مثلما تختلف ألوان البشرة والشعر، تختلف ألوان العيون، وإن كانت العين تكتسب أهمية كبرى لدى البشر، ليس فقط بسبب الرؤية، لكن للتواصل والتأثير فيما حولك أيضاً. ويبقى السؤال الذي ربما يتطرق إلى ذهن الكثير: لماذا تختلف ألوان العيون لدى البشر؟
يرجع لون العيون لدى البشر إلى كمية الأصباغ في المنطقة المحيطة ببؤبؤ العين، وهي التي تتحكم في كمية الضوء الداخل إلى العين من خلال توسيع بؤبؤ العين في الإضاءة الضعيفة؛ وتضييقه في الاضاءة القوية، وتدعى هذه المنطقة بقزحية العين. يمكن أن تساهم بعض المشاعر في تغير حجم البؤبؤ ولون القزحية؛ ولهذا السبب يقول بعض الناس أن لون عيونهم يتغير حين يكونوا في حالة غضب، أو حب.
يتحدد لون العين بناءً على كمية مادة الميلانين، وهي الصبغة الموجودة في الجزء الأمامي من قزحية العين. يؤدي ندرة وجود هذه الصبغة إلى ظهور عيون زرقاء، بينما القليل منها يعطي اللون الأخضر، والكثير يعطي عيون بنية. لذا فإن في حالة البني الفاتح تكون كمية الميلانين أقل قليلاً من كمية الميلانين في العيون البنية الغامقة.
الصفات اللونية للعيون
اعتاد الباحثون سابقاً على تبني نموذج وراثي مبسط، ونسبوا سبب اختلاف لون العيون إلى جين واحد فقط، وجعلوا فيه صفة العيون البنية وهي الصفة المسيطرة أو الراجحة، وكنتيجة لذلك حسب هذا النموذج فإن الوالدين ذوي العيون الزرقاء لن يمتلكوا أطفال بعيون بنّية.
بعد عدة أبحاث لاحقة وجد أن النموذج السابق مبسط بشكلٍ مبالغ فيه، حيث توصل باحثون إلى أن العملية الوراثية في لون القزحية عملية معقدة، بسبب تداخل عدة جينات لتحديد لونها، وبالتالي قد يكون من الممكن توقع ألوان عيون الأطفال من خلال ألوان عيون الأبوين أو الأقارب، أو قد يسبب تداخل في عمل الجينات إلى نتائج غير متوقعة بألوان القزحية.
الجينات التي تدخل في تحديد لون العيون
يلعب «الكروموسوم 15» دور رئيسي في تحديد لون العيون، ويحتوى هذا الكروموسوم من بين جيناته على جينين اثنين متقاربان بالموقع هما «OCA2» و«HERC2». ينتج الجين «OCA2» نوع من البروتينات يدعى البروتين «P»، والذي يشترك بشكلٍ رئيسي في إنضاج المواد الصباغية؛ التي تشكل الوحدة البنائية الأساسية التي تنتج وتخزن الميلانين، لذلك يلعب البروتين «P» دور رئيسي بتحديد كمية ونوعية الميلانين، الذي سيتواجد في قزحية العين.
أما بالنسبة للجين «HERC2» فهو الذي يتحكم في نشاط الجين «OCA2»، وأي زيادة في نشاط الجين «OCA2» سيؤدي إلى ازدياد الميلانين في القزحية، والتي ستظهر بلون غامق كالبني، وبالمقابل إلى انخفاض في نشاط الجين «OCA2» سيؤدي إلى انخفاض في كمية الميلانين في القزحية، والتي ستظهر تبعاً لذلك باللون الفاتح كالأزرق أو الرمادي.
اختلاف ألوان العيون
تختلف ألوان البشرة والشعر والعيون بشكلٍ كبير بين المناطق الجغرافية في العالم، ويبقى أثر عوامل الاصطفاء البيئية (الانتقاء البيئي) على الصفات الصبغية (لونية) لدى الإنسان مجهول إلى حدٍ ما، وما توصل إليه العلماء حتى الآن هو أن هناك مجموعة من الصبغيات تؤثر على الصفات اللونية لدى الإنسان في الشعر والبشرة والعيون.
بجانب أن الميلانين يمنحنا لون عيوننا؛ يساعد أيضاً على حماية العين من أشعة الشمس؛ وبالتالي فإن العيون الزرقاء والخضراء تكون أكثر حساسية لأشعة الشمس الضارة، لأنها تحتوي على صبغة أقل من العيون الداكنة ذو الصبغة الأكثر.