طاعون الموت الأسود الذي حدث في العصور الوسطى في الواقع لم ينتهِ كما نحن نتخيل.
ما هو الموت الأسود؟
الموت الأسود أو ما يعرف بالطاعون الدمّلي (bubonic plague)، هو من أشد الأوبئة فتكاً بالبشرية في تاريخها المعروف. البكتيريا المسببة لهذا الوباء مسماة بـ "اليرسينية الطاعونية" (Yersinia Pestis) والتي تعيش بشكل رئيسي في دورة حياة بين القمل والقوارض.
يتسم هذا الطاعون بثلاث أشكال رئيسية من الأعراض:
- الطاعون الدمّلي (Bubonic plague): وأعراضه الرئيسية هي تضخم العقد اللمفاوية إلى أضعاف حجمها الطبيعي والإصابة بحمى شديدة.
- الطاعون الرئوي (Pneumonic plague): وأعراضه ضيق التنفس والتعب والسعال الشديد.
- الطاعون الدموي الإنتاني (Septicaemic plague): والذي يتميز بتعفن للدم وتشكل خثرات تسبب لاحقاً تموّت بالأنسجة الحية أو ما يعرف بالغرغرينا (gangrene).
اقرأ أيضاً: ما الذي يمكن أن نتعلّمه عن أصول الموت الأسود من ضحية عمرها 5000 عام؟
تاريخ انتشار الطاعون
يعتقد بعض العلماء أن لهذه البكتيريا علاقة بأوبئة حدثت للبشرية في عصور ما قبل التاريخ وذلك بعد اكتشاف حمض نووي مشابه للبكتيريا في مدفن بالسويد، والذي تم ربطه بحادثة انهيار العصر النيوليثي. ومع أن هذه المعلومات ليست أكيدة، إلا أنه يبدو لهذه البكتيريا تاريخ طويل في تقليص عدد سكان الأرض. ففي القرن السادس الميلادي، حدث وباء كبير في منطقة البحر المتوسط سمي بطاعون جستنيان (Justinian's plague) والذي سبب ملايين الوفيات في تلك المنطقة على مدار قرنين من الظهور المتكرر، وتبين لاحقاً أن هذه البكتيريا هي نفسها التي ستسبب الموت الأسود.
وفي الواقع، هذه هي طبيعة انتشار الطاعون، فانتشاره بشكل كبير بين عامي 1346–1353 هو فقط ذروته بالنسبة للإصابات والوفيات، لكنه كان يعاود الانتشار بشكل عشوائي مرات عديدة حتى القرن السابع عشر.
اقرأ أيضاً: تاريخ موجز للأوبئة منذ الموت الأسود إلى فيروس كورونا
هل تخلصت البشرية من بكتيريا اليرسينية الطاعونية؟
لم تتخلص البشرية من بكتيريا Y.pestis، لكن بسبب تطور النظم الصحية حوال العالم وتطور المضادات الحيوية والعلاجات، أصبحت أقل خطورة مما كانت عليها قبل 600 عام، حيث كانت نسبة الوفيات بالموت الأسود في ذروته قد تصل إلى 99% وخاصة في الأماكن التي افتقرت للنظافة والدفن المنظم. بينما الآن ومع توافر المضادات الحيوية والعزل الصحي، أصبح احتمال الموت بسبب الطاعون في حدود الـ 10%.
اقرأ أيضاً: هل قضى الطاعون على نصف سكان أوروبا حقاً؟
يعتبر المرض الآن من أندر الأمراض إصابة حيث تتراوح أعداد الإصابات عالمياً بـ 600 إصابة سنوية، وكان آخر أكبر اجتياح حصل في مدغشقر بين عامي 2014 و2017 مسبباً 261 وفاة إجمالاً.
نشرت هذه المقالة ضمن اتفاقية الشراكة التحريرية بين مجرة وكورا. وتمت الإجابة عن السؤال على موقع كورا بواسطة أحمد كعدان، طالب الطب في جامعة حلب.