أطبخها أو لا أطبخها؟
تعد الخضروات مصادر غنية بالعناصر الغذائية وقليلة المحتوى من السعرات الحرارية، كما أنها غنية بالفيتامينات الأساسية، وهذا أمر لا جدال فيه. ولكنها كغيرها من الأطعمة يمكن تناولها بطرق كثيرة: نيئة ومبخرة ومخبوزة وحتى مقلية. وقد ادعى بعض أنصار أكل الخضروات نيئة أن طهيها يسبب خسارة جزء من قيمتها الغذائية. فهل هذا صحيح؟ وما هي أفضل الطرق لأكل الخضروات؟
الجواب المباشر لهذا السؤال هو أن الأمر يعتمد بشكل كبير على نوع الخضار وطريقة الطهي. وقبل كل شيء، يجب أن نتذكر أنه وبمجرد قطع الخضروات عن أصلها، فإنها ستبدأ فوراً بخسارة بعض قيمتها الغذائية، وهذا يعود إلى أنها تستمد عناصرها الغذائية مباشرة من النبات أو الشجرة التي أخذت منها. وفورَ انقطاع هذا المدد فإن الخضروات المقطوفة ستستمد غذاءها من نفسها، حتى ينتهي بها الأمر كجزء من وجبة غذائية.
ومن هنا جاء هذا التنوع في أشكال تحضير الخضروات. فعلى سبيل المثال، يعد فيتامين سي سريع التأثر بطرق الطهي، فهو يذوب في الماء، كما أنه غير ثابت في الأوساط الغنية بالأوكسجين، ولذلك فإن تعليب أو تبييض الخضروات قبل تجميدها سيؤدي إلى خفض محتواها من فيتامين سي. ولأنه يذوب في الماء، فإن طهي الخضروات التي تحتويه سيؤدي إلى ارتشاحه من الطعام إلى الماء. ووفقاً لدراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا، فإن معدل الاحتفاظ بفيتامين سي بعد الطهي يستخدم في تقدير الخسارة الكلية للعناصر الغذائية التي تسببها الأنواع المختلفة للطهي. وقد وجد القائمون على الدراسة أن معدل خسارة فيتامين سي يتراوح بين حوالي 15 و 55 في المائة، وذلك حسب طريقة الطهي أو التحضير.
فهل كان أنصار الأكل النيء على حق؟ وهل علينا أن نأكل الخضروات طازجة ونيئة قدر المستطاع؟ ليس تماماً. فكل شكل من أشكال الطهي أو التحضير يخفض محتوى المواد التي تذوب في الماء كفيتامين سي وفيتامينات بي ومجموعة أخرى من العناصر الغذائية تدعى متعددات الفينول. ولكن هناك دائماً خيارات أخرى. ولتبسيط الأمر سنأخذ الجزر كمثال: فقد أظهرت الدراسات أن غلي الجزر في الماء يزيد من عدد الكاروتينات (مثل بيتا كاروتين)، أما تبخيره فسيخفض محتواه من الكاروتينات وفيتامين سي بشكل كبير، وسيزيد محتواه من الأحماض الفينولية التي تعمل كمضادات أكسدة. وفي حين أن الطهي بالميكروويف هو غالباً محل اتهام، فهو في الحقيقة يحتفظ بفيتامين سي أكثر من أي طريقة أخرى من طرق الطهي.
ولذلك فإن هناك سلسلة واسعة من الخيارات، ولا يعقل أنك ستكون قادراً على أن تتذكر ما هي الخضروات التي يفضل طهيها أو أكلها نيئة، وفي حال طهيها فما هي أفضل الطرق التي تحافظ على العناصر الغذائية التي تحتاجها أو التي تريدها. ولهذا فإن أسهل طريقة لضمان القيمة الغذائية للخضروات هي تنويع مصادرها، سواء كانت نيئة أو مطبوخة باستخدام طرق طهي مختلفة. فإذا كنت تفضل طعم الجزر النيء فلا تتردد في أكله نيئاً، وتذكر أن تناول الخضروات بأقل محتوى من العناصر الغذائية أفضل من عدم تناولها على الإطلاق.