هل تناول أدوية مثل موترين وأدفيل يؤدي إلى توقف القلب؟ نعم هذا ممكن بحسب دراسة نشرت في مارس 2017 في المجلة الأوروبية للعلاج الدوائي لأمراض القلب والأوعية الدموية.
وجاء في هذه الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون أدوية مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية المعروفة اختصاراً بـِ NSAIDs معرضون للإصابة بالسكتة القلبية والنوبة القلبية أكثر من غيرهم بنسبة 30%.
وبعيداً عن الخلط بين المصطلحين فإن السكتة القلبية تحدث عندما تتوقف ضربات القلب، بينما تحدث النوبة القلبية عندما تتم إعاقة الأوكسجين من دخول القلب، الأمر الذي يؤدي غالباً إلى السكتة القلبية.
إن ديكلوفيناك الذي يوصف كمسكن للألم ويستخدم في حالات التهاب المفاصل والصداع النصفي، وإيبوبرفين الذي يباع باسم (موترين وإيبوبرفين) يعتبران من أكثر الأدوية خطورة في هذا المجال، أما نابروكسين صوديوم الذي يباع باسم (أليف) وسيليكوكسيب الذي يوصف كمسكن للألم ويباع باسم (سيليبريكس) فهما الأكثر أماناً.
ولتقييم العلاقة بين كل مسكن وبين السكتة القلبية، قام باحثون دنماركيون بجمع بيانات من 28947 مقيماً في الدنمارك ممن تعرضوا لسكتة قلبية خارج المستشفيات وذلك بين عامي 2001 و 2010. وقد بدأت الدنمارك التي تملك نظام رعاية صحية شاملة منذ الستينات بعمل سجل السكتة القلبية الدنماركي عام 2001 في محاولة لخفض حالات السكتة القلبية ولتحسين النتائج الطبية للمرضى. ويضم هذا السجل بيانات لكل حالة سكتة قلبية منذ إنشاء قاعدة البيانات. وقد ركز الباحثون على حالات السكتة القلبية خارج المستشفيات وذلك لأن المرضى في المستشفيات يكون لديهم مسبقاً مرض أو عوامل خارجية قد تؤدي إلى توقف القلب. قام الباحثون باستخدام تقنية تعرف باسم طريقة مراقبة الحالة المرتبطة بالزمن والتي تسمح للخاضعين للفحص بالعمل بفعالية كمجموعة تحكم خاصة بهم. تقول كاثرين سوندرجراد إحدى واضعي هذه الدراسة: "في هذه الطريقة يمكننا الالتفاف على المشاكل المتعلقة بكل أنواع العوامل الخارجية للأمراض. هل المرضى يدخنون؟ هل يعانون من السمنة؟ هل لديهم ارتفاع في ضغط الدم؟ كل هذه العوامل التي لا نستطيع التحكم بها يتم استبعادها لأن المريض يتحكم بها بنفسه"
ولاستبعاد أي تأثيرات متلازمة كاستخدام دواء جديد، قام واضعو الدراسة بجمع 115788 مشاركاً من سجل المرضى الدنماركي في مجموعة تحكم ممن يملكون سمات ديموغرافية مشابهة للمجموعة التي تخضع للدراسة، ثم أجروا عليهم نفس التحليل واستخدموا تحليلاً إحصائياً ليقارنوا النتائج بين المجموعتين. ومع أن استخدام أي من مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية يزيد من مخاطر السكتة القلبية فإن هذه الأدوية ليس لها نفس الدرجة من الخطورة، حيث يترافق ديكلوفيناك مع زيادة بنسبة 50% للخطر، بينما يترافق إيبوبروفن مع زيادة 31%. أما أسبيرين وهو مضاد التهاب غير ستيروئيدي أيضاً فيعتقد أنه صديق للقلب لتأثيره المخفف للدم ولذلك لم تشمله الدراسة.
من المهم أن نلاحظ أن هذه الأدوية تزيد فقط من المخاطر الكامنة للإصابة، فإذا كان لدى المريض فرصة للإصابة بالسكتة القلبية بنسبة 1-2% قبل تناول ديكلوفيناك، فإن تعاطي هذا الدواء يزيد من نسبة الإصابة لديه إلى 3%.
وهذه الدراسة ليست الأولى التي تشير إلى وجود علاقة بين مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية وأمراض القلب أو حتى السكتة القلبية. تقول سوندرجراد: "تكمن المشكلة في أن السكتة القلبية هي بالنسبة لكثير من الناس أول أعراض أمراض القلب لديهم. وقد يكون لديك مرض في القلب وأنت لا تعلم بذلك حتى تصاب فجأة بالسكتة القلبية". ولذلك يجب على الإنسان أن يتأكد من عدم وجود خطر كبير للإصابة بالسكتة القلبية عندما يبدأ بتناول هذه الأدوية. وإنه لأمر مخيف أن تتحول الأدوية التي نأخذها لتخفيف الألم إلى أدوية قاتلة.
يوجد قرائن قوية تم التأكد منها قبل سنوات على أن "acetaminophen" المعروف تجارياً باسم تايلنول قد يسبب الفشل الكبدي العفوي بجرعات منخفضة نسبياً أو عند مزجه بالكحول. وهذا ما جعل سوندرجراد تعتقد أنه يجب الخضوع لفحص طبي قبل بدء تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.
وبسبب آثارها المضادة للالتهاب فإن هذه الأدوية تعتبر عقاراً تلجأ إليه النساء لتخفيف تشجنات الحيض. ولأن المرأة في سن الحيض تكون شابة وبصحة جيدة فإن أخذ حبتين من إيبوبروفن لمدة يوم أو يومين لا يؤدي إلى توقف القلب بشرط ألا تزيد الجرعة اليومية عن 1200 مغ وألا تزيد مدة أخذ الدواء عن يوم أو يومين.
وقد وجدت دراسات سابقة على النوبات القلبية أن الأعراض بدأت بالظهور بعد أقل من أسبوع من تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية ولكن درجة الخطر تبقى أقل عند الشباب.
ومع ذلك تقول سوندرجراد: "لا يشترط أن تتناول هذه الأدوية بشكل يومي لتكون معرضاً للإصابة".
وحتى الأدوية التي تعتبر آمنة في هذه الدراسة الخاصة ليست بعيدة عن الضرر. فعلى سبيل المثال: الأشخاص الذين يتناولون" reofecoxib" ليس لديهم معدلات عالية للإصابة بالسكتة القلبية ومع ذلك تم سحب هذا العقار المعروف تجارياً باسم "Vioxx" من الأسواق في الولايات المتحدة عام 2004 حيث وجدت الشركات المصنعة له أن استخدامه لفترة طويلة قد يسبب النوبة القلبية أو حتى السكتة الدماغية.
خلاصة القول: قم بعمل فحوص منتظمة لمراقبة عمل القلب، تعرف على عوامل الخطر الشخصية لديك، ولا تتناول الدواء بشكل اعتباطي لمجرد أن هذا الدواء لا يحتاج إلى وصفة طبية. وتختم سوندرجراد: "قد تعتقد أن بيع هذه الأدوية في المتاجر الكبرى يعني أنها أدوية آمنة، ولكن هذا بعيد كل البعد عن جوهر الحقيقة".