تعلّم معظمنا في علم الأحياء في المدرسة الثانوية بأن علم الوراثة يمكن أن يكون بسيطاً جداً في بعض الأحيان. إذ تكون بعض الصفات الجسدية نتيجة لمعادلة سهلة تحتوي على زوج من جينات الأبوين. فتنتج إحدى الصفات - العيون الزرقاء، على سبيل المثال - من الجينات المتنحية، ولكن ذلك فقط في حال عدم ظهور أي من الجينات المسيطرة – المسؤولة عن العيون البنية – لتعبر عن نفسها. يمرر كل من الوالدين جينين للون العيون، أو ربما هكذا أخبرك معلمك. واعتماداً على الجمع فيما بينها، يمكن للجينات المسيطرة أن تطغى على الجينات المتنحية لخلق لون خاص بها.
يؤسفنا مفاجأتك بذلك، ولكن القليل جداً من الصفات يظهر بهذه الطريقة. كما أن المثال التقليدي للون العيون هو في الواقع ليس بهذه البساطة. فمع توافر المزيد من المعلومات الجينية، أصبح من الواضح بأن عدداً من الجينات المختلفة تحدد كل صفة. وفي دراسة نشرت الشهر الماضي في دورية أميريكان جورنال أوف هيومان جينيتكس، أظهر العلماء بأن شحمة الأذن ليست استثناءً أيضاً.
وتعدّ شحمة الأذن جزءاً مفضلاً في صفوف علم الأحياء، حيث يتم طرح السؤال: هل شحمة الأذن لديك متصلة بالجلد أو متدلية؟ لقد تعلم الكثير منا في المدرسة بأن هذا الأمر هو مجرد مسألة بسيطة بين الجينات المتنحية والمسيطرة ولكن تقول أكبر دراسة حتى الآن على نطاق الجينوم حول وراثة شحمة الأذن بأن هناك ما لا يقل عن 49 جيناً تلعب دوراً في ذلك.
درس الباحثون مجموعتين مختلفتين لتحديد تلك الجينات. حيث قاموا أولاً بتطويع 10 آلاف شخص، وتحديد تسلسل الحمض النووي لديهم، وفحص آذانهم. ورصد الباحثون من تلك المجموعة الأولية ستة جينات مساهمة. ولكن عندما أضافوا مجموعتهم الثانية، والتي شملت 65 ألف شخص ممن يستخدمون الاختبارات الوراثية لشركة 23 أند مي (ووافقوا على السماح باستخدام عيناتهم لأغراض بحثية)، فقد ارتفع هذا العدد إلى 49.
وفي حين أن النقطة الرئيسية لهذه الدراسة هي أن الصفات الوراثية التي تبدو بسيطة هي أكثر تعقيداً بكثير مما كان يعتقد سابقاً، إلا أن حقيقة أن الأمر تطلب أكثر من 10 آلاف شخص لتحديد تلك الجينات كان مهماً أيضاً. ولا يرغب علماء الوراثة في كثير من الأحيان بإجراء الدراسات السكانية على هذا النطاق، لأنها كبيرة جداً للتركيز على أي تفاصيل محددة. ولكن هذا يعني بأننا قد لا نتمكن من الحصول على الصورة الكاملة، كما أشار المؤلف الرئيسي جون شافر، عالم الوراثة في جامعة بيتسبرغ. وقال شافر بأن إجراء الدراسات التي تجمع بين مجموعات البيانات الصغيرة والكبيرة يمكن أن يجمع مزايا كلا الأمرين.
ويتزايد ملاءمة هذه الأنواع من الدراسات بفضل شعبية شركات الاختبارات الوراثية مثل 23 أند مي وشركة أنسيستري. ويمكن للمستخدمين عادة اختيار عدم مشاركة حمضهم النووي في الأبحاث، ولكن من المفاجئ بأن عدداً كبيرة من العملاء يسمحون باستخدام بياناتهم الخاصة. وبسبب ذلك، قد نتعلم قريباً أموراً أكثر من مجرد الخصائص المميزة لشحنة الأذن.
ويأمل شافر وزملاؤه في الوقت الراهن بمعرفة كيفية عمل كل هذه الجينات مع بعضها لتحديد شكل أذن الشخص. ويقول الباحثون بأن هذا قد يساعدهم على فهم ما يحدث على نحو خاطئ في بعض الأمراض الوراثية مثل متلازمة موات ويلسون، والتي تؤدي إلى ظهور آذان لها شكل الكوب مع بروز في شحمة الأذن.
وعلى نطاق أوسع، يخبرنا هذا البحث بأن هناك قوة للأعداد عندما يتعلق الأمر بعلم الوراثة. فكلما زاد عدد البيانات المتوفرة لدينا، كلما زاد عدد الجينات التي سنتمكن من التعرف عليها. وكما كشفت الصفات التي تبدو بسيطة عن تعقيدها الحقيقي، فسوف تصبح الأمراض التي تشكل لغراً في الوقت الحالي أسهل للفهم عما قريب.