تصر الجمعية الأميركية للطب النفسي أن الخوف أو الانزعاج من الثقوب هو أمر طبيعي، ولا يصل إلى درجة الفوبيا التي يتحدث عنها البعض، رغم أن مصطلح «رهاب النخاريب - Trypophobia» يستخدم بشكلٍ عام لوصف هذا النوع من الخوف منذ العام 2009. ومن هنا يمكننا أن نتعمق في الصورة بشكلٍ أكبر لنصل إلى إطار أكثر وضوحاً..
ما هي «فوبيا الثقوب»؟
هي حالة من الرهاب والاضطراب والانزعاج تصيب بعض الأشخاص عند رؤيتهم لمجموعة كبيرة من الثقوب المتراصة بجوار بعضها في مكان ما. تصيب هذه الحالة نسبة ليست قليلة حول العالم، فقد أفادت الدراسة التي أجرتها جامعة «essex» عام 2013، ونُشرت في دورية «ساج جورنالس»، أن 16% من البشر يعانون ذلك النوع من المخاوف. وقد أجُريت الدراسة على مجموعة من الأسطح المليئة بالثقوب؛ مثل: خلية النحل.
هذا هو التوصيف الذي يعرفه الجميع، لذا يجب أن نعرف ما هي الأعراض المصاحبة لحالة الفوبيا الحقيقية، والتي يمكن من خلالها تشخيص هذا الخوف بشكلٍ أوضح لكي نُفرق بين ما يُعدُّ حالة فوبيا مرضية، وما يُعدُّ شعوراً بالتقزز والضيق.
أعراض فوبيا الثقوب
تتلخص أعراض الفوبيا في شعور بالحكة في الجلد مع التعرق، والشعور بالتقزز، وعدم الراحة. قد يتزايد الأمر قليلاً ليصل إلى الشعور بالغثيان أو نوبة قلق، لكن هذه الأعراض مجتمعة لم تكن كافية ليدخل الاضطراب بشكل رسمي إلى الدليل الاسترشادي للاضطرابات النفسية «DSM-5»؛ فالأمر حتى هذه اللحظة يخضع لتقييم أقل بكثير من أن يُصنَّف بوصفه حالة فوبيا مرضية.
قد تشعر بالأعراض أيضاً عندما تتخيل أو تفكر في أي شيء له مظهر الثقوب. ومن الأعراض أيضاً: القشعريرة، والإقياء أو الغثيان، وتسرع ضربات القلب، والدوار، والانزعاج البصري، بما في ذلك إجهاد العين أو التشوهات أو الأوهام، والرغبة القوية في الابتعاد عن الصورة أو الشيء المليء بالثقوب، بالإضافة إلى الخوف والهلع.
أسباب فوبيا الثقوب
تخرج دراسات مُعتَمدة -بين الحين والآخر- تضرب كل القناعات المؤمنة بأن الأمر ينضوي على فوبيا مرضية، من بينها دراسة أجُريت في جامعة «كيب تاون» بجنوب أفريقيا عام 2017، ونُشرت في دورية «Brazilian Journal of Psychiatry»، كشفت عبر دراسة مجموعة كبيرة ممن يرون أنهم مصابون بفوبيا الثقوب، هم في الأساس مصابون بالاكتئاب أو بضغوط نفسية سابقة. أي أن هناك عرضاً داخلياً يسبق شعور القلق أو الضيق المصاحب لرؤية الثقوب الكثيفة.
ليس القلق وحده أو الاكتئاب ما يؤدي بالبعض إلى الشعور بالامتعاض من رؤية سطح مليء بالثقوب، فبعض الصور المتداولة لتلك الأسطح يثير الاشمئزاز بالفعل، ويبعث على الشعور بعدم الارتياح والضيق. لذا فالأمر ليس مرتبطاً طَوال الوقت ببعض الاضطرابات النفسية الدفينة، بل قد يكون منطقياً في كثير من الأحيان، لكن المشكلة تبدو في المبالغة حينما يصل الأمر إلى وضع التقديرات والتفسيرات المتعلقة بالأمر.
فقد استطلع الباحثان في جامعة «essex» «جويف كول» و«أرنولد ويكنيس» عام 2013 مجموعة من الأشخاص الذين يعانون أزمة الخوف من الثقوب، دون التعرض لمسالة إصابتهم بالفوبيا، وعَرضوا عليهم مجموعة من أبشع الصور التي تعرض الثقوب المتراصة بجوار بعضها. أظهرت نتائج الدراسة التي نُشرت في دورية «ساج جورنالس» أن الخوف عند الفئة الأكبر من العينة الخاضعة للدراسة؛ كان متعلقاً بالخوف من شيء مثل: الأخطبوط البحري، أو غيرها من الأشياء التي تحمل لون السطح المليء بالثقوب نفسه. هذا يعني أن الأمر لا يتعلق بالثقوب على وجه التحديد، وإنما ببعض أنماط الخوف القديمة التي تعتمل في النفس.
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تنجم فوبيا "الخوف من الثقوب" عن الضرر الحسابي للدماغ؟
كيف اتخطى فوبيا الثقوب؟
ينصح أستاذ الطب النفسي بولاية نيوجيرسي «روبرت تيميس» بتقنية العلاج المعرفي لذلك النوع من المخاوف، الذي يتضمن مواجهة المخاوف برؤيتها، وإدخال اليقين بصورة تدريجية إلى النفس بأن الرؤية ليست بتلك البشاعة التي يستنتجها العقل عند المشاهدة، وهو ما يجعل الأمر بمرور الوقت أكثر اعتياداً، وأقل ضرراً.
يصف بعض الأطباء الأدوية لمعالجة الأعراض مثل الشعور الشديد بالقلق أو الذعر الذي يعيق الحياة اليومية، ومن هذه الأدوية البنزوديازيبينات وحاصرات بيتا ومضادات الاكتئاب.
اقرأ أيضاً: فوبيا الأماكن المغلقة: هذا الدليل يخبرك أسبابها وسبل التعامل معها
قد يكون من المفيد اللجوء إلى الاسترخاء واليوغا، وقضاء الوقت في الطبيعة للمساعدة في التغلب على التوتر، بالإضافة إلى قضاء الوقت في ممارسة الهوايات والأنشطة الممتعة، والعناية بالصحة الجسدية التي تساعد على الشعور بمزيد من القدرة على إدارة القلق والأعراض الأخرى.
أيضاً من الجيد الحصول على ساعات كافية من النوم كل ليلة، وتناول نظام غذائي متوازن والحد من الأطعمة التي يمكن أن تؤدي إلى القلق ومن الكافيين، وممارسة التمارين الرياضية، ما يساعد في تخفيف أعراض القلق والاكتئاب.
والآن، هل ترى نفسك مصاباً بالانزعاج من رؤية صور الثقوب في هذا التقرير؟