تخيل لو أن طريقاً سريعاً مزدحماً كان يفصل بين غرفة نومك ومطبخك، أو أن حمامك كان في بيت جارك، ستكون حياتك نوعاً من التحدي، وهذا ما يحدث عندما يخضع الحيوان لتجزؤ الموئل.
وقد كانت الباندا ضحية لهذه الظاهرة خلال عقود من الكوارث الطبيعية وإزعاج البشر ما أدى لتقليص مساحة موائلها المتلامسة السابقة إلى عدد محدود من المناطق المتباعدة.
واعتادت هذه الحيوانات العاشبة على العيش في مختلف المناطق في الصين وميانمار وفيتنام، ولكنها توجد اليوم في ست مناطق معروفة في الجبال الصينية.
ولا يعني تشبث الباندا العملاقة في هذه المناطق بالضرورة أنها في أحسن أحوالها، فقد بحثت دراسة نشرت في ديسمبر 2016 في مجلة تقارير علمية مساحة الأرض التي تحتاجها الباندا لتحافظ على بقائها على المدى البعيد.
يجعل تجزؤ المسكن الحياة المزدهرة أمراً عسيرا على الحيوانات، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الصعوبة المتزايدة في إيجاد الشريك، والباندا في الأصل سيئة في الممارسة الجنسية، واضطراب الموطن يزيد الأمر سوءاً، ومع ذلك وحتى في حالة تجزؤ الموطن فإن الباندا العملاقة تستطيع الحفاظ على بقائها لمدة طويلة إذا كانت الظروف ملائمة.
باندا في جلسة استرخاء تأكل أعواد الخيزران وتحلم بموئل أكبر
تتناول الباندا الخيزران على العشاء وتستهلك منها 12 إلى 38 كيلو جراماً كل يوم، ولكن وبحسب الاتحاد العالمي للحياة البرية فإنها تعلب دوراً حاسماً الحفاظ على سلامة الغابات في الصين، فبينما تأكل هذه الحيوانات العملاقة الخيزران فإنها تنشر بذوره على أرض الغابة.
ولكن هذا الخبير البيئي الذي لم يبق منه سوى 1800 فرداً يعيش اليوم ظروفاُ لا يحسد عليها.
وللاطلاع على الشروط التى تسمح بالحفاظ على حياة الباندا، أرادت مجموعة من الباحثين فى جامعة غرب الصين العادية فى نانتشونغ والأكاديمية الصينية للعلوم فى بكين أن تبني على العديد من دراسات الباندا السابقة التى بحثت عوامل مثل اختيار الموائل، وتقييم نوعية الموائل، وتأثيرات النشاط البشري.
ويشير الباحثون إلى أنه لم يقم أحد من قبل بدراسة حجم الموائل.
وبفحص البيانات المتعلقة بطعام ومسكن الباندا في خمسة من أماكن وجودها والتي تشكل 78 بالمائة من مجمل مناطقها في الصين، وجد العلماء أن الحد الأدنى من المساحة المطلوبة لموئل الباندا هو 114.7 كيلو متر مربع.
وهذا لا يعني أن الباندا لا تستطيع العيش في رقعة أصغر، ولكنها لن تعيش لمدة طويلة من الزمن.
ومع أن هذا الحد الأدنى كاف لتحافظ الباندا على بقائها فإنها ستكون في حال أفضل عندما تعيش على رقعة أكبر، وسيكون الحال أكثر مثالية بوجود مساحات جبلية متجاورة مليئة بالخيزران.
وتضاف هذه الدراسة إلى مجموعة من المعارف المتعلقة بموائل الباندا العملاقة.
ويؤكد الباحثون أن فهماً أفضل لمتطلبات الحد الأدنى من المساحة لهذه الحيوانات أمر بالغ الأهمية لنجاح إدارتها.
ثم ماذا بعد؟
يجيب عن هذا السؤال زهيسونغ يانغ من جامعة غرب الصين العادية وأحد القائمين على هذه الدراسة بأنه يأمل بأن يساعد هذا البحث في جهود الحفاظ على الباندا، وقد صرح لمجلة "علوم مبسطة" أنه وزملاءه يخططون لاستعادة موائل الباندا وزيادة أعدادها بطرق إبداعية كإنشاء ممرات بين الموائل لزيادة حجمها، ونقل الباندا لخلطها مع أفراد آخرين.