هل تساءلتم يوماً لماذا تبدو الخطوط البيضاء والسوداء المتوازية على الورقة منحنية ومتجهة باتجاه مختلف عند النظر إليها من خلال الكأس الممتلئة؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تتكون من شقّين؛ الأول يتعلق بالسائل الموجود في الكأس، والشق الثاني يتعلق بالكأس نفسها. دعونا في البداية نلق نظرةً على بعض أساسيات علوم البصريات وكيف نرى العالم من حولنا.
ينعكس الضوء في الحالة الطبيعية من على أسطح الأجسام المختلفة ويصل إلى العين بخط مستقيم. ولكن عندما يعبر الضوء من خلال وسط أشد كثافة من الهواء مثل الماء فسوف تتباطأ سرعته، كما لو أن الماء يكبح حركة الأمواج الضوئية بضربات متكررة على الفرامل.
يؤدي التغيّر في سرعة الأمواج الضوئية إلى تغيير اتجاهها، أو انحنائها، وهو ما يُعرف في الفيزياء باسم الانكسار، لعلك تذكر ذلك من مناهج المرحلة الثانوية.
والآن نأتي إلى الشق الثاني من الإجابة، والتي تكمن في الكأس الزجاجية. تلعب الكأس الزجاجية دور عدسة مُقربة (محدبة من جميع أطرافها)، فعندما يعبر الضوء من خلال هذه العدسة، سوف يجبر تحدبها الضوء على الانحناء والتقارب من جميع الاتجاهات، ويزيد الوسط المائي الكثيف من شدة هذا الانحناء.
تتقارب الأمواج الضوئية المنكسرة إلى أن تلتقي في نقطة تُسمى بالنقطة البؤرية، ثم تتباعد مجدداً. وتتموضع هذه النقطة البؤرية في مكانٍ ما بين العينين والكأس الزجاجية. وبالتالي فإن الصورة التي تراها العين هي الصورة الناجمة عن الأمواج الضوئية المتصالبة التي أصبحت تسير بعكس اتجاه الأمواج الضوئية الأساسية، ولذلك تبدو الخطوط البيضاء والسوداء متجهة باتجاه معاكس.
هكذا إذن تكشف لنا الفيزياء أن الصورة التي نراها من خلال الكأس الممتلئة بالماء ليست سحراً أو خداعاً، وإنما مجرد حقيقة علمية.
نشر هذا المقال في عدد مارس/ أبريل 2017 من مجلة بوبيولار ساينس.