هل يجب علينا القلق حيال الانفجار النووي في روسيا؟

3 دقائق
انفجار روسيا, نووي, الضبعة, مصر
وصف الصورة: لحظة انفجار الوحدة العسكرية في روسيا — حقوق الصورة: آر تي/ يوتيوب

حادثة نووية وقعت في منصة بحرية في خليج دفينسكي في مقاطعة «أرخانجيلسك» بالقرب من البحر الأبيض شمالي روسيا يوم الخميس الماضي، 8 أغسطس/آب، حيث انفجر محرك أحد الصواريخ الذي يعمل بالطاقة النووية. ووفقاً لبيان رسمي نشرته وكالة «روس-أتوم» النووية الروسية، فإن 5 أشخاص من الوكالة لقوا مصرعهم، وأصيب 3 آخرين بجروح نقلوا على إثرها إلى مستشفيات لتلقي العلاج.

تسبب الانفجار في ارتفاع مستوى الإشعاع النووي؛ وفقاً للرواية الرسمية الروسية إلى 2 ميكروزيفرت/الساعة لمدة نحو 40 دقيقة، ثم عاد إلى طبيعته (0.11) في مدينة «سيفيرودفينسك» التي تبعد 40 كيلومتراً عن موقع الانفجار. يقول الخبراء أن الصاروخ الذي انفجر هو الصاروخ «SSC-X-9 Skyfall» الذي أعلن عنه الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في مارس/آذار 2018.

تعليقاً على الحادث، قال «فياتشيسلاف سولوفييف»، مدير المركز النووي الروسي؛ إن النموذج الأوّلي للسلاح الذي كان يتم اختباره كان يعتمد على مصادر الطاقة التي طورها المركز النووي الروسي، والتي تستخدم «المواد المشعة بما في ذلك المواد الانشطارية والنظائر المشعة».

وحدة «زيفرت»

بما أننا نتحدث عن تلوث إشعاعي مؤين (أشعة جاما، الأشعة السينية، جسيم بيتا أو ألفا) داخل مدينة، فإننا نحتاج إلى قياس الضرر الذي لحق بالسكان، إذن نحن بحاجة إلى معرفة كمية الإشعاع التي امتصتها خلاياهم وأنسجتهم في هذه المنطقة، لهذا ستكون الوحدة الرئيسية هنا تسمى «زيفرت - sievert». يمكننا تعريفها ببساطة على أنها وحدة قياس الجرعات الإشعاعية المكافئة، لا تقيس الوحدة كمية الإشعاع التي تمتصها الأنسجة البشرية فحسب، بل توضح كيف يؤثر نوع الإشعاع على الكائن الحي.

واحد زيفرت يعد كمية كبيرة (1000 مللي زيفرت)، لهذا تستخدم الوحدات المشتقة منه لقياس الإشعاع؛ مثل «مللي زيفرت»، و«ميكروزيفرت». وإذا كنا نتحدث عن «ميكرو»، فنحن نتحدث هنا عن جزء من المليون من الوحدة الرئيسية. وبالنظر إلى الكمية التي أعلنت عنها السلطات الروسية في الحادث، فهي نسبة ضئيلة للغاية، حيث تبلغ النسبة الحرجة التي يتعرض فيها المرء إلى الإصابة بالحروق واحمرار الجلد وتساقط الشعر  1 زيفرت (1000 مللي زيفرت).

من تشيرنوبل إلى فوكوشيما

تشيرنوبل
تشيرنوبل - حقوق الصورة: فوتوكون/شترستوك

لا يمكننا الحديث عن الحادثة هنا دون تذكّر تشيرنوبل التي وقعت في أبريل/نيسان عام 1986، وكارثة مفاعل فوكوشيما الياباني الذي تعرض لأضرار جسيمة بعد زلزال 11 مارس/آذار 2011. سنوضح هنا كمية الإشعاع التي تعرضت له المدينتين.

في مدينة تشيرنوبل، تراوحت كمية الإشعاع في مبنى المفاعل بالقرب من مركز التحكم والمناطق المحيطة من 0.1 إلى 300 زيفرت/الساعة. وفي الفترة بين عام 1987 - 1990 عاد بعض الأشخاص إلى المدينة لتنظيف آثار الكارثة، حيث تعرضوا لكمية إشعاع بلغت 120 مللي زيفرت، كما تعرض عمال التنظيف في مبنى المفاعل بعد فترة وجيزة من الكارثة إلى وحدات عالية من الإشعاع؛ تراوحت من 8000  إلى 16000 مللي زيفرت، أدت إلى وفاة 28 منهم. أما في مفاعل فوكوشيما، فقد بلغت كمية الإشعاع 400 مللي زيفرت/ الساعة.

هل يجب أن نقلق؟

الإجابة المختصرة: لا. لا داعي للقلق. ببساطة، هناك مقياس تقريبي/تعليمي يُعرف بـ «جرعة الموز المكافئة» (BED)، هو مجرد معيار تعليمي لتقريب كمية الجرعة من الإشعاع التي يمكن أن يتعرض لها الشخص.

تم اختيار الموز تحديداً لأنه يحتوي على نظائر طبيعية، أبرزها نظير عنصر البوتاسيوم؛ «بوتاسيوم - 40» المشع. تحتوي الموزة الواحدة متوسطة الحجم على 0.1 ميكروزيفرت. فإذا نظرنا لحجم الجرعة التي تعرضت لها المنطقة الروسية من الإشعاع، فهي تقريباً تساوي جرعة الإشعاع الناتجة عن تناول شخص ما لـ 20 موزة/ساعة.

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فالجرعة المتوسطة من الإشعاع التي يمكن أن يتعرض لها الشخص سنوياً تقدر بنحو 2400 ميكروزيفرت يمكن أن تتغير على حسب طبيعة المكان الجغرافي بعدة مئات في المائة.

محطة الضبعة في مصر

بعد الانفجار في روسيا، كان رد الفعل الأبرز على وسائل التواصل الاجتماعي هو ربط ما حدث في روسيا بمشروع الضبعة في مصر، حيث من المنتظر إنشاء أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في مصر، ومن المتوقع تشغيلها عام 2026. لكن ما الرابط الحقيقي بين حادثة روسيا الأخيرة والضبعة؟

يعد مشروع الضبعة جزءاً من البرنامج النووي المصري الذي بدأ في الخمسينيات من القرن الماضي. تمت الموافقة على إنشاء المشروع من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2010، ثم وقّعت الحكومة المصرية عقدين مع روسيا لبناء وتمويل المشروع عام 2015. لذا فالرابط الحقيقي هو أن المشروع تتولاه وكالة «روس - أتوم» النووية الروسية، هي ذاتها التي وقع الحادث في روسيا تحت إشرافها.

ورداً على تساؤل محلي مصري حول هل يجب أن نقلق بخصوص هذه التجارب، أو حتى القلق بشأن مشروع الضبعة؛ فوفقاً لبيان رسمي أصدرته هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء المصرية، فإن طبيعة التجارب النووية التي تجري في المواقع العسكرية في روسيا تختلف جذرياً عن مشروع الضبعة لإنتاج الطاقة الكهربائية، أحد التطبيقات السلمية للطاقة النووية. تتميز محطة الكهرباء بأنظمة أمان نووي عالٍ، كما أشارت الهيئة في بيانها إلى أن محطة الطاقة النووية في الضبعة هي من الجيل الثالث الذي يستطيع تحمل ظروف طبيعية أو غير طبيعية قاسية.

ختاماً، حوادث كثيرة وقعت في روسيا واليابان، وبعد كل حادثة تستطيع المدن النهوض مجدداً، وعودة الحياة إليها مرة أخرى حتى وإن كانت حياة تشوبها بعض التفاصيل التي لا تُنسى.

المحتوى محمي