هل تعتقد بأن توقعات الطقس سيئة؟ إذاً حاول توقع حدوث الانفجار البركاني

3 دقائق
تظهر بيانات الأقمار الصناعية من بركان أوكموك في ألاسكا مدى تشوه الأرض بعد الانفجار.

توقعات الطقس عملية صعبة بما فيه الكفاية، وما عليك سوى أن تسأل أحد علماء الأرصاد الجوية عن ذلك. ولكن تخيّل مدى صعوبة أن تكون كافة البيانات التي تحتاجها للمساعدة في بناء خريطة طقس الغد موجودة في الأعماق تحت الأرض، ولا يمكن الوصول إليها أبداً، ويجب استخدام نموذج مختلف تماماً لكل موقع، لأن القواعد التي تحكم الطقس في هيوستن بولاية تكساس تختلف إلى حد كبير عن تلك القواعد التي تحكم الطقس في بويزي بولاية آيداهو.

هذه ليست سوى بعض التحديات التي يواجهها علماء البراكين عندما يحاولون التنبؤ بالانفجارات البركانية بدقة وبنفس الطريقة التي كثيراً ما تُستخدم للتنبؤ بالعواصف. ولكن على الرغم من شدة تلك التحديات، فإن الانتشار الواسع لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وغيرها من تقنيات الاستشعار عن بعد، جعل التغلب عليها اليوم ممكناً بشكل أكبر مما كان عليه قبل عقود.

وفي إحدى الدراسات التي نشرت يوم الأربعاء في مجلة "Frontiers in Earth Science"، قامت ماري جريس باتو – طالبة الدكتوراه في علم البراكين في معهد (ISTerre) للأبحاث في فرنسا - وزملاؤها بتفصيل كيف يمكن تطبيق تقنيات التنبؤ بالطقس على الانفجارات البركانية، مما قد يهيئ لمرحلة ظهور توقعات البراكين مع تقارير الطقس في بعض الأماكن مثل ألاسكا أو أيسلندا.

وفي الوقت الحالي، يتم رصد علامات تدل على نشاط العديد من البراكين حول العالم (على الرغم من أنه من المقرر أن يتم خفض تمويل بعض هذه البرامج). ويمكن للرصد أن يساعد المدن والبلدات والسكان على الاستعداد للانفجار، ويمكن إنقاذ الأرواح عندما تكتشف محطات الرصد بأن الانفجار قد يكون وشيكاً. فعلى سبيل المثال، أدّت عمليات الإخلاء التي قامت بها الحكومات المحلية قبل انفجار بركان بيناتوبو عام 1991 إلى إنقاذ أكثر من 5 آلاف شخص.

ولكن رصد البراكين بالوقت الحقيقي لا يزال ضعيفاً تقريباً وليس بقوة التنبؤ بالطقس. وتقول باتو: "يمكننا أن ننظر إلى البركان ونراقبه، ولكننا لا نملك القدرة على التنبؤ بتطور البركان على المدى الطويل أو القصير".

وهنا يأتي دور نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). إذ يمكن الآن للأقمار الاصطناعية أن تتتبع الحركات على الأرض، ومكان الأرض مع مرور الوقت. وهذا أمر مهم لأنه يكاد يكون من المستحيل رصد كميات كبيرة من الصهارة المختزنة تحت البركان بشكل مباشر، ويجب أن يتم رصدها على أساس الحركات التي تسببها على سطح الأرض.

ولتصور كمية الصهارة المختزنة، تقول باتو بأنه يجب "التفكير كما لو أن بالوناً تحت البركان، حيث يكون الهواء بمثابة الصهارة". فعندما يتمدد "البالون" بواسطة الصهارة المختزنة، فإنه يدفع الطبقات المغطية من الصخور والتربة. وتقول باتو: "باستخدام بيانات حقيقية لنظام تحديد المواقع العالمي، يمكننا أن نرى البركان وهو يتمدد".

وتعدّ هذه إحدى الدلائل على أن الانفجار قد يكون وشيكاً. وأظهرت باتو وزملاؤها في هذه الدراسة الجديدة بأنه من خلال الجمع بين بيانات نظام تحديد المواقع من الأقمار الصناعية وبين النموذج الموجود لكيفية عمل البركان، وتطبيق تقنيات التنبؤ بالطقس – والتي تسمى أيضاً تحليل البيانات واستيعابها - فإنه يمكن التنبؤ بالحالات التي قد تؤدي إلى الانفجار.

وهذا يشبه كيفية أخذ علماء الأرصاد الجوية للقياسات والبيانات بالوقت الحقيقي من جميع أنحاء العالم، والجمع بينها وبين نماذج الطقس للتنبؤ بمسار العاصفة أو موجة الحرارة.

وفي حين تعدّ نماذج الطقس قوية إلى حدّ ما - على الرغم من أنه لا تزال هناك خلافات حول أي منها هو الأفضل – فإن نماذج البراكين لا تزال في مراحل مبكرة جداً من التطور، كما أن النموذج الذي ينطبق على أحد البراكين في هاواي لن ينطبق بالضرورة على البراكين في إندونيسيا أو روسيا.

ولكن تقنية باتو تتميز بأنها مرنة، إذ تقول: "الشيء الجيد في هذه التقنية هو أنه يمكنك تغيير النموذج الذي تستخدمه. حيث يمكنك استخدامها اعتماداً على ما هو مناسب للبركان الذي تريد مراقبته". وكل ما هو مطلوب أن يحتوي النموذج على عنصر زمني يأخذ بالاعتبار كيف يتصرف البركان مع مرور الوقت.

وحتى الآن، لم يتم تطبيق هذه التقنية إلا في المحاكاة، ولكن باتو وزملاؤها يقومون حالياً باختبار نموذجهم على بركان جريمسفوتن في أيسلندا - والذي شهد انفجاراً ملحوظاً في عام 2011 – وبركان أوكموك في ألاسكا.

وتأمل باتو بأنه عندما تصبح نماذج البركان أكثر قوة، فقد يصبح التنبؤ بالبراكين أكثر شيوعاً، وفي نهاية المطاف مساعدة الناس والمجتمعات التي تعيش في ظل البراكين لتكون أفضل استعداداً للمخاطر التي يواجهونها. وتقول باتو: "إن الطريق طويل للوصول إلى ذلك، ولكنها بداية رائعة".

المحتوى محمي