هل فكرت قبل الآن بما يلي: زبدة الفول السوداني الملساء أم المقرمشة؟ القلم ذو الغطاء أم القلم ذو الرأس الضاغط؟ قنديل البحر أم الإسفنج (لا نقصد ذلك الموجود في المطبخ ولكن نقصد الحيوان). ربما لم يسبق لك أن ناقشت هذه القضية الأخيرة، ولكن المختصين في علم الأحياء التطوري يفعلون ذلك، وهناك مجموعة منهم الآن لديها الإجابة: قنديل البحر.
السؤال ليس أيهما أفضل قناديل البحر أو الإسفنج (بالتأكيد الأفضل هو الإسفنج لأنه لا يملك إلى الآن جهازاً دورياً أو هضمياً أو إطراحياً حقيقياً، إضافة إلى أنك تستخدمه لتنظيف جسمك). لكن السؤال هو: أيهما جاء قبل الآخر، أو بالأحرى، أيهما بدأ التطور قبل الأخر؟
قد تكون رأيت شجرة الحياة الأساسية من قبل، والتي تدعى بشكل أدق شجرة المَحتَد وتُظهر متى تطورت الأنواع المختلفة للنباتات والحيوانات والأحياء الدقيقة عبر آلاف السنين، ودرجة القرابة بينها. ولكن بالنسبة للكثير من المخلوقات، ليست هذه هي القضية على الإطلاق.
تاريخياً، وضع علماء الأحياء شجرة الحياة التي تبدو فيها الحيوانات أكثر قرابة في الخصائص البدنية، وقارنوا ذلك مع السجلات الأحفورية لتقدير متى وكيف تشكلت الفروع المختلفة لهذه الشجرة.
واليوم، يمكننا الاعتماد على علم الوراثة للحصول على إجابات أفضل، فالتعرف على العلاقة بين نوعين من أنواع الحيوانات من خلال رمز الحمض النووي أكثر سهولة من التعرف عليها من خلال المظهر، لأن الحمض النووي وببساطة هو المكان الذي يطرأ عليه التطور، والطفرات العشوائية تتكون فيه، وبشكل أدق، في الجينات التي تم اختيارها لحدوث الطفرة، وعندما يتغير الرمز الجيني تتغير الحيوانات تبعاً لذلك.
وقد ساعد التحليل الجيني علماء الأحياء في خوض العديد من النقاشات العلمية، ولكن بعض هذه النقاشات معقدة جداً ولا تسمح لنا بالخوض فيها.
ولهذا السبب شكل علماء الأحياء وعلماء الوراثة من جامعة فيندربيلت وجامعة ويسكونسون-ماديسون فريق بحث لحل بعض القضايا الخلافية. وقاموا بنشر نتائج بحثهم في مجلة "ناتشر إيكولوجي آند إيفولوشن" في أبريل 2017، وقد وجدوا في عدد من الحالات أن النقاش يتركز حول واحد أو اثنين من الجينات، ما يعني أن الدراسات السابقة التي فشلت في دراسة هذين الجينين وصلت إلى نتائج خاطئة مبنية على التوجه الخاص بالعلماء.
فالكثير من النتائج التي نحصل عليها تعتمد على البينات التي نختار أن نعالجها أو نستبعدها، وإذا كانت إزالة جين واحد من التحليل ستقلب النتيجة فإن القضية ستكون غير محسومة.
وقد ناقش علماء الأحياء هذه القضية من قبل لعقود من الزمن، كما أجريت دراسة سابقة في مارس 2017 تدافع عن وجهة النظر المعاكسة، وسينشر الوسط العلمي دراسات أخرى متعارضة كثيرة في المستقبل القريب.
ومن وجهة نظر العلماء فإن قضية المقارنة بين قناديل البحر والإسفنجيات في الدراسة الأخيرة ما تزال غير محسومة، ولذلك فهم ما يزالون يتناقشون حولها.
وبالنظر إلى الاتصال الجيني بين قنديل البحر الذي ينتمي إلى المشطيات والإسفنج الذي ينتمي إلى المساميات، وجد العلماء أن أكثر الروابط الجينية تؤكد أن القرابة بين الإسفنج وأي مجموعة حيوانية أخرى هي أكبر من قرابة قناديل البحر مع أي مجموعة أخرى. وهذا ما يجعل قنديل البحر أقل ارتباطاً في شجرة المحتد. حيث يكون الكائن الأقل ارتباطاً في شجرة المحتد أكثر قدماً، وبما أن المملكة الحيوانية تطورت من سلف مشترك فإن المشطيات تفرعت أولاً لتعطي خلفاً خاصاً بها، ثم تفرعت الإسفنجيات من المجموعة الأخرى.
وكل هذا يعني أن قناديل البحر وبرغم كونها تملك جهازاً عصبياً وهضمياً بدائياً يفتقر إليه الإسفنج، فإن البشر أكثر قرابة إلى تلك الأنابيب الإسفنجية الملتصقة بصخور البحر والتي تتغذي على الماء المتدفق خلال جسمها.