على الأرجح أنك تفعل ذلك، وقد يعود جذور هذا الأمر إلى المرحلة التي كنتَ فيها ولداً، والآن بتَّ تقوم به بشكل تلقائي تقريباً. حيث ترى وميض البرق، فتبدأ على الفور بعدّ الثواني إلى أن تسمع صوت الرعد.
ولكن هل يمنحنا العدّ حقيقة تقديراً جيداً لمدى بعد البرق عنا؟ هل هو إحدى المعتقدات القديمة، أم أنه يستند في الواقع إلى العلم؟ في هذه الحالة، نحن ندين بالفضل إلى الفيزياء على هذا الحساب السريع والسهل والدقيق للغاية أيضاً.
إذاً، ما الذي يحدث عندما تهب عاصفة شديدة؟
إن البرق الذي تراه هو عبارة عن تفريغ للشحنات الكهربائية التي تنتقل بين الغيوم أو باتجاه الأرض. والرعد الذي تسمعه ناجمٌ عن التمدد السريع للهواء كرد فعل على حرارة البرق الشديدة.
إن كنت قريباً جداً من موقع البرق، فستراه وتسمع صوت الرعد في آن واحد، ذلك لأن الضوء ينتقل أسرع بكثير من الصوت. فكّر بالحالة التي تكون فيها جالساً على أحد مقاعد الجمهور البعيدة في إحدى مباريات البيسبول، عندها سترى ضارب الكرة وهو يضربها قبل لحظة من سماعك للطمة المضرب.
عندما تراقب حدثاً ما على الأرض، فإنك ترى الأشياء في لحظة حدوثها تقريباً، ذلك لأن سرعة الضوء كبيرة جداً لدرجة أنك لا تستطيع حتى أن تلاحظ زمن انتقاله. أما سرعة الصوت فهي أبطأ بكثير، ما يمنحنا بعض الوقت للقيام بحساباتنا.
لنبسّط معادلة السرعة كما يلي: ينتقل الصوت بسرعة تفوق 700 ميل (1,127 كيلومتر) في الساعة بقليل، أي أنها تفوق 700 ميل خلال 3,600 ثانية. هذا يعني أن الصوت يقطع 7 أميال (11.27 كيلومتر) كل 36 ثانية. ولنجعل هذا أكثر سهولة ونقربه ليصبح 7 أميال خلال 35 ثانية، أو 1 ميل (1.6 كيلومتر) كل 5 ثوان! والآن، عدّ إلى 5: إذا سمعت صوت الرعد، فهذا يعني أن البرق حدث على بعد 1 ميل.
والآن بعد أن عرفت المسافة التي تفصلك عن الموقع الذي حدث فيه البرق، دعنا نتساءل: هل يبعد عنك هذا الموقع مسافة كافية لتكون في مأمن من العاصفة؟ في الواقع، هذا سؤال ماكر.
يمكن سماع صوت الرعد على مسافة تصل إلى 25 ميلاً (40 كيلومتر)، وقد تم توثيق ضربات البرق بأنها تحدث على بعد 25 ميلاً عن العواصف الرعدية، وهو ما يعرف باسم "الصاعقة". وبالتالي إذا كان بإمكانك سماع صوت الرعد، فأنت قريب بما يكفي ليضربك البرق، وأفضل خيار آمن لك في هذه الحالة هو أن تأوي داخل أحد المباني، أو إحدى السيارات المغلقة.
ولا تعتمد على الحكمة الشعبية التي تقول إن البرق لا يضرب في المكان نفسه مرتين لكي تحمي نفسك، فهذه الحكمة خاطئة تماماً. على سبيل المثال، يضرب البرق قمة مبنى الإمباير ستيت بمعدل
23 مرة في العام الواحد.