في البحر يختلف كل شيء عن اليابسة، حتى وحدات القياس البحرية مختلفة تماماً عن تلك المستخدمة على اليابسة، فتقاس المسافة بالميل البحري، والسرعة بالعقدة. فما الفرق بين هذه الوحدات ووحدات قياس السرعة والمسافة الأرضية؟ ولماذا وحدة قياس السرعة في البحر هي العقدة والمسافة هي الميل البحري؟ إليك الإجابة.
ما هو الميل البحري؟
يعتمد البحارة على خطوط الطول والعرض لتحديد مواقعهم عندما تحيط المياه بهم من كل جانب، لذلك يستخدمون الميل البحري في قياس المسافة، وهو ما يساوي دقيقة واحدة من خط العرض. تبلغ هذه المسافة 1.1508 ميل أرضي مقاساً على اليابسة (5280 قدماً)، وهي القيمة التي حددها عالم الرياضيات البريطاني إدموند غونتر.
تبلغ قيمة الميل البحري 1.852 كيلومتراً، علماً أن الكيلومتر غير مستخدم في الملاحة البحرية على المستوى العالمي، ويستخدم الميل البحري عالمياً عوضاً عنه، حتى إنه يستخدم في المعاهدات والقانون الدولي لتعريف حدود المياه الإقليمية.
ما هي العقدة؟
العقدة هي وحدة قياس السرعة في البحار والمحيطات، وهي السرعة اللازمة لقطع ميل بحري واحد في الساعة الواحدة، أي 1.15 ميلاً أرضياً في الساعة. على سبيل المثال، يمكن للقارب أو السفينة التي تسير بسرعة 15 عقدة أن تقطع 15 ميلاً بحرياً في الساعة. ومقارنة بالسرعة على الأرض، فإن السفينة التي تتحرك بسرعة 20 عقدة مثلاً، تسير بسرعة مركبة برية تبلغ نحو 23 ميلاً في الساعة (37 كيلومتراً في ساعة).
يعود مصطلح عقدة إلى القرن السابع عشر، فقد كان البحارة يقيسون سرعة سفنهم باستخدام أداة تُسمى "السجل المشترك"، وهي عبارة عن حبل به عقد تفصل بينها مسافات منتظمة، ويربط الحبل بقطعة من الخشب. يرمي البحارة قطعة الخشب في الماء ويسمحون لها بالطفو بحرية خلف السفينة لفترة محددة من الوقت (تقاس غالباً بالساعة الرملية). عندما يحين الوقت المحدد، يحسبون عدد العقد بين السفينة وقطعة الخشب، ويقدر هذا الرقم سرعتهم.
اقرأ أيضاً: السنوات الضوئية ووحدات القياس في الفضاء
لماذا وحدة قياس السرعة في البحر هي العقدة والميل للسرعة؟
يعد استخدام إحداثيات خطوط الطول والعرض أكثر عملية للسفر لمسافات طويلة، حيث يصبح انحناء الأرض عاملاً مؤثراً على القياس بدقة لكون الأرض مفلطحة وليست كروية تماماً، ويختلف انحناؤها عند خط الاستواء عن الانحناء عند القطبين مثلاً. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم المخططات البحرية خطوط الطول والعرض، لذلك يسهل على البحارة قياس المسافة بالأميال البحرية، والسرعة بالعقدة لكونها معتمدة على الميل البحري. تستخدم الطائرات المتنقلة جواً والسفن الفضائية أيضاً خطوط الطول والعرض للملاحة والأميال البحرية لقياس المسافة.
كيف حدد البشر قديماً مواقعهم في البحار؟
منذ غزو البشر للماء، احتاجوا إلى وسيلة تساعدهم على تحديد مواقعهم وطريقهم للعودة إلى اليابسة، وقد لجؤوا إلى العلوم التي كانت متطورة آنذاك؛ الهندسة وعلم الفلك.
بدايةً، في العصور القديمة، منذ الحضارة الفينيقية، اعتمد البحارة على كل من الشمس والقمر والنجوم لتحديد موقعهم فيما يعرف باسم الملاحة السماوية. تلا ذلك الاعتماد على مخططات أولية للشواطئ وسِمات البحار في كل منطقة جغرافية.
اقرأ أيضاً: تجربة شخصية تغني علم الجيولوجيا: تعرف إلى الجيولوجية التي رسمت خرائط لأعمق نقطة على سطح الأرض
تطوّرت الملاحة البحرية مع اختراع الأسطرلاب والسُدُس والبوصلة وأدوات ملاحية أخرى للمساعدة في تحديد اتجاه الرياح وخطوط العرض. استمر البشر بتطوير الأدوات حتى أصبحنا في يومنا هذا نعتمد الأدوات الإلكترونية ذات التقنيات العالية مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).