هل استخدم الكنعانيون الأمشاط للتخلص من القمل؟

3 دقائق
هل استخدم الكنعانيون الأمشاط للتخلص من القمل؟
مشط عاجي يعود لعام 1700 قبل الميلاد ويحتوي على نقش حول القمل. دافنا غازيت.

قبل قرون من ترويج المؤثرين في مجال العناية بالبشرة لاستخدام الأدوات مثل أغطية الوسادات الحريرة لمعالجة تساقط الشعر والتجاعيد واستخدام الأقنعة الورقية لجعل البشرة تتوهج بشكل طبيعي واستخدام المايونيز لمعالجة للشعر، استخدم البشر مشطاً لعلاج واحدة من أقدم الآفات التي عانوا منها، وهي القمل.

تم إيجاد مشط عاجي يعود لعام 1700 قبل الميلاد ويحتوي على نقش ينص على أنه يساعد على التخلص من هذه الحشرات عديمة الأجنحة التي تغزو شعر البشر. وفقاً لدراسة نُشرت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 في مجلة القدس لعلم الآثار، إن نص النقش هو التالي: "نأمل أن يزيل هذا الناب [العاجي] القمل من شعر الرأس واللحية". تشكّل الحروف التي يبلغ عددها 17 حرفاً 7 كلمات، وهي تنتمي إلى نوع مبكّر من الأبجدية التي استخدمها الكنعانيون.

اقرأ أيضاً: أكثر من 2500 عام: أقدم سجل معروف لبيع الملح في حضارة المايا

جملة كنعانية كاملة للمرة الأولى

عاش الكنعانيون في منطقة تشمل أجزاء من البلدان التي نسميها اليوم فلسطين ولبنان وسوريا والأردن، وحملت هذه المنطقة اسم كنعان. ذُكرت هذه المنطقة أكثر من مرة في الكتب المقدسة والنصوص التاريخية التي تعود لعام 3600 قبل الميلاد. تم إيجاد المشط سابق الذكر في مدينة تل لاكيش (تل الدوير اليوم)، وهي أنقاض مدينة كنعانية كبيرة من الألفية الثانية قبل الميلاد. في الفترة بين عامي 1800 و1150 قبل الميلاد، كانت مدينة تل لاكيش مركزاً ثقافياً أساسياً لاستخدام الأبجدية الكنعانية وحفظها. حتى يومنا هذا، تم إيجاد 10 نصوص كنعانية في تل لاكيش. ولكن لم يحتوِ أي منها على جملة كاملة، باستثناء النص المكتوب على المشط المكتشف حديثاً.

قال عالم الآثار في معهد علم الآثار في الجامعة العبرية في القدس وأحد مؤلفي الدراسة، يوسف غارفينكل (Yosef Garfinkel)، في بيان صحفي: "هذه هي الجملة الأولى في اللغة الكنعانية التي يتم العثور عليها في فلسطين. يعيش بعض الكنعانيين في أوغاريت في سوريا، لكنهم يكتبون باستخدام أحرف مختلفة عن الأبجدية المستخدمة حتى اليوم"، وأضاف: "ذُكرت المدن الكنعانية في الوثائق المصرية والرسائل التي وجدت في تل العمارنة والمكتوبة باللغة الأكادية وفي الكتاب المقدس العبري. يمثّل النقش الموجود على المشط دليلاً مباشراً على استخدام الأبجدية الكنعانية في الأنشطة اليومية منذ نحو 3700 عام. وهذا الاكتشاف هو علامة بارزة في دراسة تطور قدرة البشر على الكتابة".

اقرأ أيضاً: تعرف إلى الاكتشافات الفلكية المذهلة في الحضارة اليونانية القديمة

أمشاط لإزالة القمل

يبلغ طول المشط نحو 2.5 سنتيمترات وعرضه نحو 2.3 سنتيمترات. كما أنه يحتوي على أسنان على كلا الجانبين تم استخدامها على الأرجح لإزالة القمل وبيضه من الشعر على غرار أمشاط القمل ذات الوجهين التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم. صُنعت الأمشاط التي تعود لهذه الفترة من العظام أو الخشب أو العاج الفاخر. وكان العاج هو المادة الأكثر تكلفة، وعلى الأرجح أنها كانت تُستورد. افترض مؤلفو الدراسة الجديدة أن منشأ المشط هو مصر على الأرجح، وذلك نظراً لعدم وجود الفيلة في كنعان خلال هذه الفترة الزمنية. تبين حقيقة استيراد هذا النوع من الأدوات الفاخرة أنه حتى الأثرياء كانوا معرضين للإصابة بالقمل.

تم العثور على بقايا صغيرة الحجم لبعض قملات الرأس (والتي يبلغ قطرها نحو 0.5 مليمتر) على أحد أسنان المشط. لم يتم حفظ قملة كاملة على المشط نتيجة لظروف الطقس والظروف المناخية التي كانت سائدة في مدينة تل لاكيش. لكن تم إيجاد الغشاء الكيتيني الخارجي الخاص بيرقة إحدى الحشرات.

وفقاً للدراسة، تساعد العديد من السمات الخاصة للمشط (على الرغم من صغر حجمه) الباحثين على سد الفجوات المعرفية حول الثقافة الكنعانية في العصر البرونزي، والتي استمرت من عام 3000 إلى 1000 قبل الميلاد. يبين الاكتشاف الجديد جملة فعلية كاملة مكتوبة باللغة التي استخدمها سكان تل لاكيش الكنعانيون لأول مرة. ما يمنح العلماء الفرصة لمقارنة هذه اللغة باللغات المكتوبة الأخرى في العصر البرونزي. يسلط النقش أيضاً الضوء على بعض جوانب الحياة اليومية العادية ولكن غير المفهومة بشكل جيد للبشر في ذلك الوقت، مثل العناية بالشعر والتعامل مع القمل.

اقرأ أيضاً: الكشف عن قناع ضخم يعود لحضارة المايا في المكسيك

بالإضافة إلى ذلك، يمثل هذا النقش أول اكتشاف في هذه المنطقة لكتابة تشير إلى الغرض من الأداة الموجودة فيها، كما أنه يبين مهارة الشخص الذي نقشه. تمكّن هذا الشخص من نقش أحرف صغيرة لا يتجاوز عرضها 2.5 سنتيمترات بنجاح. ويمكن أن يساعد فحص هذا النقش الباحثين في الدراسات المستقبلية حول قدرة الكنعانيين في العصر البرونزي على القراءة والكتابة والنقش.

المحتوى محمي