كيف تساعد دراسة الدببة القطبية في حدائق الحيوان على إنقاذها في القطب الشمالي؟

4 دقائق
ما تأثير دراسة الدببة القطبية في حدائق الحيوان على تحسين حياتها في البرية؟
دراسة الدببة القطبية في حدائق الحيوان قد تساعد في الحفاظ على تلك الموجودة في البرية. حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.

يمكن أن يصل طول الدببة القطبية إلى 2.4 متراً، ووزنها إلى 771 كيلوغراماً، وهي أكبر الثدييات البرية آكلة اللحوم على هذا الكوكب. لطالما حاول الباحثون فهم هذه الحيوانات المفترسة، لكن معظم الدببة القطبية البرية تعيش في مواطن يصعب الوصول إليها، شمال الدائرة القطبية الشمالية. لحسن الحظ، لا يضطر العلماء للذهاب إلى القطب الشمالي للعثور على هذه الدببة، إذ يمكن إيجادها في حدائق الحيوان المحلية.  

الفائدة التي تقدمها دراسة الدببة في الأسر

في حين أن سبب وجود هذه الدببة المحتجزة قد يكون الترفيه والتعليم في المقام الأول، وهو الأمر الذي يثير استياء جماعات حقوق الحيوان، إلا أن مجموعة من العلماء تريد دراستها للمساعدة في إنقاذ الدببة القطبية البرية من التهديدات المختلفة، مثل ارتفاع درجات الحرارة. منذ عام 2018، قام «مجلس أبحاث الدببة القطبية»، بالشراكة مع جمعية حدائق الحيوان وحدائق الأحياء المائية ومشروع «خطة بقاء الأنواع» بدراسة الدببة القطبية في الأسر للمساعدة في الحفاظ على هذا النوع في البرية. في 26 يناير/كانون الثاني 2022، نشر مجلس أبحاث الدببة القطبية الخطة الرئيسية لأبحاث الدببة القطبية لعام 2022، والتي حُددت فيها الأبحاث القائمة حالياً، وأهداف المجلس في المستقبل.    

وفقاً لـ «تيري روث»، الرئيسة المشاركة للجنة التوجيهية في مجلس أبحاث الدببة القطبية، ونائبة رئيس الحفظ في حديقة الحيوان والحديقة النباتية في سينسيناتي، يمكن أن توفر حدائق الحيوان للباحثين إمكانية وصول أسهل إلى الدببة القطبية بهدف جمع بيانات أكثر بكثير من تلك التي يمكن جمعها بإجراء الدراسات في المناطق النائية من القطب الشمالي.

تعيش الدببة القطبية البرية غالباً في ألاسكا وروسيا وكندا وغرينلاند والنرويج، حيث تكون ظروف الطقس قاسية على البشر. يمكن أن يجعل أسلوب حياة هذه الدببة الانفرادي، بالإضافة إلى قوتها وضراوتها وعدم شعورها بالأمان حول البشر، دراستها أمراً صعباً وخطيراً بالنسبة لباحثي الدببة القطبية. بينما توفر دراسة مجموعات الدببة القطبية في البرية رؤى لا تقدر بثمن، فإن الرحلات الاستكشافية باهظة الثمن، ولا يتمكن الباحثون فيها من رصد الدببة بكثرة. لكن حدائق الحيوان تقدم بديلاً مناسباً وغنياً بالبيانات. يمكن للعلماء الوصول بسهولة إلى التاريخ الطبي الكامل للدببة ومراقبة سلوكها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع على مدار سنوات عديدة.      

تقول روث: «إنها فرصة رائعة لجمع البيانات التفصيلية والعينات البيولوجية، والتي يكون جمعها صعباً في البرية». من الواضح أن الدببة الموجودة في الأسر مختلفة تماماً عن الدببة البرية، وهذا شيء يجب على الباحثين أخذه بعين الاعتبار. مع ذلك، تقول روث إن الاختلافات بين المجموعتين يمكن الاستفادة منها.  

تقول روث: «[الدببة القطبية الأسيرة] يمكن أيضاً أن تمثّل مجموعات معيارية إلى حد ما، اعتماداً على موضوع البحث». على سبيل المثال، فكرت روث وزملاؤها في النظر في تعرض الدببة القطبية البرية لسموم وملوثات معينة مع استخدام عدد من الدببة في حدائق الحيوانات كمجموعة معيارية تتم المقارنة بها لفهم حالة الدببة غير المتعرضة لهذه السموم والملوثات. 

مع ذلك، تقول روث إن حدائق الحيوان غالباً ما تحتاج إلى إرشادات لتحديد الدراسات التي يجب متابعتها.  

تقول روث: «في كثير من الأحيان، يكون من الصعب على حدائق الحيوان تحديد المشاريع البحثية التي ينبغي أن تشارك فيها. في كثير من الأحيان، يكون هناك عدد كبير من الطلبات، وليس لدى طاقمنا الكثير من الوقت».  

اقرأ أيضاً: هذا الدب الجائع أوشك على افتراسي في جرينلاند

الصعوبات التي تعيق عمليات التتبع في البرية

تقول روث إن التقرير الأخير هو بمثابة دليل من جهة خارجية يساعد حدائق الحيوان في منح الأولوية للأبحاث التي يعتبرها مجلس أبحاث الدببة القطبية الأهم في هذا المجال. يُراجع المجلس مقترحات العلماء، ويدعم المشاريع التي تتناول تلك المجالات البحثية الأساسية، مثل تقنيات مراقبة وإدارة الدببة القطبية في الميدان، والبيئة الفيزيولوجية والسلوكية، والتكاثر. تقول روث إنه من المرجح أن تشارك حدائق الحيوان في الدراسات التي يدعمها المجلس.  

ما تأثير دراسة الدببة القطبية في حدائق الحيوان على تحسين حياتها في البرية؟
يتم تثبيت أجهزة التعقّب هذه على فرو الدببة القطبية. حقوق الصورة: 3 إم.

إحدى هذه الدراسات هي مشروع «أشواك على فراء»، وهو مبادرة بين منظّمة «الدببة القطبية العالمية»، وهي منظمة داعمة لمجلس أبحاث الدببة القطبية، وشركة «3 إم» لتطوير تقنية جديدة لتتبع الدببة القطبية في البرية. حالياً، تعد أطواق الأقمار الصناعية التي تُثبّت حول أعناق الدببة القطبية أكثر تقنيات التتبع شيوعاً. تسمح هذه الأجهزة للباحثين بجمع بيانات عن حركات وأنشطة الدببة القطبية البرية، مثل مدة سباحتها. مع ذلك، لا يمكن وضع الأطواق إلا على الإناث البالغات، ما يستثني الذكور والأحداث من مجموعة البيانات.   

يقول «جيف يورك»، كبير مديري الحفظ في منظمة الدببة القطبية العالمية: «أعناق الذكور البالغين أكبر من رؤوسهم، فهي في الأساس مخروطية الشكل، والأطواق تسقط بسهولة شديدة عنها». لا يمكن للباحثين أيضاً أن يضعوا الأطواق على الدببة اليافعة لأن حجمها يزيد بسرعة كبيرة. هناك أيضاً مجموعات من السكان الأصليين في القطب الشمالي تنظر إلى هذه الياقات على أنها مهينة. تُعد علامات الأذن طريقة أخرى لتتبع الدببة البرية، ولكنها تتطلب إحداث ثقب في الأذن. يوضح يورك أنه من الصعب إزالة هذه العلامات دون التسبب بالأذى للدببة.  

أجهزة تعقب آمنة

لحل هذه المشكلات، طورت منظمة الدببة القطبية العالمية وشركة 3 إم العديد من أجهزة التعقب الخاصة بها، والتي تعمل بمساعدة الأقمار الصناعية، والتي يمكن أن تلتصق بفراء الدب القطبي، مثلما تعلق أشواك النباتات بالملابس أو فراء الحيوانات. بهذه الطريقة، لن تؤذي أجهزة التتبّع الدببة، كما يمكن استخدامها على الدببة بمختلف أحجامها. حتى الآن، نشر الباحثون 17 علامة على الدببة البرية في منطقة خليج «هدسون» في كندا، واختبروها على الدببة القطبية في 9 حدائق حيوان مختلفة. أنجح أداة تعقب حتى الآن هي «العلامة ثلاثية الفراشي»، وهي أداة تعقب مثلثة ذات حواف مثل دفتر ملاحظات حلزوني الشكل.   

يقول يورك: «يوجد داخل اللولب في الأساس منظف أنابيب»، ويضيف: «[باستخدام] هذا الجهاز، يمكننا أن نتسبب بتشابك الفراء. يمكننا وضع هذا الجهاز على ظهر الدب، لذلك فهو لطيف ومريح». يقول يورك إن الدببة القطبية في الأسر هي عينات اختبار ممتازة لتحديد مدة بقاء الأجهزة على الدببة، لأنها أكثر إدراكاً للاضطرابات.  

يقول يورك: «[الدببة القطبية في حدائق الحيوان] لديها قدر أقل من مصادر التشتيت، ولذا فمن الأرجح أن تعرف أن هناك شيئاً ما على ظهورها، وأن تقرر ما إذا كانت تريد فعل شيء ما لمحاولة التخلص منه». يضيف يورك أن العلامات ثلاثية الفراشي بقيت على الدببة القطبية الأسيرة لمدة 14 يوماً تقريباً، وعلى الدببة القطبية البرية لمدة 52 يوماً في المتوسط. بينما ترغب منظمة الدببة القطبية العالمية في بقاء العلامات لمدة 6 أشهر، يقول يورك إنه لا يزال هناك الكثير من البيانات التي يجب جمعها خلال 52 يوماً، ولا يزال المصممون يقومون بإعداد النماذج الأولية وتعديل التصميمات.  

تقول روث: «هناك الكثير من الأبحاث العلمية الجيدة التي يتم إجراؤها على أشكال الحياة البرية في حدائق الحيوان، ولا يفكر الناس عادةً في ذلك عندما يفكرون في حديقة الحيوان المحلية»، وتضيف: «إنها حقاً فرصة جيدة للتعرف على هذه الأنواع بطرق لا يمكننا القيام بها من خلال دراسة التجمعات البرية».

المحتوى محمي