لم تعد زراعة النسج البشرية في المختبر أمراً مستغرباً، فقد دأب العلماء على زراعة نسج عضلية أو عظمية أو أجزاء من أعضاء بشرية في المختبر بشكل روتيني، ولكن النُسج المُنتجة بهذه الطريقة عادةً ما تكون صغيرة وبسيطة وغير معقدة. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى أن الزراعة تتم في طبق بتري، وهو وسط مختلف كُلياً عن الجسم البشري.
ولنأخذ على سبيل المثال العضلات الهيكلية. يمكن للمفاعلات الحيوية (وهي الأحواض الدافئة والرطبة التي تجري زراعة الخلايا النسيجية فيها) أن تُحفز النسج العضلية المزروعة ضمنها على أداء حركاتٍ بسيطةٍ، ولكنها لن تكون مثل حركات الانحناء والتمطط التي تنفذها العضلات الهيكلية في الجسم البشري، والتي تساعد النسيج العضلي على النمو والتطور.
وبناءً على ذلك، اقترح باحثان من جامعة أكسفورد الأمريكية استخدام روبوتات بشرية لتنمية الأنسجة المُهندسَة عليها بدلاً من تنميتها في وسط مخبري ثابت غير متحرك. وقد ناقش الباحثون هذا المقترح من خلال دراسة علمية جرى نشرها مؤخراً في مجلة علوم الإنسان الآلي Science Robotics.
يقول المعد المساعد للدراسة بيير ماوثوي: "لا مفاعل حيوي أفضل من الروبوت البشري، وأعتقد أننا كلّما تمكنّا من محاكاة الجسم البشري بصورة أدق كلما ازدادت فرصتنا بالحصول على نسيج مُهندَس وظيفي وفعال".
وقد اقترح الباحثون استخدام روبوتات مثل كينشيرو وإيسيروبوت (وهي روبوتات تُحاكي تشريح الجسم البشري بأدق التفاصيل) كمفاعلات حيوية لتنمية الطعوم النسيجية عليها بشكل أفضل مما لو جرت زراعتها وتنميتها في أجسام المرضى.
وقد تطورت صناعة الروبوتات البشرية بحيث أصبحت تحاكي البنى التشريحية لكل من الأوتار والأربطة والعظام والغضاريف، فضلاً عن محاكاتها لحركات الجسم البشري بمختلف الاتجاهات، وهو ما قد يسمح للمزيد من الخلايا بالتمايز إلى نسج تشريحية معقدة.
ولكن، كيف ستبدو هذه المفاعلات الحيوية الجديدة؟ يقول الباحثون بأن الخيارات مفتوحة، ومنها غمس أجزاء من الروبوت البشري ضمن وسط مغذي، ولكننا في هذه الحالة قد نهدد سلامة الروبوت وأجزائه الإلكترونية الدقيقة الحساسة للرطوبة. والخيار الآخر هو تغليف النسيج المُهندَس بغشاء أو جلد صناعي، وهو ما يُوفر له كل ما يحتاجه من رطوبة ومواد مغذية، في الوقت الذي يبقى فيه الروبوت جافاً.
ويعمل الباحثون على تطوير نماذج تجريبية من هذه الروبوتات-المفاعلات الحيوية، ويتوقعون بأن تُفضي تجاربهم قريباً إلى معرفة ما إذا كان المفاعل الحيوي البشري الصناعي سيُشكل خياراً جيداً وقابلاً للتطبيق أم لا.
وفي حال نجاحه، فقد يكون من الممكن توظيف المفاعل الحيوي البشري الصناعي لتنمية نسج وأعضاء بشرية أكثر تعقيداً، مثل القلب. كما قد تُفضي هذه الجهود إلى تطوير أشكال جديدة من الروبوتات تكون أكثر ملائمة للاستخدام البشري، وخاصةً في ظل تطور صناعة الروبوتات وظهور أجيال جديدة منها، كما هو الحال في الروبوت البشري الحيوي الهجين، الذي تتحكم بحركاته خلايا حية حقيقية.