يبدو الأمر كامرأة بحجم التيرانوصور ريكس (أضخم حيوان عاش على الأرض) عليها أن تتجاوزك. وهي تملك رأساً كبيراً وذراعين صغيرين، ولكنها ما تزال تملك من المغامرة ما يدفعها بين الأدغال. ومع الأسف، فإن نوعية السباق الذي تجيده لا تتوافق مع المعدل البشري، على الأقل على المدى القصير.
تأتينا هذه المعلومات من دراستين عن سرعة العدو عند التيرانوصور ريكس، نشرتا في يوليو 2017. الأولى، -ونشرت في مجلة بيرجي- قامت بتطوير نموذج آلي لمعرفة كيف تستطيع الديناصورات القيام بالعدو السريع. أما الدراسة الأخرى المنشورة في مجلة "الطبيعة-علم البيئة والتطور"، فقامت بإنشاء نموذج حسابي لحوالي 500 حيوان لتفسير سبب عدم كون الحيوانات الضخمة هي الأكثر سرعة. هل كان يتوجب على المؤلفين أن يشملوا في دراستهم الديناصورات التي لا نستطيع جمع بيانات بشأنها؟ لا، ولكن الأهم من ذلك، أن هذه الدراسات وفرت وسيلة للتنبؤ بالسرعة القصوى للأنواع المنقرضة.
يبدو من المنطقي أن تكون الحيوانات الأكبر هي الأسرع، فهي تملك أكبر العضلات. ولكن الأمر غير ذلك. فالفهد يتصدر قائمة الحيوانات السريعة بسرعة تصل إلى 113 كم/ساعة، مع أنه أصغر بكثير من الحيوانات الأكثر ضخامة. أما الحيوانات الأكثر ضخامة فيتضح ببساطة أنها لا تستطيع الوصول إلى السرعات الشديدة التي تؤهلها لها عضلاتها نظرياً، فهي تنهَك قبل الوصول إلى هذه السرعات بوقت طويل. وتملك ساق الفيل الحجم الأكبر من العضلات سريعة الانقباض(وهي العضلات التي تساعد في العدو السريع) ،ولكن الفيل يستنفد الأوكسجين قبل أن يصبح قادراً على استخدام هذه العضلات على النحو الأمثل.
وهذا هو السبب الذي يجعل السرعة القصوى للتيرانوصور ريكس حوالي 19.3 كم/ساعة في الساعة. هذا ما تنبأ به النموذج الآلي، معتبراً أن مثل هذه السرعة ستكون مجرد مشي سريع بالنسبة للمرأة الضخمة المذكورة في مثالنا. و سيضع العدو الحقيقي أحمالاً عالية على هيكل الديناصور، وهذا ما يجعله على الأرجح يلتزم المشي السريع. أما النموذج الرياضي في الدراسة الأخرى، فقد قام بحساب سرعة قصوى أعلى قليلاً تبلغ حوالي 27 كم/ الساعة. ومن المؤكد أن العدّاء في المدرسة الثانوية قد يفوز بالتقدير الأدنى، ويمكن للعدائين المحترفين أن يحصلوا على المعدل الأعلى. أما يوسين بولت (أسرع عداء في العالم) فلن يجاريه أحد بسرعته القصوى البالغة 44.7 كم/ساعة. هذا كل شيء على المدى القصير. ولكن ماذا سيحدث لو كان السباق مع التيرانوصور ريكس ماراثوناً وليس سباق عدو للمسافات القصيرة؟ حتى يوسين بولت لن يستطيع الحفاظ على سرعته القصوى إلى الأبد.
للتأهل إلى ماراثون نيويورك لعام 2017 يفترض أن تتجاوز سرعتك 14.4 كم/ساعة، وهو ما سيجعلك لقمة سائغة إذا قرر التيرانوصور ريكس أن يكمل السباق. فحتى أفضل عدائي الماراثونات على مستوى العالم سيكون لديهم وقت حرج أثناء السباق. فقد كان الزمن الذي قطع به الفائز بالماراثون عام 2016 هو 2:07:51، والذي يعني سرعة تصل إلى 19.95 كم/ساعة. وهذه هي السرعة التي سيعدو بها التيرانوصور خلفك. أما التيرانوصور الأقل سناً فسيجري بسرعة أكبر، باعتبار أن حجمه الأصغر سيزيد من سرعته.
أما الديناصورات من نوع فيلوسيرابتور (الممسك السريع)، فليس عندها أدنى مشكلة في التغلب على يوسين بولت، وسيكون بإمكانها أن تعدو بسرعة حوالي 55 كم/ساعة، وذلك بفضل كتلة جسمها الصغيرة وساقيها الرشيقتين، وهذا وفقاً للبحث الجديد. أما الديناصورات من نوع براكيوصور فبإمكان أي شخص أن يتغلب عليها، فهي تتحرك بسرعة قصوى لا تتجاوز 12 كم/ساعة.
ولهذا، فربما ليس بإمكان التيرانوصور ريكس العدو السريع، ولكنه يستطيع في المشي السريع أن يتغلب على عدائي الماراثونات لأي مسافة طويلة. ولهذا ربما ما يزال علينا أن نحترمه. فكر بعدد الخطوات التي عليك أن تخطوها لتعادل واحدة من خطواته العملاقة. وربما لا يمكنه الانطلاق بسرعة عند نقطة البداية، ولكنه فور وصوله إلى وتيرة سرعته القصوى فاعلم أنه سيدركك ويأكلك.