في أوائل القرن السابع عشر، اعتقد الكثير من الناس أن سرعة الضوء لا نهائية. لكن خالف غاليليو غاليلي ذلك في عام 1638، حيث أجرى تجربة هو وشخص آخر فأخذ فانوس بحيث يفصل بينهما أميال، واتفقا أنه بمجرد أن يومض أحدهم فانوس، سيومض الآخر، ثم قسم غاليليو المسافة حسب الوقت، وجد أن سرعة الضوء أكبر بـ 10 مرات على الأقل من سرعة الصوت (3.4 كم/ثانية). كانت المشكلة في هذه التجربة أنه لم يتمكن من تضمين وقت رد فعلهما وسرعة أذرعهما، ولكن على الأقل قام بقياس الحد الأدنى لسرعة الضوء.
في عام 1675، لاحظ عالم الفلك الدنماركي أولي رومر أثناء مراقبة أقمار المشتري أن أوقات كسوف أقمار المشتري تعتمد على المواقع النسبية للمشتري والأرض. إذا كانت الأرض قريبة من المشتري، فإن مدارات أقماره تتسارع، إذا كانت الأرض بعيدة عن المشتري، بدا أنها تتباطأ. استنتج أن السرعات المدارية للأقمار لا يجب أن تتأثر بالمسافة بين الأرض والمشترى، واستنتج أن التغيير الواضح يجب أن يكون بسبب الوقت الإضافي لسفر الضوء عندما كانت الأرض أبعد عن المشتري. باستخدام القيمة المقبولة آنذاك بشكل عام لقطر مدار الأرض، توصل إلى استنتاج مفاده أن الضوء سافر بسرعة 300000 كم/ثانية.
اقرأ أيضاً: هل يسير أي شيء في الكون بسرعة أكبر من سرعة الضوء؟
في عام 1728، قدر الفيزيائي الإنجليزي جيمس برادلي سرعة الضوء في الفراغ بنحو 301000 كم/ثانية. استخدم الانحراف النجمي لحساب سرعة الضوء، حيث يتسبب الانحراف النجمي في تغيير الوضع الظاهري للنجوم بسبب حركة الأرض حول الشمس. والانحراف النجمي هو تقريباً نسبة السرعة التي تدور فيها الأرض حول الشمس إلى سرعة الضوء، وبمعرفته سرعة دوران الأرض حول الشمس وبقياسه زاوية الانحراف النجمي، تمكن من حساب سرعة الضوء في الفراغ.
اقرأ أيضاً: لأول مرة يتم تصوير الضوء فوتوجرافياً كموجة وجسيم معاً
في عام 1849، قام عالم الفيزياء الفرنسي هيبوليت لويس فيزو بتسليط الضوء بين أسنان عجلة مسننة تدور بسرعة بحيث ينعكس الضوء على مرآة تبعد أكثر من 5 أميال من العجلة المسننة، وينعكس الشعاع مرة أخرى من المرآة إلى نفس الفجوة بين أسنان العجلة. هناك أكثر من مئة سن في العجلة، وتدور العجلة مئات الدورات في الثانية، لذلك كان من السهل قياس جزء من الثانية. من خلال تغير سرعة العجلة كان من الممكن تحديد السرعة التي تدور بها العجلة بسرعة كبيرة جداً بحيث لا يمر الضوء من خلال الفجوة بين الأسنان إلى المرآة البعيدة ثم العودة عبر نفس الفجوة، لقد عرف إلى أي مدى سافر الضوء والوقت المستغرق. بتقسيم هذه المسافة على الوقت، حصل على سرعة الضوء. قياس فيزو لسرعة الضوء تكون 313،300 كم/ثانية.
في عام 1862، استخدم فيزيائي فرنسي آخر هو ليون فوكو، طريقة مماثلة لفيزو، فقد ألقى الضوء على مرآة دوارة بحيث يرتد مرة أخرى إلى مرآة ثابتة بعيدة ثم يعود إلى المرآة الدوارة الأولى. ولكن لأن المرآة الأولى كانت تدور، فإن الضوء من المرآة الدوارة ارتد أخيراً بزاوية مختلفة قليلاً عن الزاوية التي اصطدم بها بالمرآة في البداية، وبقياس هذه الزاوية كان من الممكن قياس سرعة الضوء. زاد فوكو باستمرار دقة هذه الطريقة على مر السنين، حتى حدد قياسه النهائي أن الضوء سافر بسرعة 299،796 كم/ثانية.
حتى الآن، قام رواد الفضاء بإرفاق مرآة بصخرة على القمر. يمكن للعلماء على الأرض تصويب الليزر على هذه المرآة وقياس وقت انتقال نبضة الليزر (نحو 2.5 ثانية) في رحلة ذهاب وإياب. اعتبر المختبر الفيزيائي الوطني البريطاني سرعة الضوء 299792.4590 ± 0.0008 كم/ثانية واعتبرها المكتب الوطني الأميركي للمعايير أنها 299792.4574 ± 0.0011 كم/ثانية. 299،792.458 كم/ثانية هي القيمة المعتمدة لسرعة الضوء في المؤتمر العام للأوزان والمقاييس في 21 أوكتوبر 1983.
اقرأ أيضاً: لماذا يراقب الكيميائيون الضوء وهو يدمر جسيمات الهباء الجوي من الداخل؟
منذ عام 1983، تم تعريف المتر دولياً على أنه طول المسار الذي ينتقل فيه الضوء في فراغ خلال فترة زمنية تبلغ 1/299792458 من الثانية.
نشرت هذه المقالة ضمن اتفاقية الشراكة التحريرية بين مجرة وكورا. وتمت الإجابة عن السؤال على موقع كورا بواسطة أحمد خليل، يدرس الماجستير في الفيزياء في جامعة كولونيا