قد يحدث معك في إحدى المرات وقبل عطلة نهاية الأسبوع، أن يكون لديك مهام كثيرة جداً عليك تسليمها بأقصى سرعة ممكنة، وإلا ستضطر للعمل في العطلة. تعتقد أن لا حل أمامك سوى شرب كوب من القهوة، لكن عوضاً عن مساعدتك على التركيز، شربت القهوة ونمت، يا للهول!
بعد استيقاظك جلست وتساءلت، كيف حدث ذلك؟ لقد أتت القهوة بمفعول عكسي. فما السر وراء ذلك؟
ما قصة اكتشاف المفعول المنشط في القهوة؟
تقول أسطورة اكتشاف القهوة إنه وبينما كان راعي أغنام من إثيوبيا يُدعى "خالدي" يراقب أغنامه في أحد الأيام، لاحظ أنها اقتربت من شجرة غريبة وتناولت ثمرها. في نفس الليلة لم تنم الأغنام وظلت مستيقظة لفترة طويلة على غير المعتاد، ما أثار تساؤلات عديدة في رأس خالدي الذي قرر الذهاب إلى نفس الشجرة ليحصل على بعض البذور، ثم قام بغلي بعض المياه وخلطها بالبذور وتناولها.
وقتها حصل على كمية كبيرة من التركيز والطاقة، فأدرك لماذا استيقظت أغنامه في الليلة السابقة، وذهب بمشروبه إلى الرهبان الذين تناولوه وأُعجبوا به كثيراً. وبذلك صار خالدي أول رجل في التاريخ يصنع كوب القهوة الذي سرعان ما ذاع صيته وانتشر في أرجاء المعمورة، وتعددت أنواعه وأقبل البشر على تناوله، وتفننت الثقافات المختلفة في إضفاء نكهات خاصة له.
اقرأ أيضاً: نعم، قد يعيش شاربو القهوة عمراً أطول، ولكن ذلك لا يستدعي الكثير من الحماس
كيف يعمل تأثير القهوة في الظروف الطبيعية؟
إذا كنت من محبي القهوة وتتناولها بشغف في كل المناسبات، فلا بد وأنك تذكر تلك اللحظة التي تناولتها فيها لأول مرة، وكيف أشعلت تركيزك وساعدتك على الاستيقاظ. فما الذي ساعدك على الاستيقاظ وقتها؟ حسناً، إنها آلية عمل القهوة، لكن لفهمها جيداً عليك إدراك لماذا تذهب إلى النوم في وقتٍ ما من اليوم.
يتراكم على مدار اليوم في الدماغ مركب يُسمى الأدينوزين نتيجة المجهود البدني والعمليات الذهنية التي يقوم بها الدماغ، مثل حالات الاستذكار أو القيام بأعمال تحتاج إلى مجهود عقلي. يرتبط الأدينوزين بمستقبلات (A1) في الدماغ، وبمجرد ارتباط جميع المستقبلات بالأدينوزين تسترخي العضلات ويبدأ النعاس، فيشعر الشخص بأنه في حاجة ملحة للذهاب إلى النوم. يمكننا تشبيه هذه الآلية بالمفتاح والقفل:
- المفتاح: مركب الأدينوزين.
- القفل: المستقبل (A1) في الدماغ.
إضافة إلى ذلك، قد يرتبط جزيء الأدينوزين بالمستقبل (A2A)، وهو مسؤول عن إطلاق ناقلات عصبية مثل الدوبامين تعزز الحالة المزاجية، وعندما يرتبط بالأدينوزين، يشعر الشخص بالأرق والحاجة للنوم.
لكن عند شرب القهوة، تطلق مركب الكافيين الذي يشبه في شكله الأدينوزين. يتنافس الكافيين مع الأدينوزين على المستقبلات (A1)، ويرتبط بها بدلاً من الأدينوزين، فلا يحدث استرخاء للعضلات، ويزداد تركيز الشخص متحولاً إلى حالة يقظة.
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تساعدك القهوة في إنقاص وزنك؟
لماذا قد نشرب القهوة ثم ننام؟
قد تتحول القهوة إلى مجرد مشروبٍ ساخن، لا قدرة له على التأثير على حالتك المزاجية أو تركيزك، وذلك لأسباب عديدة منها:
زيادة أعداد مستقبلات الأدينوزين
يتسبب شرب القهوة بانتظام في زيادة أعداد مستقبلات الأدينوزين في الدماغ، فترتفع احتمالات ارتباط الأدينوزين مع المستقبلات، ويرغب الشخص في النوم.
تحطم السكر
عند تناول القهوة مع كميات كبيرة نسبياً من الحلوى، يرتفع مستوى الإنسولين الذي ينظم تركيز السكر في الدم، فتقل كمية السكر وبالتالي ينخفض ضغط الدم، ويشعر المرء بالتعب والإرهاق والجوع والقلق وبعض المشاعر السلبية الأخرى، هذا يُسمى بحالة تحطم السكر. وعندما تحدث، يحتاج الشخص إلى الراحة.
إدرار البول
يتسبب شرب الكافيين في إدرار البول، بسبب تأثيره على عضلات المثانة الملساء، فيسبب انقباضات فيها تجعل الشخص بحاجة إلى التبول، وبالتالي يفقد كميات كبيرة أيضاً من الماء، ويشعر بالجفاف والتعب ويقل نشاطه ويذهب إلى النوم، بسبب قلة السوائل في الجسم.
اقرأ أيضاً: بين فوائده وأضراره: ما الذي لا يعرفه العرب عن الكافيين؟
مناعة ضد الكافيين
قد يكون جسمك من تلك الأجسام التي تطور مناعة ضد الكافيين عند تناول كمية كبيرة منه بانتظام، وذلك وفقاً لدراسة منشورة في مجلة "سيركوليشن" (Circulation) في أغسطس/آب 2003.
بعد كل هذا، هل علمت لماذا تناولت القهوة ثم ذهبت إلى عالم الأحلام بعد ذلك؟ لا شك في أنّ القهوة مشروب محبوب من أغلب البشر، لكن لكل شيء مميزاته وعيوبه. ولكي تتجنب المشكلات التي تسببها القهوة على المدى البعيد، عليك تناولها باعتدال حتى لا تُحرم من مميزاتها.