لماذا يعتمد معظم البشر على اليد اليمنى أكثر من اليسرى؟

ملخص: قد يكون واحد من كل 10 أشخاص حول العالم أعسر، فما هو السبب في ذلك؟ حاول الكثير من الأبحاث تفسير هذه الظاهرة، لكن حتى الآن فإن العوامل الأساسية المؤثرة في ذلك غير معروفة تماماً. أحد أهم التفسيرات يقول إن هذه الظاهرة قد تكون موروثة من الوالدين اللذين قد يكون أحدهما أو كلاهما أعسر، ولا ترتبط الجينات بهذه الظاهرة سوى بنسبة 26% من الحالات، ما يدل على وجود عوامل أخرى. تنصُّ نظرية أخرى على أن نصف الكرة المخية الأيسر المسؤول عن تعلم اللغة ومعالجتها يكون فعالاً بشكلٍ أكبر عند معظم البشر، وهو مسؤول عن استخدام اليد اليمنى، ما يخلق انحيازاً بشرياً لتفضيل اليد اليمنى. تفترض نظرية أخرى حاجة البشر عبر تاريخهم إلى استخدام اليد اليمنى في حمل السلاح والهجوم بشكل جانبي من الطرف الأيمن لحماية طرف الجسم الأيسر الذي يحتوي على القلب، ما يجعل احتمال التعرض لجرح مميت أقل حدوثاً. لكل من هذه النظريات عيوبها وما زالت الأبحاث مستمرة لمعرفة سبب هذا الانحياز.

تُقدَّر نسبة البشر الذين يستخدمون أيديهم اليسرى حول العالم بنحو 10% فقط، ويمكن لهذا التفاوت أن يسبب عدة مشكلات وانحيازات في طرق تصنيع الأجهزة ومقاعد الدراسة والمعدات الجراحية وغيرها. لكن لماذا ينحاز البشر لاستخدام يد واحدة أكثر من الأخرى؟ ولماذا 90% من حالات هذا الانحياز تعود لصالح استخدام اليد اليمنى؟ إليك آخر ما توصل إليه العلم من نظريات تحاول تفسير ذلك.

ما هي النظريات التي تفسّر هيمنة استخدام اليد اليمنى بين البشر على مستوى العالم؟

لا يزال سبب هيمنة استخدام اليد اليمنى حول العالم غير معروف بشكلٍ كامل، وهناك عدة نظريات تحاول تفسير هذه الظاهرة، من أبرزها ما يلي:

1. نظرية هيمنة مراكز اللغة الدماغية

إحدى النظريات تنصُّ على أن زيادة نسبة مَن يستخدمون اليد اليمنى مقارنة باليسرى ترجع إلى وجود مراكز تعلم اللغة في نصف الدماغ الأيسر، علماً أن هناك تصالباً عصبياً بين الدماغ والأطراف؛ ما يعني أن نصف الكرة الدماغي الأيمن يتحكم بالطرف الأيسر من الجسم، ونصف الدماغ الأيسر يتحكم في طرف الجسم الأيمن، وبسبب أهمية تطور اللغة وضرورة تعلُّمها من البشر، سيصبح نصف الدماغ الأيسر أكثر قوة وفاعلية، وبالتالي سيفضّل الجسم استخدام اليد اليمنى.

ملاحظات على النظرية: يستخدم 70% من العُسر نصف دماغهم الأيسر لمعالجة اللغة وتعلمها، ما يعني أن تأثير تعلُّم اللغة قد لا يكون كبيراً في اختيار اليد المهيمنة.

2. وجود مجموعة من الجينات تتحكم بهيمنة اليد اليمنى

تُعدّ العوامل الوراثية التي تسهم في هيمنة الطرف الأيمن من أهم العوامل التي تؤدي إلى هذا الانحياز، إذ ترتبط ربع حالات استخدام اليد اليسرى مع 41 منطقة جينية معروفة في الحمض النووي، وتصل نسبة الأطفال الذين يستخدمون أيديهم اليسرى ولديهم أحد الأبوين أو كلاهما يستخدمان أيديهم اليسرى 26%، لكن هذه النسبة لا تغطي الحالات كلها، ما يعني وجود عوامل بيئية وعوامل ناتجة عن تفاعل البيئة مع الجينات تؤثّر في هيمنة استخدام اليد اليمنى.

ملاحظات على النظرية: وجود نسبة 21% من التوائم الحقيقية، يستخدم أحدهما اليد اليمنى والآخر اليسرى، علماً أن الذخيرة الوراثية تكون متماثلة لديهما، ما يدل على أن العوامل الوراثية لا تحدد بمفردها أو تسود على العوامل الأخرى التي تحدد اليد المهيمنة.

3. نظرية أفضلية القتال

أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة لوند في السويد منشورة عام 2023، أن أحد أبرز التفسيرات لاستخدام اليمنى عند معظم البشر هو نظرية القتال، وهي نظرية مؤثرة تشير إلى أن استخدام اليد اليمنى يوفّر أفضلية في القتال وحماية النفس.

تنصُّ النظرية على أن القتال والصيد كان من أساسيات حياة البشر الأوائل، وأن اليد التي كان يستخدمها البشر الأوائل لحمل السلاح تؤثّر بشكلٍ ملموس في نتيجة القتال، وذلك بسبب موقع القلب والشريان الأبهر المتوضع في الجهة اليسرى من الجسم، فإمساك السلاح باليد اليسرى والهجوم به يكشف عن نصف الصدر الأيسر ما يُعدّ أكثر احتمالاً للتسبب بالوفاة إن تم استهدافه، بينما إمساك السلاح باليد اليمنى يكشف نصف الصدر الأيمن، وهو خطورة للتسبب بالوفاة عند الهجوم إذا تم الكشف عنه مع تقدم الرِجل اليمنى، لذا ستكون له أفضلية في عدم التعرض لجروح مميتة.

ملاحظات عن النظرية: إن كان الرجال في العصور القديمة يستخدمون يدهم اليمنى في القتال، فلماذا هناك نساء عسرَوات، علماً بأن النساء لم يشاركن في القتال والصيد مثل الذكور؟ هل يُعقل أن صفة اليد المهيمنة موروثة بواسطة جينات من الأب؟ هذا ليس واضحاً بعد وبحاجة إلى المزيد من الدراسات.

يمكن الاستنتاج من النظريات السابقة أن تحديد اليد المهيمنة يخضع لمجموعة متعددة من العوامل، عُرف بعض منها لكن لا تزال هناك عدة عوامل بحاجة إلى مزيد من الدراسة والاكتشاف.

لماذا لا نستطيع استخدام اليد اليسرى بكفاءة استخدام اليمنى نفسها إن كانت اليمنى هي المهيمنة؟

يُعدّ استخدام يد واحدة في أثناء الكتابة أو الرسم أو رمي الكرة أسهل على الدماغ، وذلك من حيث توليد ونقل الإشارات العصبية للتحكم بطرف واحد مهيمن بشكلٍ أكبر من الآخر، فالكتابة مثلاً تحتاج إلى الدقة في عمل العضلات ونقل الإشارات العصبية من الدماغ وكذلك بالنسبة للرسم أو رمي الكرة، وتبديل اليدين باستمرار قد يعني أن الدماغ سيستغرق وقتاً أطول لتعلم كيفية القيام بهذه الأشياء بدقة. لذا يفضِّل دماغنا أن نستخدم يداً معينة دون الأخرى، علماً أنه مع التدريب والالتزام يمكن أن تتمكن من استخدام كلتا يديك أو قدميك في غرض مثل الرسم والكتابة والتسديد بكفاءة، وهناك أشخاص عبر التاريخ تمتعوا بهذه القدرة وطوّروها، منهم ألبرت أينشتاين وليوناردو دافنشي، وفي منشور لإياد الحمود، المؤثر السعودي على وسائل التواصل الاجتماعي، على منصة إكس، يتحدث عن أهم الشخصيات التي يُعرف عنها بأنها تستخدم اليد اليسرى.

اليوم يوافق #اليوم_العالمي_للعسر

وهم الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليسرى أكثر من اليمنى ويشكلون 10% من سكان العالم.

يتميزون بإبداعهم في الرياضيات والهندسة المعمارية وأفضل في ألعاب الفيديو وأكثر نجاحاً في الأدوار القيادية ولديهم وعي أكبر لمحيطهم.

90% من أفراد العالم يستخدمون… شاهد على إكس

— إياد الحمود (@Eyaaaad) August 13, 2024