يمكن أن تعتمد تقنية كريسبر على الجسيمات النانوية الذهبية لتعديل الدماغ

2 دقائق
مصدر الصورة: ديبوزيت فوتوز

لا شك في أن تطبيقات تقنية كريسبر متعددة ومتنوعة، ما يجعلها أقرب إلى السحر، والآن يمكننا أن نضيف إليها واحداً جديداً: مساعدة الناس المصابين باضطرابات عصبية على تعديل أدمغتهم بدقة عالية للتخفيف من أعراض إصابتهم.

على الأقل، هذا ما تعد به دراسة جديدة نشرت مؤخراً في مجلة Nature Biomedical Engineering. وفي هذه الدراسة، قام باحثون من جامعة تكساس وجامعة كاليفورنيا في بيركلي وشركة جين إيديت في بيركلي أيضاً بوصف عملية جديدة تعتمد على استخدام الجسيمات النانوية الذهبية من أجل توصيل الأنزيم Cas9 الذي يقوم بالتعديل. ويقولون أن هذه التقنية، والتي وصفت لأول مرة في بحث في 2017 حول التعامل مع تعديل الجينات في الخلايا العضلية، قد تحوي على مشاكل أقل بالمقارنة مع الفيروسات، والتي تمثل الأسلوب المعتمد عادة للتوصيل في كريسبر. كما أن البحث الجديد يعرض تطبيقاً لكريسبر لم يكد يسمع به أحد من قبل: التعديل داخل دماغ المخلوق البالغ.

يقول نايرين مورثي، مهندس بيولوجي في بيركلي، وعمل لعدة سنوات على تصميم وسائل توصيل جديدة لكريسبر: "يعتبر هذا البحث أول تجربة لتعديل الجينات في الدماغ بشكل غير فيروسي للحصول على نتائج موضعية". يمكن أن يساعد هذا النوع من التعديل المحلي على معالجة المصابين بداء هنتنجتون، والصرع، والآلام المزمنة، وحتى الإدمان.

في هذه الدراسة، استخدم الباحثون كريسبر مع الذهب لتعديل أدمغة الفئران المصابة بمتلازمة إكس الحساس، وهي داء جيني مرتبط باعتلال طيف التوحد ASD. وعلى الرغم من أن متلازمة إكس الحساس مرض جيني يمكن تشخيصه بالاختبارات الجينية، فإن الأطباء السريريين يشخصون اعتلال طيف التوحد بناء على دلالات سلوكية، مثل السلوكيات المتكررة. وهو ما يعني أنه من الصعب أن نبحث في موضوع "علاج" للتوحد، ولكن يمكن باستخدام كريسبر والذهب معالجة تناذر إكس الحساس الذي يسبب السلوكيات المرتبطة باعتلال طيف التوحيد لدى البعض.

قام الباحثون بحقن أجزاء معينة من أدمغة الفئران بالجسيمات النانوية الذهبية المعالجة لحمل جزيئات Cas9. ويقوم الذهب بحمل الأنزيم إلى مستقبل يسمى مستقبل الجلوتاميت التحولي 5. وعلى الرغم من أنه مستقبل شائع، فإنه مرتبط بالسلوكيات التكرارية ضمن القسم الذي حقنه الباحثون بالجسيمات النانوية الذهبية. وهناك في الجسم المخطط (أحد أجزاء الدماغ)، قام Cas9 بتثبيط الجين الذي ينتج المستقبل، وهو ما أدى إلى تراجع الحفر والقفز التكراري لدى الفئران، بنسبة 70% في حالة القفز.

تمكن الباحثون، باستخدام اختبارات صبغ الخلايا، من إثبات إمكانية تعديل أنواع متعددة من الخلايا الدماغية باستخدام كريسبر والذهب، وهو ما يفتح المجال أمام المزيد من التطبيقات.

تشرح هاي يونج لي، المؤلفة الأساسية للبحث: "يوجد قيود على استخدام الفيروسات، لأن الفيروس قد يفرز بروتينات غير مرغوب بها". يركز مختبرها في جامعة تكساس سان أنطونيو على دراسة كيفية ظهور اعتلال طيف التوحد في الدماغ، وكيف يمكن علاجه. بدأت بالتعاون مع فريق كريسبر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي منذ حوالي سنتين، ورأت كيف يمكن استخدام كريسبر مع الذهب لتوصيل التعديلات الجينية إلى الدماغ بدون الآثار الجانبية الضارة لطريقة كريسبر العادية.

يمكن لاستخدام الفيروسات لتعديل الدنا في الدماغ أن يكون له آثار جانبية، لأنها لا تختفي فور انتهاء عملية كريسبر. ولكن استخدام الجسيمات النانوية الذهبية يلغي مسألة الدنا الغريب الذي يفرز فيروسات ضارة، وهو أحد المشاكل الأساسية في كريسبر. غير أن ترك دقائق ذهبية في الدماغ ليس بالأمر الجيد أيضاً، كما يقول مورثي، ويعمل الفريق الآن على دراسة أساليب لتوصيل Cas9 بدون الذهب، عن طريق البوليمرات التي تستخدم حالياً لإلصاق الأنزيم بالذهب.

وعلى غرار معظم الأشياء المتعلقة بكريسبر، فإن فكرة تعديل أدمغة البشر الذين يعانون من أمراض عصبية تثير عدة أسئلة أخلاقية، بما فيها إمكانية اعتبار أن أدمغة المصابين بطيف التوحد تحتاج حتى إلى معالجة. تقول لي: "أريد أن أؤكد على أن هذا لا يعتبر حلاً". وتقول أنه قد يكون من الممكن، باستخدام هذه التقنية، معالجة الأعراض غير المرغوبة لدى المصابين بالتوحد، مثل السلوكيات المتكررة التي قد يعالجونها عادة بالأدوية، غير أن التغييرات التي ستحدثها كرسيبر ستكون على الأرجح دائمة.

المحتوى محمي