تلقّى الملايين لقاح مرض كوفيد-19 مؤخراً؛ ولكن لماذا تُحقَن اللقاحات في الذراع وليس في المؤخرات أو أي مكانٍ آخر في الجسم؟
كأستاذ مساعد في التمريض لديه خلفيه في الصحة العامة، وكأمّ لطفلين؛ سألت هذا السؤال عدة مرات. إليكم بالأسباب العلمية التي تجعلنا نتلقّى معظم اللقاحات في أذرعنا.
الجدير بالذكر أن معظم اللقاحات -وليس كلها- يتم حقنها في العضلات؛ وهي طريقة تُعرف باسم «الحَقن العضلي»؛ لكن بعض اللقاحات؛ مثل لقاح الفيروس العجلي، تُحقن فموياً، بينما تُحقن بعض اللقاحات الأخرى تحت الجلد؛ مثل لقاح الحصبة والنُكاف (التهاب الغدة النكفيّة) والحصبة الألمانية، ومع ذلك؛ تُحقن العديد من اللقاحات الأخرى عن طريق العضلات.
لكن لماذا الحقن عن طريق العضلات أمر مهم؟ وهل يلعب موقع الحقن دوراً؟ ولماذا يتم الحقن في العضلة الدّالية التي تقع أعلى الكتف؟
1. تحتوي العضلات على الخلايا المناعية
تُعتبر العضلات مواقعَ ملائمةً للغاية للحقن، لأن الأنسجة العضلية تحتوي على خلايا مناعية ضرورية، تتعرّف هذه الخلايا على المستضدّات (وهي جسيمات فيروسية أو بكتيرية صغيرة توجد في اللقاحات وتحفّز الاستجابة المناعية)، وفي حالة بعض لقاحات مرض كوفيد-19، لا تحتوي هذه اللقاحات على المستضدات؛ بل على «مخطط عمل» لتركيب المستضدات. تلتقط الخلايا المناعية في الأنسجة العضلية هذه المستضدات وتحملها إلى العقد اللمفاوية، كما أن حقن اللقاح في الأنسجة العضلية يركّز اللقاح في منطقة واحدة؛ مما يسمح للخلايا المناعية أن تنبّه الخلايا المناعية الأخرى وتبدأ عملها.
[tooltip content="تسمى أيضاً الغلوبولينات المناعية، وهو بروتينات وقائية تنتجها الخلايا المناعية البائية للجسم استجابةً لوجود مادة أو جسم غريب، يُسمى المستضد، مثل المواد السامة أو الفيروسات. تتعرف الأجسام المضادة على المستضدات وتلتصق بها لتخلص الجسم منها؛ وفي هذه الحالة تتكاثر الخلايا البائية بكثرة لتولد عدداً كافياً من الجسيمات المضادة، وبالتالي تخليص الجسم من المادة الغريبة التي دخلت إليه." url="https://popsciarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%b3%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b6%d8%a7%d8%af%d8%a9/" ]الأجسام المضادة[/tooltip]عندما تتعرّف الخلايا المناعية في العضلات على اللقاح؛ تحمل هذه الخلايا المستضدات إلى الأوعية اللمفاوية؛ والتي تنقل هذه الخلايا إلى العقد اللمفاوية. تحتوي العقد اللمفاوية؛ وهي جزء أساسي من الجهاز المناعي، على المزيد من الخلايا المناعية التي تتعرف على المستضدات، وتبدأ الاستجابة المناعية؛ التي تتمثّل في تركيب الأجسام المضادة.توجد عناقيد من العقد اللمفاوية في مناطق قريبة من مواقع حقن اللقاح، على سبيل المثال؛ تُحقن الكثير من اللقاحات في الذراع في العضلية الدّالية، لأنها قريبة من العقد اللمفاوية الموجودة تحت الإبط، وإذا حُقنت اللقاحات في الفخذ؛ تكون المسافة بين موضع الحقن والعقد اللمفاوية الموجودة في الأربيّة قصيرةً أيضاً.
2. العضلات تجعل رد الفعل على اللقاح متمركزاً
تميل الأنسجة العضلية لتحافظ على مركزية ردة الفعل تجاه اللقاح. قد يتسبب حقن اللقاحات في الذراع في العضلة الدالية بحدوث تورّم أو التهاب موضعي في موقع الحقن، وإذا حُقنت بعض اللقاحات في الأنسجة الشحمية؛ سيزداد احتمال رد الفعل الالتهابي أو التهيجيّ، لأن الأنسجة الشحمية لا تحتوي على الكثير من الأوعية الدموية؛ مما سيؤدي إلى سوء امتصاص بعض مكوّنات اللقاح.
اللقاحات التي تحتوي على المواد المساعدة -أو المكوّنات التي تعزز الاستجابة المناعية للمستضدات- يجب حقنها في العضلات لتجنب التهيّج والالتهاب واسع النطاق؛ حيث تؤدي هذه المواد دورها بطرق عديدة لتحفيز استجابة مناعية أكبر.
حجم العضلة هو إحدى العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في انتقاء موضع حقن اللقاح؛ حيث يُمنح البالغون والأطفال فوق الـ 3 أعوام من العمر اللقاحات في العضلة الدالية أعلى الكتف، بينما يُمنح الأطفال الأصغر سناً اللقاحات في وسط الفخذ، لأن عضلات أذرعهم أصغر حجماً وأقل نموّاً.
إحدى العوامل الأخرى التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي الظروف المحيطة وملائمة جسم المريض للقاح؛ إذ أنه من غير الملائم أن يتلقّى المرضى اللقاحات في مؤخراتهم في عيادة تلقيح عامّة، بينما فتلقّي الحقن في الذراع أسهل ومفضّل أكثر. يتعيّن على أنظمة الصحة العامة إيصال اللقاح إلى أكبر عدد من الناس في وقتٍ قصير خلال تفشّي الأمراض المعدية؛ مثل موسم الإنفلونزا، أو خلال جائحة عالمية؛ مثل جائحة كوفيد-19، ولهذه الأسباب؛ يُفضّل حقن اللقاحات في الأذرع، لأنها منطقة سهل الوصول إليها ببساطة.
عندما يتعلّق الأمر بلقاح الإنفلونزا أو لقاح كوفيد-19، فالذراع هي الموضع الأكثر تفضيلاً لتلقّي الحقن بالنسبة للبالغين والأطفال.
اقرأ أيضاً: هل يجب الخضوع لاختبار كوفيد-19 بعد تلقّي اللقاح؟
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.