نرتدي الملابس القطنية يومياً تقريباً، لأننا نستمتع بنعومتها، ونفضّلها على الملابس المحبوكة من الأقمشة الصناعية، ونرى أنها الأفضل لأطفالنا أيضاً، فهي لا تسبب لهم الحساسية، ويشعرون بالراحة عند ارتدائها. تعود أسباب تفضيلنا للقطن على غيره من الأقمشة لأنه طبيعي المصدر؛ إذ نحصل عليه من نبات القطن. لكن ما هي المراحل التي يقطعها القطن من الحقول حتى يتحول إلى خيوط وأنسجة وملابس لنرتديها على الدوام.
نبات القطن
تبدأ رحلة الحصول على الأقمشة القطنية من ألياف بيضاء ناعمة تحيط ببذور نبات القطن. تتكون هذه الألياف من السليلوز، وهو مركب عضوي لا يذوب في الماء، له أهمية كبيرة في بنية النبات. ويكون لألياف السليلوز هذه أطوال مختلفة.
يحتاج نبات القطن ظروفاً محددة لينمو، فهو بحاجة إلى الكثير من الشمس والحرارة العالية، وكمية وفيرة من الماء والأمطار، لذلك ينمو بكثرة في جميع المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية من حول العالم.
نظرة تاريخية على صناعة القطن
تشير الأدلة التاريخية إلى أن أول إنتاج لنسيج القطن كان في الهند في الألفية الخامسة قبل الميلاد. وفي الهند أيضاً اختُرع أول محلج للقطن في القرن الـ 13 الميلادي، ما جعل إنتاج القطن أسهل وأسرع بكثير، وأدى ذلك إلى انتشار منسوجات القطن على نطاق واسع.
خلال الثورة الصناعية، اختُرعت آلات ميكانيكية تُسهّل عملية إنتاج خيوط القطن، ما ساعد على انتشاره أكثر، وقلل من ساعات إنتاج كيس من خيوط القطن يدوياً من 600 ساعة إلى 12 ساعة فقط.
وإلى يومنا هذا، تعدّ الهند والصين والولايات المتحدة الأميركية من أكثر الدول إنتاجاً للقطنيات.
قطاف القطن
يُقطف القطن بطرق مختلفة من حول العالم. تعتمد بعض المزارع على القطاف اليدوي وبعضها الآخر على الآلات.
القطف اليدوي
يجمع قاطفو القطن المحصول بأيديهم، وتتطلب هذه العملية الكثير من الأيدي العاملة، لذلك غالباً ما يُجبر حتى الأطفال على قطف القطن.
إن قطف القطن يدوياً عملية طويلة ومؤلمة. تنضج ألياف القطن بأوقاتٍ مختلفة، لذلك تتم هذه العملية على مراحل، إذ تُجمع الألياف الناضجة وتترك غير الناضجة منها ليُعاد قطفها لاحقاً. فقد تستمر هذه العملية عدة أشهر تحت الشمس الحارقة.
القطف الآلي
ظهرت عملية القطف الآلي في عشرينيات القرن الماضي، وتعد هذه العملية أسرع من القطف اليدوي، ولا تتطلب عدداً كبيراً من الأيدي العاملة، ولن يجبر الأطفال على العمل فيها.
يوجد نوعان من الآلات المستخدمة في حصاد القطن: النوع الأول له أشواك دوارة تجمع ألياف القطن دون إتلاف النبات. أمّا النوع الثاني فيقطع القطن من الساق، كما أنه يجمع الناضج وغير الناضج منها والذي يتم التخلص منه لاحقاً، ما يؤدي إلى هدر كمية كبيرة من المحصول. بعد قطاف القطن، يُجمع في رُزم كبيرة، ويُرسل إلى المحالج.
كيف يتحول القطن من ألياف نباتية إلى خيوط وملابس؟
منذ قطافه حتى تشكيل الخيوط القطنية والأنسجة، يمر القطن بعدة مراحل، موزعة على عمليتين أساسيتين هما الغزل والنسيج.
عملية الغزل
تبدأ هذه العملية بمرحلة "الحلج"، وفيها يتم تخليص القطن من بقايا أجزاء النبات العالقة فيه من أوراق وسوق وأوساخ، وتُفصل عنه البذور التي يُحتفظ بجزء منها لزراعة المحصول في الموسم التالي، ويرسل الجزء الأكبر لصناعة زيت القطن. يلي الحلج عملية تمشيط لألياف القطن باستخدام آلة اسطوانية الشكل لها أسنان، تعمل على تحويل الألياف القصيرة إلى ألياف أطول عن طريق تفتيت الكتل وتنعيمها. تُمرر هذه الألياف على آلة دوارة، تعمل على إطالة الخيط والحصول على الثخانة المطلوبة. تُلَف الألياف على بكرات ثم تُرسل إلى معامل النسيج.
عملية النسيج
تبدأ هذه العملية بتحول الألياف إلى خيوط طويلة غير مجدولة، تصبح جاهزة بآلة تُسمى النول. في هذه الآلة يتم تحديد عدد الخيوط وكيفية نسجها للحصول على النوع المطلوب من النسيج القطني الذي سيُستخدم في صناعة الملابس. غالباً ما ترسل الخيوط إلى التبيض لتُصبح ناصعة، أو ترسل إلى المصابغ للحصول على أنسجة بألوان مختلفة.
اقرأ أيضاً: 8 طرق للاستفادة من القطن في الظروف الطارئة
مميزات الأنسجة القطنية
تتمتع خيوط القطن بميزات عديدة جعلتها من أهم الألياف المستخدمة في صناعة المنسوجات والملابس، من هذه الميزات:
- النعومة والرقة.
- المتانة العالية التي تجعل النسيج القطني مقاوماً للتلف.
- شدة الامتصاص بسبب المساحة الكبيرة بين ألياف القطن.
- سهولة الصباغة بسبب الامتصاصية العالية التي يتمتع بها.
- التهوية، إذ يسمح هيكل ألياف القطن بجعله أكثر قابلية للتنفس من الألياف الاصطناعية.
- القطن غير موصل للكهرباء، لذلك فإن الكهرباء الساكنة ليست مشكلة مع القطن كما يحدث مع الصوف.