هل يمكن للصوت أن يعيد برمجة دماغك؟ إليك حقيقة “النغمات الإيقاعية الثنائية”

3 دقيقة

تشير النغمات الإيقاعية الثنائية إلى ظاهرة سمعية يخلقها الدماغ عند الاستماع إلى ترددين مختلفين في كل أذن، ما يثير فضول الباحثين حول دورها في تحسين التركيز والاسترخاء:

  • تعتمد الظاهرة على دمج الدماغ لترددين مختلفين لينتج نغمة وهمية ثالثة، شريطة استخدام سماعات الرأس.
  • ترتبط ت…

هل يمكنك الدخول في حالة من الاسترخاء وزيادة التركيز بمجرد الاستماع إلى نغمتين مختلفتين قليلاً؟ هذه هي الفكرة الكامنة وراء تقنية "النغمات الإيقاعية الثنائية"، وهي ظاهرة سمعية تحظى باهتمام متزايد مؤخراً بصفتها علاجاً للتسويف والتوتر اليومي.

لا يعد مفهوم النغمات الإيقاعية الثنائية جديداً. فقد وثق الفيزيائي وعالم الأرصاد الجوية، هاينريش فيلهلم دوف، هذه الظاهرة أول مرة في عام 1839. ولكن، بعد مرور ما يقرب من 190 عاماً، لا يزال العلماء يستكشفون طبيعة هذه الظاهرة ومدى فعاليتها، على حد قول الرئيس السابق للأكاديمية الأميركية لعلم السمع والخبير في علم الأعصاب السمعي، بوبانا بالاشاندا، في حديثه إلى مجلة بوبيولار ساينس. إليكم شرحاً لمفهوم النغمات الإيقاعية الثنائية وما يقوله العلم عن فعاليتها.

ما هي النغمات الإيقاعية الثنائية؟

تقاس الأصوات بترددها مقدراً بوحدة الهرتز، وهي وحدة تعبر عن عدد اهتزازات الموجة الصوتية في الثانية الواحدة. تمتلك النغمات المنخفضة ترددات منخفضة ما يعني أن قيمتها المقدرة بالهرتز منخفضة، بينما تمتلك النغمات العالية ترددات عالية ما يعني أن قيمتها المقدرة بالهرتز مرتفعة.

تتشكل النغمة الأذنية الثنائية عند تشغيل نغمتين بترددين مختلفين بحيث تستمع كل أذن إلى نغمة منهما، ما ينتج عنه نغمة وهمية ثالثة، معروفة باسم النغمة الإيقاعية الثنائية. وتردد هذه النغمة الثالثة يعادل الفرق بين ترددي النغمتين المنفصلتين.

لذا، إذا شغلت نغمة بتردد 400 هرتز في الأذن اليمنى ونغمة بتردد 404 هرتز في الأذن اليسرى، فإن دماغك يخلق نغمة إيقاعية ثنائية وهمية بتردد قيمته 4 هرتز، على حد قول بالاشاندا. ويضيف: "هذا الاختلاف في تردد الصوت يخلق في الدماغ إحساساً على أنها نغمة إيقاعية، وهو الأساس لما يعرف بتأثير النغمات الإيقاعية الثنائية".

باختصار، النغمات الإيقاعية الثنائية هي أوهام سمعية يخلقها دماغك عندما يسمع نغمات مختلفة في كل أذن. ولكن تأكد من أنك ترتدي سماعات رأس (ربما تكون من هذا النوع أو من هذا النوع)، وإلا فلن تتمكن من سماع تلك النغمات الإيقاعية الثنائية الوهمية.

لماذا نسمع نغمة إيقاعية ثنائية؟

عندما يخلق الدماغ نغمة إيقاعية ثنائية وهمية، يعتقد بعض الباحثين أن ذلك قد يؤدي إلى "تنسيق نشاط الدماغ". وتشير فرضية ترابط الموجات الدماغية، كما توضح إحدى المراجعات المنهجية في عام 2023، إلى أنه عندما يتعرض الدماغ لإشارة صوتية ثنائية الأبعاد، يتوافق النشاط الكهربائي للدماغ مع تردد تلك الإشارة.

وفقاً للدراسات، ثمة علاقة تربط بين تطبيق ترددات محددة ومجموعة مختلفة من المشاعر أو القدرات الإدراكية. على سبيل المثال، وجد الباحثون أن موجات دلتا الدماغية، التي تتراوح تردداتها من 0.5 إلى 4 هرتز، ترتبط بالنوم العميق وتخفيف الألم. في حين يمكن لموجات ثيتا، التي تتراوح تردداتها من 4 إلى 7 هرتز، أن تساعد على الاسترخاء العميق. أما موجات ألفا، التي تتراوح تردداتها من 8 إلى 12 هرتز، فتعد مرتبطة بعملية التعلم.

وتقول المراجعة المنهجية الشاملة إن النغمات الإيقاعية الثنائية يمكن إدراكها عندما تتراوح تردداتها من 1 إلى 30 هرتز تقريباً. لذا فإن مواءمة نشاط الدماغ مع تردد صوتي مريح ثنائي الأبعاد قد يساعد على تهدئة الأعصاب. لكن نتائج الدراسات لا تزال غير حاسمة بشأن إن كانت هذه الترددات الصوتية تؤثر فعلاً في أنماط الموجات الدماغية، وفقاً للمراجعة. فمن بين 14 دراسة خضعت للمراجعة، دعمت خمس دراسات هذه الفرضية، بينما دحضتها ثمان أخرى، في حين أظهرت دراسة واحدة نتائج متباينة.

ما رأي العلم في النغمات الإيقاعية الثنائية؟

يقول بالاشاندا إن العلم لا يزال يحرز تقدماً كبيراً بشأن دراسة التأثير الفعلي للنغمات الإيقاعية الثنائية في حالتنا المزاجية وقدراتنا الإدراكية.

تظهر بعض الدراسات نتائج واعدة. فعلى سبيل المثال، وجد تحليل تلوي أجري في عام 2018 شمل 22 دراسة أن النغمات الإيقاعية يمكن أن تعزز القدرات الإدراكية، بما في ذلك الذاكرة والانتباه، وتساعد على تخفيف القلق والألم. وقد وجد الباحثون أن الفعالية تعتمد على مقدار التردد المستخدم، ووقت التعرض للتأثير الصوتي ولحظة حدوثه.

في دراسة أجريت عام 2020، كان لدى المشاركين الذين جمعوا بين العلاج النفسي والتأمل بمساعدة النغمات الإيقاعية الثنائية انخفاض أكبر في مستوى القلق مقارنة بأولئك الذين لجؤوا إلى النغمات الإيقاعية الثنائية فقط أو الرعاية النفسية فقط.

ثم في دراسة أُجريت عام 2025، استمع 80 طالباً جامعياً إلى كل من أصوات مجموعة الضبط والنغمات الإيقاعية الثنائية. ووجدت الدراسة أن ثمة نغمات إيقاعية ثنائية محددة ذات صوت منخفض وضجيج أبيض حسنت الانتباه العام لكنها لم تمنع تراجع التركيز مع مرور الوقت. وقد أكدت النتائج وجود تأثيرات إيجابية في الدماغ، لكنها اختلفت باختلاف النغمة الإيقاعية الثنائية والضوضاء الخلفية.

لكن لم تظهر الدراسات كلها تأثيرات إيجابية. فقد وجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2023 على 1000 شخص أن الاستماع إلى النغمات الإيقاعية الثنائية في المنزل خلال إجراء اختبار سبب تراجع أدائهم، بينما لم يكن للأجواء الصامتة أو الاستماع إلى أصوات أخرى أي تأثير.

إذا كنت ترغب في تجربة النغمات الإيقاعية الثنائية، فلا ضير في ذلك، كما يقول بالاشاندا، ما دمت لا ترفع الصوت عالياً جداً. ويقول: "لا تسبب النغمات الإيقاعية ضرراً في حد ذاتها".

لذا، إذا كنت حريصاً على الاسترخاء أو التركيز على تلك المهمة الكبيرة، فقد يكون من المفيد تجربة النغمات الإيقاعية الثنائية. فالخيارات المتاحة عبر الإنترنت على منصة يوتيوب وغيرها تجعل من السهل ضبطها وقد تساعدك على تحسين حالتك الذهنية.

المحتوى محمي