ما هي كمية الطاقة التي يمكن توليدها في مرة واحدة دون أن نفقد السيطرة؟ سؤال من «لويس»، 9 أعوام، بروكلن، ماساتشوستس.
يقبع فوقنا مصدر طبيعي هائل للطاقة؛ وهو الشمس. ونتيجةً لأن الشمس تبعد حوالي 149.6 مليون كم عن الأرض، فلا يصل من طاقتها الكلية سوى 1 من مليار جزء؛ ولكن هذه كمية كافية لتشكيل عالم يزدهر بالحياة. الطاقة التي تمنحها الشمس إلى سطح الأرض في كل ثانية تتجاوز كمية الطاقة الكهربائية الكلية التي ولّدتها كل محطّات توليد الطاقة في سنة 2018 كاملة.
هنا على الأرض؛ يقوم البشر بتوليد الطاقة لتشغيل الآلات، فعلى سبيل المثال؛ يمكن توليد الطاقة من مياه الشلالات عن طريق تحويل طاقتها الحركية إلى طاقة كهربائية في محطّات التوليد الكهرومائية، وللحصول على الطاقة؛ يجب تحويل المادة إلى طاقة.
التفاعلات التسلسلية
إحدى طرق تحويل المادة إلى طاقة هي شطر الذرّات؛ وهي المكوّنات الأساسية للمادة في الكون. إذا تمت هذه العملية بإتقان ودقة؛ يستطيع البشر إنتاج إمداد مستمر من الطاقة، أما إذا فُقدت السيطرة، فيمكن أن يتم إصدار كمية هائلة من الطاقة دفعةً واحدةً في انفجار نووي.
تتألف نوى الذرات من جسيمات أصغر تدعى البروتونات والنيوترونات. القوة التي تربط هذه الجسيمات معاً تخزّن كميةً هائلةً من الطاقة، وللحصول على هذه الطاقة من النوى؛ وصل العلماء إلى طريقة لشطر الذرات الثقيلة وتشكيل ذرات أخف منها. نتيجةً لأن النوى في الذرات الأخف لا تتطلّب نفس كمية الطاقة التي تتطلّبها النوى في الذرات الأثقل حتى تبقى متماسكة؛ تُصدر الطاقة فيها على شكل حرارة أو ضوء، وتُدعى هذه العملية بـ «الانشطار النووي».
عندما تنشطر ذرة ما، يبدأ تفاعل متسلسل بالحدوث: الذرة المنشطرة تُحفّز ذرة أخرى لتنشطر، وهكذا دواليك. للسيطرة على هذا التفاعل؛ طوّر العلماء طرقاً لإبطائه؛ مثل امتصاص بعض الجسيمات الناتجة عن الانشطار.
الطاقة النووية
تجمّع محطات توليد الطاقة النووية الطاقة التي تُطلَق نتيجةً لانشطار الذرات المتحكّم به. محطة توليد الطاقة النووية الأكبر في العالم هي محطة «كاشيوازاكي كاريوا» في اليابان، وهي تتألف من 7 مفاعلات نووية، وتبلغ سعتها ما يقرب من 8000 ميغاواط. أكبر مفاعلان نوويان إفراديان في العالم يقعان في الصين في محطة «تايشان للطاقة النووية»، وكل واحد منهما له سعة تبلغ 1750 ميغاواط.
الصورة التوضيحية: من اليسار إلى اليمين، ومن الأعلى للأسفل:
- هيكل الاحتواء
- وعاء المُفاعل
- قُضبات التحكّم
- التوربين
- المولدة
- المكثّفة
هذه الكمية من الطاقة الكهربائية أقل بكثير من طاقة التفاعلات النووية غير المتحكَّم بها؛ مثل القنابل الذرية. في وقتنا الحالي؛ الطاقة المنبعثة نتيجةُ لتفجير قنبلة ذرية تكافئ الطاقة التي تولّدها محطّة كاشيوازاكي كاريوا في نصف سنة.
إحدى مساوئ الانشطار النووي هي المخلّفات النووية. الذرات المنشطرة عادةً ما تكون غير مستقرة، وتُصدر إشعاعاً خطيراً، وهذه المخلّفات النووية يجب تخزينها بشكلٍ مناسب لسنوات عديدة.
تفاعلات الاندماج على الأرض وفي الشمس
اكتشف العلماء أيضاً نوعاً آخراً للتفاعلات النووية، وهو تفاعل ينتج طاقة دون إنتاج المخلّفات النووية. عندما تندمج ذرات خفيفتان لتشكّلا ذرةً أثقل، تتحوّل الكتلة الضائعة إلى طاقة؛ تدعى هذه العملية «الاندماج النووي»، ويحدث هذا التفاعل داخل الشمس. في كل ثانية، تستهلك الشمس حوالي 600 مليون طن من الهيدروجين لتحويلها إلى حوالي 596 مليون طن من الهيليوم؛ مما يولّد طاقةً تكافئ طاقة تريليونات القنابل الذرية.
مع ذلك؛ من الصعب للغاية إنجاز تفاعلات الاندماج النووي على الأرض. يحدث الاندماج النووي في الظروف المتطرفة فقط؛ مثل درجات الحرارة والضغط المرتفعين في الشمس. لم يستطع العلماء الوصول إلى تكنولوجيا تمكنهم من تحقيق تفاعلات اندماج نووي متحكّم بها تُنتج طاقةً أكبر من تلك التي تتطلّبها؛ ولكنّهم يعملون جاهدين لهذا الهدف. إحدى الطرق هي إطلاق ليزرات عالية الطاقة من جهات مختلفة على نظائر الهيدروجين.
طاقة الاندماج النووي ستمثّل حلّاً واعداً لمشكلة استهلاك الطاقة في المستقبل؛ ولكن لا تنسَ أن لدينا مفاعل اندماج نووياً عملاقاً فوقنا؛ وهو الشمس. مع زيادة كفاءة تكنولوجيا الطاقة الشمسية، فلن نحتاج حتى لتوليد الطاقة؛ بل سنحتاج فقط لتجميع المزيد من الطاقة التي تمنحنا الشمس إياها يومياً.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.