شارك
الرئيسية
3 دقائق 
تنتشر الفطريات في كل مكان تقريباً فوق سطح الأرض، فهي موجودة في التربة والبحار والأنهار والغابات وفوق الجبال والصخور والهواء، وفي الطعام الذي نتناوله، وتُصنع الكثير من الأدوية اعتماداً على بعض المواد التي تفرزها الفطريات، كما أن هذه الكائنات يمكنها أن تتكيف في الأماكن التي تسودها ظروف قاسية. إضافة إلى ذلك كله، تعيش الفطريات داخلنا، حيث تشكل الفطريات والبكتيريا والميكروبات الأخرى نحو 53% من الجسم البشري الذي يصل متوسط وزنه إلى 70 كيلو جرام نحن البشر.
ما هي الفطريات؟
الفطريات هي كائنات حقيقية النواة، بمعنى أنّ خلاياها تحتوي على نواة. كانت في البداية تنضوي تحت ظل لمملكة النباتية حتى تم فصلها في مملكة الفطريات الخاصة بها والتي تضم ما يزيد عن 144 ألف نوع. وتتمتع هذه الكائنات بالتنوع، فهناك أنواع لا تُرى إلا من خلال المجهر، وأخرى يمكن رؤيتها بالعين المجردة. وهناك أنواع أحادية الخلية وأخرى متعددة الخلايا، ومنها الضار ومنها النافع، ما يجعل الفطريات مملكة مميزة، فيها تنوع كبير.
اقرأ أيضاً: الفطريات القديمة قد تكون سبباً في ظهور أشكال الحياة المعقدة
بداية الفطريات
يرجع تاريخ أقدم حفرية في العالم إلى 800 مليون سنة مضت. بينما عثر الباحثون على شيء يشبه الفطريات يعود تاريخه إلى 2.4 مليار عام. ويُظهر التاريخ التطوري أنّ الفطريات قد انفصلت عن الحيوانات منذ مليار سنة. كان ذلك في الوقت الذي كانت فيه الحياة مقتصرة على المحيطات فقط. ثم بدأت الفطريات في الانتقال نحو الشاطئ. وارتبطت حياتها بحياة النباتات البرية الأولى وعاشت معها في علاقة تكافلية مستمرة حتى الآن، فقد اتضح أنّ 92% من أنواع النباتات التي نعرفها اليوم ترتبط مع الفطريات، حيث توفر الفطريات المعادن المغذية للنباتات مقابل السكريات التي تنتجها النباتات من خلال عملية التركيب الضوئي. لذلك ارتبطت الفطريات بالمملكة النباتية لفترة زمنية طويلة.
على الرغم من أنها كائنات عاشت على الأرض منذ ملايين السنين، إلا أنها ظلت فرعاً من النباتات حتى أدرك العالم أهميتها وأعداد أنواعها الكثيرة جداً، فتم فصلها عام 1969 وصارت مملكة مستقلة مثل المملكة النباتية والحيوانية.
اقرأ أيضاً: نوع من الفطريات تهدد وجود الموز
أهمية الفطريات في حياتنا
يعتقد أغلب الناس أنّ الفطريات كائنات حية مؤذية، تسبب الأمراض وتعفن الغذاء، ولكنها في الحقيقة مهمة لحياة البشر، ويتضح ذلك من استخداماتها الآتية:
مبيدات حشرية طبيعية
تندرج بعض أنواع الفطريات في قائمة مسببات الأمراض لأنواع محددة من الآفات، ما يجعلها درعاً وقائيّاً فعّالاً ضد الآفات الضارة. والمميز في الأمر، أنّ هذه الفطريات متخصصة، أي أنها لا تهاجم النباتات أوالحيوانات، بل تستهدف الآفات فقط، ما يجعلها اختياراً مثالياً لصناعة المبيدات الحشرية.
تحسين جودة الزراعة
تحتاج أغلب النباتات للفطريات حتى تستطيع الحفاظ على حياتها، فهناك علاقات وثيقة بين الفطريات وجذور بعض النباتات تعرف بالتكافل، وبدون الفطريات قد يموت ما بين 80 - 90% من الأشجار والنباتات. وتستخدم لقاحات الفطريات في تغذية وتهوية التربة، وتتوفر في العديد من المتاجر الآن.
طعام الإنسان
يتغذى الإنسان على بعض أنواع الفطريات، أشهرها فطر عيش الغراب المشهور بـ (المشروم)، كما تنمو العديد من الفطريات في الجبن وتمنحه نكهة مميزة. تُستَخدم الفطريات أيضاً في صناعة خميرة الطعام المستخدمة في صناعة المخبوزات.
الأدوية
تستخدم المضادات الحيوية المستخرجة من بعض أنواع الفطريات في صناعة المضادات الحيوية التي تقضي على البكتيريا، كما تُستخرج منها بعض الأدوية المهمة أبرزها (السيكلوسبورين)، وهو دواء مُثبط للجهاز المناعي، وهذا مفيد في عمليات زراعة الأعضاء.
التحلل الحيوي
تعمل العديد من الفطريات كمحللات طبيعية، حيث يختص بعضها بتحليل بقايا النباتات والحيوانات الميتة إلى عناصرها الأولية، ثم تُضاف هذه العناصر إلى التربة من جديد، وتستطيع الفطريات أيضاً تفكيك المركبات غير القابلة للذوبان في الماء إلى جزيئات أصغر قابلة للذوبان في الماء، ثم تدفعها إلى التربة والمياه، فتستخدمها الكائنات الحية من جديد وتستفيد منها.
على الرغم من انتشار الفطريات في كل مكان، وتأثيرها الفعّال على البشر والحياة عموماً فوق سطح الأرض، إلا أنّ أغلب الناس لا يعرفون عنها إلا أنها أحد مسببات الأمراض الخطيرة التي يجب تجنبها. والحقيقة أنها تلعب دوراً حيوياً لا يستهان به في النظام البيئي الذي يضم كل أنواع الحياة على سطح الأرض. ومن الضروري توعية الناس بأهميتها ودورها في الحفاظ على الحياة.