تأتي التكنولوجيا بالكثير من الفوائد، لكن أيضاً يصاحبها الكثير من المشاكل. فمنذ الثورة الصناعية بات التغير المناخي أحد أهم المشاكل التي نواجهها على الأرض بسبب تلوث المصانع، وامتد الأمر حتى تلوث المحيطات بالنفايات البلاستيكية التي تشن حروباً دامية على أنواع مختلفة من الكائنات البحرية، والتي طالتنا نحن البشر، حيث نتاول آلاف الجزيئات من البلاستيك كل عام.
نتوءات عظمية في الدماغ، ما القصة؟
تتعرض عظامنا باستمرار للانهيار وإعادة البناء، لكن هناك ما قد يثير الدهشة أكثر من ذلك. فوفقاً لما جاء في دراسة أجراها «ديفيد شاهار» و«مارك جي إل سايزر»، الباحثان في كلية العلوم الصحية والرياضية في كوينزلاند، في جامعة صن شاين كوست في أستراليا العام الماضي، فإن نتوءات عظمية باتت واضحة في أدمغة بعض البشر.
لاحظ الباحثان نمو ما يشبه النتوء البارز (أشبه بقرن) في منطقة أسفل الجمجمة، وبالتحديد في منطقة نهاية الرقبة على قمة العمود الفقري. ووفقاً للدراسة، فإن هذه النتوءات كثر تواجدها في مرحلة الشباب أكثر منها في مرحلة الشيخوخة. يتراوح طول هذه النتوءات -الشبيه بالمسامير الصغيرة- بين 10 - 31 ملم تقريباً. والعجيب أن النتوءات الأصغر حجماً والتي يتجاوز طولها 3 - 5 ملم، تعتبر من الطفرات الجديرة بالاهتمام للغاية.
لم تكن هذه المرة الأولى؛ ففي دراسة سابقة، لاحظ الباحثان قبل 4 سنوات مشهداً مزعجاً في رقبة عينة من المرضى صورته أجهزة الأشعة السينية، حيث ظهرت نتوءات في نهاية الجمجمة في بعض المرضى صغار السن. لوحظ أن نسبة 41% من الشباب البالغين من أصل 218 المشاركين في الدراسة لديهم نمواً ملحوظاً في العظام، لكن مع الدراسة الحديثة وصلت النسبة إلى 33% من الذين وقعت عليهم الدراسة والبالغ عددهم 1200. الأمر هنا لا يتعلق فقط بوجود النتوءات الغريبة في تكوين الجمجمة، بل بالآثار التي قد تخلّفها، حيث أشار بعض المرضى إلى الشعور بالصداع المزمن، وآلام في الظهر والرقبة. وعلى الرغم من شمول الدراسة لعينة من المرضى تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 86 عاماً، فقد وجد الباحثان أن نمو النتوءات العظمية ينخفض مع تقدّم العمر.
الأجهزة الذكية: ما العلاقة؟
يقول الباحثان أن ظهور هذه النتوءات العظمية في هذه المنطقة من الدماغ تحديداً، قد يكون بسبب الإمالة المستمرة للرأس البالغ وزنه نحو 1.5 كجم على الصدر، مما يزيد الحمل على عضلات مؤخرة الرأس والرقبة، عندها يستجيب الجسم بوضع طبقات جديدة من العظام لمساعدة الجمجمة في التغلب على الضغط الزائد المضاف على الجزء الذي ترتبط فيه عضلات الرقبة بالجمجمة. تُدعى هذه الميزة التشريحية بـ «enthesophytes»، وهي بروزات عظمية شاذة، يمكن أن تتشكل عند تثبيت وتر أو أربطة في الجسم.
هذا تماماً ما يفعله مستخدمو الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة بشكلٍ مستمر طيلة اليوم. فعندما نجلس في وضعية مستقيمة، تكون الرأس متوازنة بدقة على عظام الرقبة والعمود الفقري، لكن عند إمالتها للأمام (كما يحدث عند استخدام الأجهزة الذكية والمحمولة) فإن وزنها يضغط على العنق.
أما عوامل العمر والجنس فلهما تأثير أيضاً، حيث يزيد احتمال ظهور هذه النتوءات في أدمغة الرجال بنحو 5 مرات مقارنة بالإناث. فوفقاً للدراسة، في الرجال -28 عاماً- بلغ طول هذه النتواءت 15 ملم، أما النساء -24 عاماً- بلغ طولها 1.1 ملم.
نحن نقرأ الكتب بنفس الوضعية تقريباً، فلماذا لم تظهر هذه النتوءات؟
الإجابة ببساطة هي في عدد الساعات التي يقضيها المرء أمام كتاب، والتي قد لا تتجاوز ساعتين إلى 3 ساعات، مقارنة بالوقت الذي يظل فيه المرء حاملاً هاتفه الذكي ناظراً إليه، فهو تقريباً في يديك طوال الوقت، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضاً أنك قد تقضي المزيد من الوقت أمام هذه الأجهزة ليلاً.
ختاماً، قد تكون الطفرات العظمية تنبيهاً لنا للحفاظ على نمط حياة يراعي المخاطر الصحية لعاداتنا اليومية. وفي جميع الأحوال؛ فإن الاستخدام الخاطئ والمفرط لأي شيء قد يأتي بنتائج عكسية، ومخيفة أيضاً.