يفترض معظم العدائين الجدد أن أفضل طريقة لتحسين لياقتهم هي ببساطة الجري لمسافات طويلة. وفي حين أنه من الصحيح أن قطع مسافات أكبر سيحسن مهارات الجري لديك، فإن معظم المدربين ينصحون بمستوى معين من تمارين القوة أيضاً. ومن الاقتراحات الشائعة التركيز على تمارين وسط الجسم. ويبدو أن دراسة حديثة تدعم هذا الأمر. ففي مجلة الميكانيكا الحيوية، قام الباحثون بتحري الأعراض التي طالما حيرت العدائين على اختلافهم، من المبتدئين إلى عدّائي النخبة، فهناك شريحة جيدة من العدائين، تمثل 14٪ على وجه الدقة، تعاني من الآلام المزمنة لأسفل الظهر. ويبدو أن نتائج الدراسة الجديدة تشير إلى أن اللوم يقع على ضعف العضلات العميقة لمنطقة وسط الجسم. فقد وجدت الدراسة أنه عندما لا تكون هذه العضلات قوية بما فيه الكفاية، فإن عضلات المناطق الأخرى من الجذع تبدأ بالتأثير للحفاظ على انتصاب جسم العدّاء، ما يؤدي في النهاية إلى آلام الظهر.
ولفهم الدور الذي تلعبه هذه العضلات، اعتمد الباحثون على ثمانية متطوعين يملكون الحد الأدنى من خبرة الجري على مسار داخلي. وقامت الكاميرات عالية السرعة وكشافات الحركة ثلاثية الأبعاد بتحليل أي من العضلات تحركت، ومقدار حركتها. وبمجرد قيامهم بإنشاء نموذج حاسوبي عملي لكل عدّاء، قام العلماء بمحاكاة ما سيحدث عندما تكون عضلات عميقة معينة أضعف، أو متوقفة عن العمل تماماً. وبحسب ما تبيّن، فعندما لا يستطيع شخص ما استخدام العضلات العميقة للمنطقة الوسطى من الجسم بشكل جيد، فإن جسمه سيبقى بحاجة للحفاظ على وضع جيد للجري، ويستخدم العضلات السطحية للقيام بذلك.
في حين أن العضلات السطحية غالباً ما تُستهدف في التدريبات، وهي التي تمنحك عضلات البطن المقسمة، فهي رغم كل هذا عديمة الفائدة عندما يتعلق الأمر بدعم عمودك الفقري. العضلات الأعمق للمنطقة الوسطى للجسم، والتي تقع في الطبقات العميقة ولا يمكن رؤيتها من الخارج، هي التي يقع عليها كل عبء رفع العمود الفقري.
عندما تقطع أميالاً من مسار الجري مرة واحدة، فأنت تسبب الكثير من الضغط على عمودك الفقري. وإذا كنت تملك عضلات عميقة قوية في المنطقة الوسطى من جسمك، فلن يكون هناك مشكلة. أما إذا لم تكن تملك هذا العضلات القوية، فإن الجري يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى آلام مزمنة في الظهر. وقد وجد الباحثون أنه عندما خففوا قوة العضلات العميقة للمنطقة الوسطى من الجسم إلى أقل حد ممكن في محاكاتهم، زاد الحمل على كل فقرة، بنسبة تصل إلى 19 في المائة غالباً. ومن السهل أن ندرك كيف أن هذا النوع من الضغط يمكن أن يتحول إلى مشكلة كبيرة مع مرور الزمن.
إذا كنت تحدق بفزع في عضلات بطنك عديمة الفائدة، فلا داعي للخوف أبداً. يمكنك بسهولة أن تبرز شكل العضلات العميقة للمنطقة الوسطى من الجسم أيضاً. ويلاحظ المؤلفون أنه في حين أن العديد من تمارين البطن الأكثر شعبية، كتمارين المعدة أو غيرها من التمارين التي تنطوي على مجموعة كبيرة من الحركة، هي عديمة الفائدة للعضلات العميقة لوسط الجسم، فإن التمارين الثابتة كتمارين الارتكاز على المرفقين أو الجسور الجانبية ذات فائدة كبيرة.
من المهم أن نلاحظ أنه حتى عندما تجعل هذه العضلات قوية جداً، فلن تلاحظ نتائج مرئية على الأرجح. فهي لن تمنحك عضلات بطن متماسكة. ولكن من المحتمل أن تساعدك على الجري بشكل أفضل، وبالتأكيد ستساعد في منع احتمال آلام الظهر المزمنة والمنهكة. لذلك قم ببعض تمارين الطحن لشد البطن، أو بعض تمارين الارتكاز على المرفقين، أو كليهما معاً.