الهواتف الذكية تسبب تراجعاً في مستويات الذكاء لدى الجيل زد، فما الحلول؟

4 دقيقة
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: إيناس غانم.

هل يعاني أبناء الجيل زد من نقص في مستوى الذكاء بسبب استخدام الهواتف الذكية؟ وهل هذا يعني أن مستوى الذكاء سيستمر في الانخفاض بالمستقبل؟ وما هي الطرق التي يمكن تخفيف هذا التأثير للهواتف الذكية على مستوى الذكاء لدى الأطفال وأبناء جيل الشباب؟

اقرأ أيضاً: إصلاح العادات السيئة الخاصة بالهواتف الذكية أصعب بكثير من جذب المستخدمين

هل يسبب استخدام الهواتف الذكية تراجعاً في مستوى الذكاء لدى أبناء جيل زد؟

أشارت عدة إحصائيات ودراسات، ومن أبرزها دراسة من جامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة الأميركية جرت عام 2023، إلى انخفاض ملحوظ في مستويات معدل الذكاء بين الجيل زد مقارنةً بالأجيال السابقة، وتتناقض هذه النتيجة في الدراسة مع تأثير فلين، وهو تأثير يصف زيادة ثابتة في متوسط ​​درجات الذكاء طوال القرن العشرين، لكن بدأت هذه الزيادة بالانخفاض عند أبناء جيل زد ومن المتوقع أن تستمر بالانخفاض عند أبناء جيل ألفا.

يشمل أبناء الجيل زد الأفراد الذين ولدوا بين منتصف التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بينما يضم الجيل ألفا مواليد الأعوام اللاحقة. نشأ هذان الجيلان في عالم تتوفر فيه الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والمعلومات بصورة سهلة ومباشرة، إذ تكفي نقرة على شاشة الهاتف الذكي للوصول لأصعب المعلومات، دون الحاجة للذهاب إلى المكتبة أو البحث في المراجع والصحف. ويستخدم الباحثون لقياس درجة الذكاء مجموعة من الاختبارات الموحدة والمصممة لقياس القدرات المعرفية المختلفة لدى الأفراد، ومنها القدرات الرياضية، والمنطقية، والتحليلية، والقدرة على فهم الأنماط، وحل المشكلات، وقوة الذاكرة، وبالنهاية يحصل الشخص على نتيجة تدل على مستوى الذكاء.

يوضح عدة خبراء مثل الباحث في قسم علم النفس بجامعة واترلو، غوردون بينيكوك، أن استخدام أبناء الجيل زد للهواتف الذكية في البحث عن معلومات يعرفونها بالفعل أو يمكنهم تعلمها بسهولة يسهم في هذا التراجع. وتعد زيادة الوقت الذي يقضيه هؤلاء الشبان في استخدام الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي عاملاً مؤثراً على نحو واضح في القدرات الذهنية، مثل الذاكرة والانتباه وقدرات التعلم.

اقرأ أيضاً: كل ما تحتاج إليه لتتخلص من إدمان هاتفك الذكي

كيف يسبب استخدام الهواتف الذكية تراجعاً في مستوى الذكاء لدى أبناء الجيل زد؟

يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط للهواتف الذكية، والذي يصل متوسط ساعاته عند أبناء جيل زد إلى نحو 6 ساعات يومياً، إلى عدة مشكلات في عمل الدماغ، ما يسبب تراجعاً واضحاً في مستوى الذكاء. وتعد مقاطع الفيديو القصيرة "الريلز" من أبرز التطبيقات التي يشغلها مستخدمو الهواتف الذكية في هذه الفترة الزمنية التي تصل إلى ساعات. 

هذه المقاطع القصيرة تؤثر في الدماغ على نحو ملموس، فعندما يمارس الأطفال والمراهقون أنشطة تتطلب تركيزاً طويلاً مثل القراءة، فإنهم يستخدمون ميزة تدعى الانتباه الموجَّه، وهي وظيفة دماغية تقع مسؤوليتها على القشرة الجبهية للدماغ، أي الجزء المسؤول عن اتخاذ القرار والتحكم بالدوافع في الدماغ، وتتسم هذه الميزة بالقدرة على حجب عوامل التشتيت والحفاظ على الانتباه وتحويل الانتباه على نحو مناسب تجاه أمر واحد، ويسهم التركيز الموجَّه في تطوير مهارات مهمة مثل التخطيط وتحديد الأولويات. علماً أن القشرة الجبهية الدماغية لا يكتمل نموها عند الأطفال والمراهقين حتى بلوغ سن 25 عاماً، ولا تتطلب مقاطع الفيديو القصيرة في تيك توك وإنستغرام وفيسبوك وسواها هذا المستوى من الاهتمام المستمر، إذ تتغير باستمرار، وما يحدث هو أن اعتياد أدمغة الأطفال على التغييرات المستمرة، سيجعل من الصعب على الدماغ أن يتكيّف مع نشاط غير رقمي لا تتحرك فيه الأشياء بالسرعة نفسها، وبالتالي سيفقد الأطفال قدرتهم على التركيز والتخطيط والالتزام بنشاط يتطلب وقتاً طويلاً مثل القراءة والدراسة، بالإضافة لصعوبة اتخاذ القرارات الواعية مع مرور الزمن.

وتؤدي زيادة الوقت الذي يقضيه الأطفال وهم يشاهدون شاشات الهواتف الذكية والفيديوهات القصيرة إلى تراجع تشكل غمد النخاعين لديهم (الميالين)، وهي المادة التي توفّر الأساس للتشابك الدماغي وتدعم الأداء الإدراكي والسلوكي، ويعد تكوين غمد النخاعين مهماً في مرحلة النمو العصبي المبكر، وعند عدم تكوينه بصورة كافية ستكون سرعة الإشارات المنقولة بين الخلايا العصبية في الدماغ أبطأ. بالإضافة لما سبق، يؤدي الاستخدام المستمر للهواتف الذكية في أداء المهام التي تتطلب جهداً فكرياً، مثل الحساب والترجمة وقراءة النصوص آلياً باستخدام تطبيقات ذكية، إلى الاتكال على التكنولوجيا بدل تدريب الدماغ، وبالتالي يؤثر سلباً في القدرات العقلية والإبداع لأبناء جيل زد.

اقرأ أيضاً: هل يجب حظر الهواتف الذكية في المدارس؟

هل ثمة حلول لمشكلة تراجع مستوى الذكاء عند أبناء الجيل زد؟

يمكن اقتراح مجموعة من الحلول لمشكلة نقص مستوى الذكاء عند أبناء الجيل زد، ومن أبرز هذه الحلول ما يلي:

  • إعادة تصميم اختبارات الذكاء القديمة لتناسب المتغيرات في الجيل الجديد: هذه الاختبارات لا تضم المهارات الرقمية والقدرة على البحث باستخدام الأدوات الإلكترونية، وكيفية التكيف مع التطور الرقمي. لذا يمكن القول إن الجيل زد يمتلك نوعاً من الذكاء يلائم احتياجات العصر الحالي والمستقبلي ويختلف عن العصر السابق.
  • تقليل أو منع استخدام الأجهزة الذكية في المدارس: إذ يؤدي منع استخدام الأجهزة الذكية، مثل الهواتف والأجهزة اللوحية، إلى تحسين قدرات الطلاب في المواد الدراسية مثل الرياضيات والعلوم. 
  • تعديل المناهج الدراسية لتركِّز على الفهم أكثر من قوة الذاكرة: حفظ أبيات القصائد والمعلومات التجريدية التي يمكن الحصول عليها من خلال تصفح الإنترنت، قد لا يكون الحل الأفضل لتنمية الذكاء عند طلاب المدارس هذه الأيام، وهذا لا يعني الاستغناء عن الدروس التي تعتمد على الذاكرة، بل التركيز على تنمية مهارات التفكير النقدي والقدرة على التكيف، ومهارات حل المشكلات والتفكير الإبداعي.
  • إيجاد التوازن بين استخدام التكنولوجيا وطرق التعلم التقليدية: توفر الأدوات الرقمية قدرات كبيرة تساعد على التعلم، لكن ينبغي ألا تحل محل الخبرات العملية والذكاء البشري.
  • البحث عن طرق تعليمية تساعد على تفوّق ذكاء البشر على الذكاء الاصطناعي: في عصر الذكاء الاصطناعي أصبح هناك خطر باعتماد الطلاب والموظفين على نحو مفرط على الذكاء الاصطناعي في أداء الواجبات والمهام، وقد يسبب هذا ضعفاً في القدرات الذهنية عند الطلبة الناشئين، ويهدد وظائف العديد من العمال في جيل الشباب. لذا من المهم البحث عن طرق تسهم في تفوّق البشر على الذكاء الاصطناعي من حيث القدرة الفكرية وأداء المهام، وهذا هو تحدي العصر.

اقرأ أيضاً: للهواتف الذكية: 7 تطبيقات لتعلّم مهارات مختلفة

 يشارك المؤثر السعودي المهتم بنشر المعرفة الرقمية وتبسيطها، عبد العزيز الحمادي، عبر منصة إكس منشوراً يشير إلى أضرار الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية؛ مثل اضطرابات النوم، والخلل في المشاعر والعلاقات الاجتماعية، وتشتت التفكير وانخفاض كفاءة الذهن.

المحتوى محمي