شارك
الرئيسية
2 دقائق 
تبدو السماء في يوم مشمس صافٍ بلون أزرق، بينما تبدو عند الأفق بلون أزرق شاحب مائل للأبيض، وتتحول عند الغروب إلى خليط من الألوان الحمراء والبرتقالية، لماذا؟ ما سبب اللون الأزرق دون غيره من الألوان؟ ولماذا هذا الاختلاف في لون السماء؟ في الواقع، تبدو السماء بلون أزرق نتيجة تفاعل 3 عوامل مع بعضها بعضاً: ضوء الشمس، والغلاف الجوي للأرض، وحساسية العين البشرية. وإليكم كيف يحدث ذلك.
لماذا يبدو لون السماء أزرق وليس أيّ لون آخر؟
بدايةً، لا بُدّ من توضيح بعض الأمور المتعلقة بالضوء ذاته، فضوء الشمس المعروف أيضاً بالإشعاع الشمسي هو جزء من الطيف الكهرومغناطيسي، الذي يتضمن بالإضافة إلى الضوء المرئي الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية. وعلى الرغم من أن ضوء الشمس المرئي يبدو أبيض، فهو يتكون من ألوان مختلفة كالأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي، ولهذه الألوان المختلفة أطوال موجية مختلفة، بحيث يكون الضوء الأحمر ذا طول موجي أطول، بينما للضوء الأزرق والبنفسجي أطوال موجية أقصر بكثير.
والضوء ينتقل عبر خط مستقيم ما لم يعترض طريقه شيء ما ويقوم بعكسه أو حَنيه أو بعثرته. إذاً، يبقى على خط مستقيم إلى أن يدخل الغلاف الجوي للأرض. يحتوي الغلاف الجوي للأرض على جسيمات دقيقة غير مرئية مثل النيتروجين والأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون والماء وذرات الأرجون أيضاً، حيث تعمل هذه الغازات والجسيمات على تشتيت وبعثرة قسم من أشعة الشمس في جميع الاتجاهات. وتشتت الضوء هو ارتداد شعاع الضوء عن جسم صلب في جميع الاتجاهات، وهو يختلف عن الانعكاس الذي يحدث عندما يرتد الإشعاع في اتجاه واحد.
وعلى الرغم من أن بعض الجسيمات والجزيئات الموجودة في الغلاف الجوي لديها القدرة على تشتيت ضوء الشمس، فإن ما يسبب ظهور اللون الأزرق هو ما يُدعى بـ "تشتت رايلي"، نسبةً للعالِم الذي اكتشفه، الذي يحدث عندما تكون بعض الجسيمات أكثر فعالية في تشتيت طول موجي محدد من الضوء. على سبيل المثال، فإن جزئيات الهواء مثل الأوكسجين والنيتروجين ذات حجم أصغر من الطول الموجي للضوء ذاته، بالتالي، كلما كان الطول الموجي للضوء أقصر كان تشتيته أفضل.
إذاً، عندما يدخل الضوء الأبيض القادم من الشمس إلى الغلاف الجوي للأرض، فإن الكثير من الأطوال الموجية للضوء الأحمر والأصفر والأخضر (مختلطة معاً ولا تزال بيضاء تقريباً) تمر عبر الغلاف الجوي مباشرة إلى سطح الأرض، بينما تتشتت الموجات الزرقاء والبنفسجية التي تمتلك الطول الموجي الأقصر التي تصطدم بجزيئات الغاز وترتد عنها في جميع الاتجاهات. تؤدي هذه العملية إلى فصل الموجات الزرقاء والبنفسجية عن بقية الضوء وتشتيته في جميع الاتجاهات ليراها الجميع، أما الأطوال الموجية غير الزرقاء المتبقية، فتبقى مختلطة معاً وغير متناثرة في الغلاف الجوي، لذلك تبدو بلون أبيض.
اقرأ أيضاً: لماذا نرى العشب باللون الأخضر تحديداً؟
لماذا لا يبدو لون السماء بنفسجياً رغم تعرضه للتشتت بشكل أكبر؟
يسيطر كل من الضوء البنفسجي والأزرق المتناثرين على السماء، فلمَ تبدو زرقاء وليست بلون بنفسجي، علماً أن الضوء البنفسجي ذو طول موجي أقصر ومن المفروض أن يتعرض للتشتت بشكل أكبر؟ في الواقع، يمتصّ الغلاف الجوي العلوي بعض الضوء البنفسجي، بالإضافة إلى أن العين البشرية أكثر حساسية للون الأزرق مقارنة باللون البنفسجي.
لماذا تبدو السماء عند الأفق بلون أزرق شاحب؟
لأن ضوء الشمس الذي يصل إلينا من الأفق يقطع مسافة أطول، بالتالي عليه أن يعبر عبر مسافات أكبر من الغلاف الجوي مقارنة بتلك التي يقطعها الضوء القادم عمودياً من وسط السماء، بالتالي تعمل جزيئات الغاز عند الأفق على تشتيت الضوء الأزرق مرات أكثر وباتجاهات عديدة، ونتيجة هذه الكمية المتزايدة من التشتت تقل هيمنة الضوء الأزرق، ونرى بالتالي كمية أكبر من الضوء الأبيض.
لماذا تبدو السماء بلون أحمر عند المغيب؟
أثناء شروق الشمس وغروبها، ينبغي على الضوء القادم من الشمس أن ينتقل عبر مسافة أطول، وأن يعبر بالتالي عبر مسافات أكبر من الغلاف الجوي، وكلما اقتربنا من الأفق زاد حجم الغلاف الجوي الذي يجب أن يعبره الضوء. بالتالي، يتشتت الضوء الأزرق وينتشر في جميع الاتجاهات بعيداً في الأجزاء العليا من الغلاف الجوي، بينما يكون كل من الضوء الأحمر والبرتقالي أقل عرضة للتشتت فيصلا إلينا، ويبدو لون السماء أحمر.