ما هي مسببات اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط وهل يمكن علاجه؟

4 دقائق
اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط
حقوق الصورة: شتر ستوك/ فيزكيس

ما هي مسببات اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط وهل يمكن علاجه؟ سؤال ورد من «جينيفا بي». 17 عاماً، الفيلبين.

اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط

اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط هو حالة شائعة مرتبطة بالصحة العقلية، يُساء فهمها في كثيرٍ من الأحيان. تشمل الأعراض قلّة الانتباه وفرط النشاط (الحركة) والاندفاع؛ وهي سلوكيّات يمر بها الجميع في وقتٍ أو آخر. بالنسبة للأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، فإن هذه السلوكيات تحدث بشكلٍ متكرر وتتعارض مع الحياة اليومية في أماكن مثل المدرسة والمنزل، وفي أي مكان آخر.

يؤثر اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط على أكثر من 6 ملايين طفل في الولايات المتحدة، وتظهر الأعراض على الأشخاص المصابين به عند بلوغهم سن 12 عاماً، وعادةً ما تستمر حتى مرحلة المراهقة. كما يمكن أن يؤثر هذا الاضطراب على الأشخاص طوال حياتهم.

في المتوسط، يصاب طالبان اثنان في كل فصل دراسي في الولايات المتحدة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. كما من المهم ملاحظة أن هذا الاضطراب هو مجرد طريقة واحدة لتحديد سلوك الشخص، ولا علاقة له بمدى ذكائه أو قدرته على الانخراط في مجتمعه مثل تكوين الصداقات، أو التفوّق في مجالاتٍ مختلفة مثل الرياضة، الموسيقى، الفن أو أي نقاط قوة أخرى يمتلكها.

اقرأ أيضاً: المشكلات السلوكية عند الأطفال: أسبابها وعلاجها 

ما الذي يسبب وما لا يسبب اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط؟

لا أحد يعرف تحديداً ما الذي يسبب اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. يعتقد العلماء أن الجينات قد تلعب دوراً، لكن لا أحد يعرف تحديداً كيف تفعل ذلك. استناداً إلى سنوات من نتائج البحث، يعزو العلماء هذه الحالة إلى مزيج من العوامل مثل كيفية عمل دماغ الشخص المصاب وبيئته المحيطة.

سلّطت الأبحاث مزيداً من الضوء على ما لا يسبب اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط. على سبيل المثال، فإن نتائج هذه الأبحاث لا تدعم النظريات الشائعة القائلة بأن الإفراط في تناول السكريات أو استخدام الأجهزة الإلكترونية مسؤولان عن ارتفاع عدد الأطفال الذين تم تشخيصهم بهذه الحالة منذ عام 1990 (عندما تم اكتشافها في أقل من 2% من جميع أطفال الولايات المتحدة).

اليوم، فإن ما لا يقل عن 9.4% من الأطفال تم تشخيصهم بهذا الاضطراب. واستناداً إلى جميع الأبحاث التي أجريتُيتُها والنتائج الأخرى التي راجعتها، فإنني أعتقد أن هذه الزيادة ناتجة -بشكلٍ عام- عن زيادة الوعي بهذا الاضطراب، وكيفية تشخيصه بشكلٍ أفضل، وليس في ارتفاع نسبة الإصابات بالمرض نفسه.

لا تتسبب طرق تعامل الآباء مع أطفالهم في إصابتهم بهذا الاضطراب، لكن الأطفال والمراهقين المصابين به لديهم العديد من السلوكيات التي تتطلب تدخل الآباء أكثر من الأطفال غير المصابين.

اقرأ أيضاً: بعكس الاعتقاد الشائع: الشاشة لا تؤذي الأطفال حقاً.. وقد تحمل فوائد

تغيير السلوكيات كعلاج

يعتقد معظم علماء النفس أن اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط هو صفة لا يمكن تغييرها، مثل لون العينين أو الطول. لا يمكن للأطباء علاج اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، تماماً مثلما لا يمكنهم إطالة ساقيك.

إذا واجه شخص ما صعوبة في الوصول إلى رف عالٍ، فهل ستخبره أنه يحتاج فقط إلى أن يكون أطول؟ بالطبع لا. لكن يمكنك أن تقترح عليه استخدام سلّم.

الخبر السار هو أن هناك عدة طرق تساعد الأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في التغلّب على التحديّات التي تواجههم. تدعم الأدلة نوعين متميزين من العلاجات.

اضطراب فرط الحركة مع نقص الانتباه
حقوق الصورة: شتر ستوك/ ماريا سبايتوفا

عادة ما يتم تنفيذ العلاج السلوكي من قبل الآباء والمعلمين الذين يعملون معاً. يتضمن هذا العلاج تحديد أهداف واضحة للشخص المصاب، وإعطاء ملاحظات حول التقدّم الذي يحققه نحو تلك الأهداف والتي عادةً ما تكون على أساس يومي. ميزة أخرى هي تقديم المكافآت أو الامتيازات عندما يحقق الأشخاص المصابون أهدافهم.

من بين العلاجات الأكثر فعالية هو تعليم الآباء كيفية إيلاء المزيد من الاهتمام عندما يؤدي أطفالهم واجباتهم المدرسية وأعمالهم المنزلية، ويتصرفون بشكلٍ جيد بشكلٍ عام. يمكن للوالدين والمعلمين مساعدة الأطفال من خلال تقنية «الإمساك بطفلك ليكون جيداً» (تقنية للتعامل مع السلوك التخريبي)- بدلاً من التصحيح والعقاب. مع تقدمهم في السن، يمكن للأطفال والمراهقين المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط تحديد أهداف لأنفسهم والعمل بجد لتعلّم طرق الحفاظ على التنظيم وإدارة يومهم.

يُحدث العلاج السلوكي فرقًا لأن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يعمل مثل الضوء الذي يتم تشغيله بواسطة مفتاح رفع أو خفض شدة الإضاءة، فبدلاً من مجرد تشغيله أو إيقاف تشغيله، يمكن رفعه إلى مستوى ساطع أو تقليل سطوعه إلى وميض خافت. وبالمثل، يمكن أن تزيد أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو تنقص استجابةً لمواقف وتفاعلات معينة.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر النشأة في ظروف قاسية في تطوّر أدمغة الأطفال؟

بعض الأدوية قد تساعد في العلاج

الأدوية المنشّطة التي تُصرف تحت إشراف طبّي قد تساعد العديد من الأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط على التركيز لفترة أطول. ومع ذلك، كما هو الحال مع جميع الأدوية، فإن بعض الأشخاص لا يستطيعون تناولها بسبب آثارها الجانبية. تتوفر بعض الأدوية غير المنشّطة، لكنها عموماً أقل فعّالية.

وجد الباحثون أن أفضل نهج هو البدء بالعلاج السلوكي أولاً ، خاصة للأطفال الصغار. يمكن أن يعيق اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط التحوّلات الكبيرة؛ في مرحلة الطفولة والبلوغ، ويشمل ذلك بدء الدراسة في المرحلة المتوسطة (الإعدادية) أو الثانوية، تعلّم القيادة، الذهاب إلى الجامعة، الالتحاق بسوق العمل. أعتقد أنه عادة ما يتطلب الأمر مزيداً من الاهتمام والعلاج في تلك الأوقات.

لقد قادتني سنوات عديدة من البحث إلى الاعتقاد بأن الأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يمكن أن يكونوا ناجحين على المدى الطويل عندما يعملون هم وأسرهم ومعلميهم بجد، وبقدر ما هو ضروري لبناء المهارات وتغيير أنماط السلوك التي تعقّد الحياة اليومية. كما أن حصولهم على هذا الدعم يساعدهم في أي وقت يحتاجون إليه.

نُشر هذا المقال من «ذي كونفيرسيشن» ضمن سلسلة «أطفال فضوليون» بواسطة «غريغوري فابيانو» أستاذ علم النفس بجامعة فلوريدا الدولية

المحتوى محمي