يبدو أن الوقت قد حان لمواجهة المشكلة التي يعاني منها نبات الموز، والتي طالما تجاهلناها زمناً طويلاً. يتساءل «دان كوبيل» في مقالٍ له في مجلة «بوبساي - العلوم للعموم» يعود إلى عام 2005: هل سنتمكن من إنقاذ فاكهة الموز؟، وعاد وطرح نفس التساؤل بصيغة أخرى عام 2014: هل سنشهد نهاية الموز؟. ومنذ عامين، كتبت «كيت باغالي»: موز العالم يتعرّض للهجوم. بات جلياً أن لدى الأميركيين سبباً قوياً للتحرك من أجل إنقاذ أهم فاكهةٍ محبوبة لديهم.
رغم أنه كان لدى العلماء مخاوفٌ بشأن فاكهة الموز في السابق، إلا أن الموقف أصبح أكثر إلحاحاً في الآونة الأخيرة. فقد أكّد المكتب الدولي للمحافظة على الأسماك والحياة البرية في كولومبيا، اكتشاف أنواعٍ قاتلة من الفطريات في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد. تدعى هذه الفطريات «Tropical Race 4» أو «TR4»، حيث يتسبب هذا العامل الممرض بإصابة الموز بمرض «بنما». تظهر الأعراض بشدة على نبات الموز، حيث يذبل الجزء الذي يربط الأوراق مع النبات، وتستحيل الأوعية الناقلة النباتية إلى اللون البني، وفي النهاية تضعف شجرة الموز وتموت بأكملها. وبما أنّ المرض انتشر في أميركا الجنوبية، فإنه على الأرجح سينتشر إلى كافة أنحاء القارة، ويدمر محصول الموز إذا لم تُتخذ إجراءات سريعة للحيلولة دون حدوث ذلك.
باتت البشرية في مواجهة خطرٍ محدق، وقد بدأت الشركات التجارية المنتجة والمسوّقة للموز، مثل شركتي «تشيكيتا» و«دُوْل»، بالتعاون مع الباحثين لتطوير سلالةٍ جديدة مقاومة لفطريات «TR4»، لكن عملية تحسن سلالات الموز بطيئة للغاية ولن تمنع حدوث نقصٍ في كميات الموز المطروحة في الأسواق. شركة «دول» للأغذية، هي أحد أكبر الشركات المنتجة للفواكه والخضار في العالم - لإجراء برنامج تحسين وراثي دقيق للموز، والذي يتعاون معها «ماسيمو إيروزو»، الأستاذ المساعد في قسم علوم البساتين في جامعة كارولينا الشمالية، حيث يقول: «إن أحد أهدافنا من برنامج التربية هذا، هو فهم الآلية الوراثية الكامنة وراء مقاومة بعض النباتات للمرض، وثم وضع خطةٍ لنقل هذه الميزة الوراثية إلى نباتات الجيل التالي واللاحق بشكلٍ ثابت. في الواقع يوجد برنامج مماثل في أستراليا، وقد حققت تقدماً جيداً في تعديل نبات الموز جينياً».
ويضيف قائلاً: «لقد تأخرت انطلاقة مشروعنا، لأننا لم نشعر بخطر تلك الآفة، وكان إنتاج الموز وفيراً حينها، ولم يكن الأمر ملحاً لإيجاد سلالةٍ جديدة. كانت الأصناف الوراثية الموجودة تلبي حاجة السوق وتكفيه، والمنتجون يقولون لأنفسهم: لدينا ما نحتاج إليه، فلماذا علينا أن ننفق أكثر إذاً؟».
يتابع إيروزو: «بالإضافة إلى ذلك، تستغرق عملية إيجاد أصنافٍ جديدة من الموز وقتاً طويلاً، فإجراء تجارب وتكرارها لتقييم مقاومة المرض ليس سهلاً. يجب التأكد من أن الفطريات المستخدمة في التجارب المخبرية تُحدث نفس الأثر كما لو كان في النبات خارج المختبر. كما أن تلقيح الموز وانتظار نمو نباتاتٍ جديدة يستغرق وقتاً طويلاً قد يصل لعدة سنوات. نحتاج إلى استثمار مبالغ طائلة لإجراء التجارب أيضاً، ونحتاج لإجراء تقييماتٍ مختلفة دقيقة للتأكد من نجاح تجاربنا». إذاً، الموز المقاوم للمرض ليس جاهزاً بعد، رغم أن إيروزو ومجموعاتٍ أخرى تحرز تقدماً في أبحاثها.
ستصيب العدوى بالتأكيد صنف الموز «كافنديش» الذي يتميز بثماره الصفراء الكبيرة، التي نراها في معظم الأسواق، لكن العدوى قد تطال أصنافاً أخرى كذلك. وقد حصل ذلك سابقاً عندما قضى مرض بنما على صنف الموز «غروس ميشال» ذو الثمار الزلقة وحلوة المذاق عام 1960. ونتيجة لذلك، تحوّلت شركات الموز لإنتاج الأصناف الأصغر حجماً والأقل حلاوة مثل، "كافندش" والذي كلّفها مبالغ طائلة.
بالعودة إلى المقالة التي نشرتها دورية «بوبساي - العلوم للعموم» عام 2005 حول ذات الموضوع، قام كاتب المقال حينها بجولةٍ في مركز «هندوراس» للأبحاث الزراعية برفقة عالم النبات «فرنانجو أغيلار». كان مركز الأبحاث يقوم بتطوير سلالاتٍ جديدة من الموز كان من شأنها أن تحلّ محل صنف «كافندش» حين يلزم الأمر. أشار أغيلار في ذلك الوقت إلى أن أسوأ سيناريو قد يحدث، هو وصول مرض بنما إلى أميركا الجنوبية قبل أن يجدوا الصنف البديل المناسب. يقول: «سيتحول الناس لإنتاج التفاح حينها». وفقاً لموقع المركز على الإنترنت، يعمل المركز حالياً على تطوير سلالاتٍ هجينةٍ تملك نفس الطعم والعمر التخزيني لصنف «كافندش».
بغض النظر عما يقوم به ذلك المركز، لا يوجد أي مراكز أو مؤسساتٍ أخرى أعلنت عن اكتشاف أي حلولٍ بديلة!