لماذا تمتلك الأزهار روائحَ؟

3 دقائق
Pink peonies flowerbed

لماذا تمتلك الأزهار روائحَ؟ سؤال ورد من هنري، 9  أعوام، سومرفل، ماساتشوستس.


تخيل أنك تمشي في غابة استوائية بينما تنبعث رائحة عطِرة في الهواء. في مسارك، تجعلك الرائحة الكريهة من اللحم المتعفن تلتقط أنفاسك، وبعد التحقيق في الأمر، تجد أن كلتا الرائحتين تنبعان من الزهور؛ ولكن لماذا تمتلك الزهور روائحَ؟

في الواقع؛ هذا الأمر هو جزء من استراتيجية تساعد النباتات المزهرة على التكاثر ونشر أنواعها. تساعد بعض الروائح هذه الزهور في حل مشكلة كبيرة.

تزهر النباتات لإنتاج البذور التي يمكن أن تنمو لتشكّل نباتات جديدة. لصنع بذرة قابلة للحياة؛ يجب أن تخصّب حبوب اللقاح التي تأتي من جزء من الزهرة البويضات الموجودة في جزء آخر منها. يمكن لبعض النباتات إجراء عملية تدعى «التلقيح الذاتي» باستخدام حبوب اللقاح الخاصة بها لتخصيب البويضة، بينما تحتاج أنواع أخرى إلى الحصول على حبوب اللقاح (غبار الطلع) من نبات آخر من نفس النوع؛ وهذا ما يسمى «التلقيح المتبادل».

إذاً؛ كيف يمكن لنبتة واحد الحصول على حبوب اللقاح من نبات آخر؟

في بعض الأحيان؛ تساعد الجاذبية حبوب اللقاح على الوصول إلى الأمكنة المناسبة، وأحياناً أخرى؛ تحمل الرياح حبوب اللقاح. الزهور الملقّحة بالرياح -مثل تلك الموجودة في العديد من الأشجار والأعشاب- لا تنتج أية رائحة.

يمكن أن تنقل الملقّحات الحيوانية غبار الطلع من ميسم زهرة إلى بويضة زهرة أخرى أثناء بحثها عن الطعام. آي ستوك عن طريق غيتي إيميجز بلس.

الأزهار
البيانات من اليسار إلى اليمين: حبوب اللقاح متجمّعة. حبوب اللقاح. الملقّح. المياسيم. البذرة. البويضة. المبيض.

تُلقَّح أنواع أخرى من الأزهار بواسطة الطيور أو الخفافيش أو الحشرات أو حتى القوارض الصغيرة التي تحمل حبوب اللقاح من زهرةٍ إلى أخرى، وفي هذه الحالات؛ قد توفر الأزهار القليل من المحفّزات. تُكافأ الملقحات الحيوانية عن طريق الرحيق الحلو الغني بالطاقة والمغذيات أو حبوب اللقاح المليئة بالبروتين التي يمكن أن تتناوله.

تنتج الأزهار التي تحتاج إلى مساعدة الحشرات والخفافيش، رائحةً خاصةً بالأزهار تعمل كعلامة ترحيب للمُلقِّح المناسب فقط.

تحتاج زهور الأوركيد التي تتفتح في الغابات الاستوائية أو الورود في حديقتك إلى جذب الملقِّح لجعله يحمل حبوب اللقاح من أزهار من نفس النوع. مع ذلك؛ هناك زهور تبدو متشابهةً ولكنها تنتمي في الواقع إلى أنواع مختلفة، ولتمييز نفسها عن الأزهار الأخرى؛ تفرز أزهار كل نوع رائحةً فريدةً لجذب ملقحات معينة.

على غرار العطور الموجودة على منضدة المتجر؛ تتألّف روائح الزهور من عدد كبير ومتنوع من المواد الكيميائية التي تتبخر بسهولة وتعوم في الهواء. نوع المادة الكيميائية وكميتها وتفاعلها مع المواد الكيميائية الأخرى تعطي الزهرة رائحتها الفريدة، وقد تنتج رائحة الورد من ما يصل إلى 400 مادة كيميائية مختلفة.

يمكن للبشر شم هذه الروائح الزهريّة لأنها تتبخر بسهولة من الزهور وتُحمل على التيارات الهوائية لجذب الملقحات.

وردة عملاقة الجثة العملاقة
زهرة «الجثة العملاقة» لها رائحة كريهة للغاية تحبها الملقحات. الصورة: shutterstock.com/ Isabelle OHara

قد تكون روائح الزهور عطرةً وتشبه روائح الفواكه، أو يمكن أن تكون مِسكية أو حتى نتِنةً اعتماداً على الملقحات التي تحاول جذبها. تنبعث من التفاح أو شجرة الكرز المزهرة رائحةً عطرةً لتجذب النحل الطنان ونحل العسل وغيرها من أنواع النحل؛ لكن إذا حاولت شم رائحة الزهور الجميلة لشجرة الإجاص -وهي أشجار تقرب أشجار التفاح والكرز- قد تنفر مشمئزّاً لأن هذه الزهور لها رائحة مِسكية نتِنة لجذب الذباب. بالمثل، فإن «زهرة الجثة»؛ والتي تستوطن الغابات الإندونيسية المطيرة، تنبعث منها رائحة كريهة تشبه رائحة اللحم المتعفن لجذب الذباب والخنافس بهدف تلقيح أزهارها.

تحدد الفراشات والخفافيش التي تطير في الليل مواقع الأزهار عن طريق الرائحة التي تطلقها بعض هذه الأزهار بعد غروب الشمس. تمتلك نباتات مثل نبات الشمع الذي يزهر ليلاً والصبار الصغواري وفاكهة التنين، زهوراً بيضاءَ كبيرةً تفتح في الليل، وأزهاراً تبدو وكأنها تتوهج في ضوء القمر؛ مما يجعلها مرئية لزوّار الليل. عطر هذه الأزهار القوي يساعد في توجيه الملقحات داخلها، وأثناء شرب الرحيق الحلو، تلتقط الملقحات غبار الطلع وتنقله بعد ذلك إلى الزهرة التالية التي تزورها.

بمجرد تلقيحها، تتوقف الزهور عن إنتاج الروائح والرحيق وتستخدم الطاقة التي تمتلكها في تنمية الجنين المخصب الذي سيتحوّل في النهاية إلى البذرة.

المحتوى محمي