ما أن تجاوزت الساعة السابعة، صباح الثالث من سبتمبر 2016، حتى بدأت الأرض تهتز في باوني بولاية أوكلاهوما. تساقطت البضائع من أرفف محلات البقالة، وهبطت واجهات الحجر الرملي على الأرض.
لقد كان الزلزال الأكبر في تاريخ أوكلاهوما، بدرجة 5.8. وتقاس قوة الزلزال بحجم الطاقة التي يطلقها مصدر الزلزال. وقد شهدت أوكلاهما زيادة خطيرة في أعداد الزلازل خلال السنوات الماضية. وهي زيادة تعزى إلى أن شركات الغاز والنفظ تقوم بإعادة حقن الماء الناتج عن عمليات الحفر إلى الأرض مرة أخرى. وقد ربط علماء الجيولوجيا هذه الممارسة بمئات الزلازل في مختلف أنحاء الولاية.
وبعد حدوث الزلزال مباشرة، أمر المسؤولون في الولاية مشغلي آبار النفط في المنطقة المجاورة بإيقاف عمليات الحفر. ومع أن السبب الحقيقي للزلزال بقي غير محدد، فإن لدى الجيولوجيين الآن طرف خيط لحل هذا اللغز.
في دراسة نشرت في مجلة رسائل أبحاث علم الزلازل Seismological Research Letters في أبريل 2017، جمع الجيولوجيون بيانات من آبار الحقن في المنطقة، وقاموا باستخدام نماذج حوسبة لمعرفة كيفية تأثير الماء المحقون تحت سطح الأرض في حدوث الصدوع الرئيسية.
تقوم شركات النفط والغاز في المنطقة عادة بحقن مياه الصرف في طبقة من الصخور نفيذة للسوائل، تتوضع عند قمة أكثر طبقات الغرانيت صلابة. وقد كان الغرانيت الصلب يحتوي على الصدع الذي انزلق وتسبب بزلزال باوني. وكان الباحثون يعلمون أن ضخ الماء تحت الأرض يزيد من كمية الضغط تحت الأرض ويضيف حملاً إضافياً على الصدع.
يقول أندرو باربور، المؤلف الرئيسي للدراسة والباحث في الماسح الجيولوجي الأمريكي: "عندما يزداد ضغط السوائل، يتزعزع استقرار الصدع، وفي النهاية يحدث الزلزال قبل الوقت المفترض لحدوثه بشكل طبيعي. وما قمنا بإظهاره في الدراسة بالإضافة إلى زيادة ضغط السوائل عند الصدع، هو معدل الحقن الذي يزيد هذا التأثير". وجد باربور وزملاؤه أنه وقبل ثلاثة أعوام من زلزال 2016، أي في عام 2013، بدأت عدة آبار تزيد من سرعة حقن مياه الصرف. ولم يكن باربور متأكداً من السبب الذي يدعو لتسريع هذا العمل في الآبار، ولكن نموذجه الحاسوبي أظهر أن هذه السرعة قد تكون أدت إلى حدوث الزلزال أسرع مما كان متوقعاً.
يقول باربور: "إن معدل حقن حجم ثابت من المياه يؤثر على النتيجة النهائية، ويصبح التغيير في الإجهاد المطبق على طول الصدع أقوى وأسرع عندما يتم الحقن بسرعة أكبر". وبحسب باربور فقد لعبت المعدلات الثابتة لحقن السوائل في الآبار الأخرى في المنطقة قبل عام 2013 دوراً في ذلك أيضاً. وأظهر النموذج الحاسوبي أنه وبينما تساعد مواقع الحقن الأكثر ثباتاً في زيادة الإجهاد مع مرور الزمن، فإن الزيادة المفاجئة ثم الزيادة الحادة في معدلات الضخ في الآبار الأكثر تغيراً تساعد في استثارة النظام الزلزالي.
ويدرس الباحثون الأحداث المشابهة لزلزال باوني، من أجل فهم أفضل لكيفية حدوث الزلازل التي يحفز الإنسان حدوثها. وتقوم بعض المجموعات بنشر حساسات إضافية لقياس الزلازل المستقبلية. ويتطلع الباحثون من أمثال باربور إلى نماذج حاسوبية وفيزيائية لفهم الكيفية التي يتسبب بها النشاط البشري بهذه الكوارث، وكيف يمكن تحديد علامات تحذير من الكوارث المحتملة.