية منخفضة من التصادمات الوشيكة. قال هانسون: "إن أكثر وسيلةٍ فعالةٍ لهذه المسألة هي التعليم. وإن معظم المشاهدات للتجاوزات التي قام بها الناس كانت بسبب عدم معرفتهم بخطأ ما يقومون به. طبعاً هناك بعض الأشخاص المستهترين، والذين لا يخلو منهم أي مجتمع".
يعتبر تحليق نماذج الطائرات هوايةً انطلقت مع بدايات اختراع الطيران، وكانت محكومةً بالمجتمع ومنظمات الهواة. ومع تطور الطائرات بدون طيار الرخيصة، طلب الكونغرس من إدارة الطيران الفيدرالية تحويل توجيهات وإرشادات نماذج الطائرات إلى قوانين للطائرات بدون طيار، الأمر الذي استغرق عدة سنوات. في هذه الأثناء، ظهرت أكاديمية نماذج الطيران لتدافع عن حقوق كلٍ من مستخدمي نماذج الطائرات التقليديين والمستخدمين الجدد لأغراض الترفيه، والذين قد يشترون مروحية رباعية لمجرد التقاط صور السيلفي.
إضافةً إلى متعة المستخدمين الحاليين، يرى هانسون بأن نماذج الطائرات والطائرات بدون طيار جزءٌ مهمٌ من صناعة الطيران. يقول هانسون: "إن تشغيل الطائرات بدون طيار لهو نشاطٌ مهمٌ لربط الناس بهذه الصناعة، إضافةً إلى وجود عدة مناحٍ فيها، هي؛ الطيران، وعلوم الحاسوب، والروبوتات. كما أننا نستخدم نماذج الطائرات والطائرات بدون طيار في أنحاء البلاد كأدواتٍ تعليميةٍ ضمن مناهج العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والهندسة".
لكن إذا قام كل من يشاهد طائرةً بدون طيار بالتبليغ عنها كخطرٍ محتمل، حتى ولو كان تحليقها قانونياً، فمن الصعب اعتياد جميع الناس على هذه الهواية، وسيحد ذلك من استخدام مشغلي الطائرات بدون طيار الملتزمين بالقانون. كان هذا أحد البواعث وراء تحليل أكاديمية نماذج الطيران لتقرير إدارة الطيران الفيدرالية. يقول هانسون: "كنا نشجع إدارة الطيران الفيدرالية على القيام بتحليلها الخاص للبيانات قبل نشرها، من أجل وضعها ضمن سياقها الصحيح. لكنني أعتقد بأن الإدارة محدودة الموارد للقيام بمثل هذا التحليل، لذا أخذنا على عاتقنا القيام بهذه المهمة، ونحن نقوم بتحليل التقارير ضمن سياقها الصحيح".