هل هناك فائدة صحية من قدرة البعض على تحريك آذانهم؟

3 دقيقة
يتطلب تحريك الأذنين مستوى عميقاً من التفكير.

يستطيع شخص واحد من كل خمسة أشخاص تقريباً أن يحرك أذنيه، في حين يشاهد الباقون ذلك في حسد لا إرادي. لكن ما الذي يجعل هذه المهارة ممكنة لدى البعض ومستحيلة لدى البعض الآخر؟

تتحكم العضلات الأذنية في حركة الأذن وهي 3 عضلات تربط الأذن الخارجية (أو الصيوان) بالجمجمة وفروة الرأس. كل عضلة مسؤولة عن حركة مختلفة: فالعضلة الأذنية الأمامية تسحب الأذن إلى الأمام، والعضلة الأذنية العلوية ترفعها قليلاً، والعضلة الأذنية الخلفية تسحبها إلى الخلف. تعمل هذه الحركات مجتمعة على خلق ما نعرفه باسم تحريك الأذن (ear wiggling).

وفي حين أن كل شخص لديه عضلات أذنية، فإن عدداً قليلاً فقط من الأشخاص يمكنهم ثني هذه العضلات عمداً لتهتز آذانهم. ولكن لماذا؟

اقرأ أيضاً: لماذا يمتلك البشر شحمة أذن؟ حقيقة علمية غريبة

لماذا يمكن أن يحرك بعض الأشخاص آذانهم؟

قد تبدو القدرة على تحريك الأذنين كأنها صفة وراثية، لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فقد وجدت دراسة أجريت عام 1949 أنه في حين أن معظم الأشخاص الذين لديهم القدرة على تحريك الأذنين كان لدى أحد الوالدين على الأقل القدرة على فعل الشيء نفسه، فإن 5 حالات من أصل 24 حالة أظهرت أن كلا الوالدين يفتقران إلى هذه الصفة. يشير هذا إلى أن تحريك الأذن لا يتبع نمط الوراثة السائد المعتاد الذي نراه في صفات مثل لف اللسان أو النمش أو العيون البنية. لو كانت سائدة حقاً، لتوقعنا أن تكون أكثر شيوعاً. لذا، إذا لم تكن الجينات الوراثية هي الإجابة الوافية، فما الذي يقف وراء هذه القدرة المثيرة للاهتمام؟

يتعلق الأمر بالطريقة التي تترابط وفقها أجزاء الدماغ لدينا. فبعض المسارات العصبية في الدماغ تخضع بصورة طبيعية للتحكم الإرادي، في حين أن البعض الآخر ليس كذلك. نحن نعلم أن عضلات الأذن يتحكم فيها العصب الوجهي، لكن في معظم الأشخاص، لا يخضع المسار العصبي الذي يتحكم في حركة الأذن للتحكم الإرادي، ما يجعل هذا الفعل مستحيلاً.

تشير دراسة صغيرة أجريت عام 1995 على 204 رجال و238 امرأة إلى أن النوع الاجتماعي قد يؤثر في القدرة على تحريك الأذن. في هذه الدراسة، كان نحو 22% من المشاركين قادرين على تحريك أذن واحدة، بينما استطاع نحو 18% تحريك كلتا الأذنين في وقت واحد. وكان عدد الرجال الذين تمكنوا من تحريك كلتا الأذنين في الوقت نفسه أكبر بكثير من عدد النساء. حتى الآن، لم تُجر الأوساط العلمية المزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع.

هل ترتبط مزايا خاصة بتحريك الأذنين؟

قد تتساءل عما إذا كانت القدرة على تحريك الأذنين توفر أي ميزة خاصة. فبالنسبة إلى الحيوانات مثل الكلاب والقطط والقرود، تساعد حركة الأذنين على تتبع الأصوات، وهو أمر بالغ الأهمية لاكتشاف الحيوانات المفترسة أو الفرائس.

ولكن على مدى ملايين السنين، تطور البشر ليقل اعتمادهم على السمع من أجل البقاء على قيد الحياة. ونتيجة لذلك، أصبحت العضلات الأذنية أضعف، وتعتبر الآن سمة غير وظيفية، وهي بقايا تطورية لم تعد ضرورية ولكنها لم تختفِ تماماً.

وعلى الرغم من طبيعة تحريك الأذن التي تبدو تافهة، يمكن له أن يقدم فوائد حقيقية. حيث يعتقد عالم الأعصاب جيروم مالر من جامعة موناش في أستراليا أن تحريك الأذن يمكن استخدامه لتحسين التعافي بعد السكتة الدماغية أو إصابات الدماغ الرضحية.

ويرتبط ذلك بمفهوم المرونة العصبية، أي قدرة الدماغ على تشكيل الروابط المشبكية وإعادة تنظيمها، خصوصاً إذا كان ذلك استجابة للتعلم أو اكتساب خبرة معينة أو بعد التعرض للإصابة. كتب مالر في ورقة بحثية نُشرت في مجلة "الفرضيات الطبية" (Medical Hypotheses) أن تحريك الأذن ينطوي على مستوى عميق من التفكير، ويمكن أن يعزز المرونة العصبية بصورة أكثر فعالية من الحركات البسيطة والمتكررة. لذا فإن التدرب على تحريك الأذن قد يساعد على إصلاح مسارات الدماغ التالفة أو إعادة نموها.

 اقرأ أيضاً: ماذا تعلّمنا أدمغة النحل النشيط عن التطور البشري؟

هل يمكن لأي شخص أن يتعلم تحريك أذنيه؟

على الرغم من أن الآلية الكامنة وراء تحريك الأذن معقدة، فقد كتب مالر أنه "من الممكن لأي شخص أن يتعلم كيفية تحريك أذنيه لأن العضلات والأعصاب اللازمة موجودة بالفعل. وهناك تقارير عديدة متناقلة عن أشخاص قادرين على تعليم أنفسهم هذه المهارة من خلال التدرب عليها أمام المرآة".

في الوقت الحالي، تظل نظرية مالر مجرد فرضية. ولكن إذا ثبتت صحتها، فقد يصبح تحريك الأذنين أداة جديدة تُستخدم في إعادة تأهيل أولئك الذين يتعافون من إصابات الدماغ. ربما يكون تحريك الأذنين أكثر من مجرد خدعة غريبة يمكن استعراضها في المناسبات الاجتماعية الترفيهية.

المحتوى محمي