ما سبب بطء حركة الحلزون والبزّاق؟

ما سبب بطء حركة الحلزون والبزّاق؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Natalia Mels

عندما تتجول في فناء منزلك أو تمشي بمحاذاة جدول ماء من المحتمل أن ترى حلزوناً، وهو حيوان رخوي صغير يحمل قوقعة على ظهره.

يمكن العثور على الحلزون في البيئات المائية مثل المحيطات المالحة أو الأنهار أو البحيرات، كما يعيش على اليابسة في الغابات والأراضي العشبية وحتى في حديقة منزلك.

ومن الممكن أيضاً أن تصادف البزّاقات (أو الحلزونات العارية) في أثناء تجولك في حديقتك أو في الغابة، وهي حيوانات رخوية بطيئة الحركة تنتمي إلى فصيلة الحلزون نفسها؛ وهي تشبه الحلزونات إلى حد كبير باستثناء أنها لا تملك قوقعة.

لا يقتصر وجود البزّاقات على الأرصفة أو النباتات في الحديقة، لكن يمكن العثور على بعض أنواعها أيضاً في المحيطات،

إذ يعيش ما يقدر بنحو 240,000 نوع من الحلزون والبزّاق في جميع أنحاء العالم. لكن بغض النظر عن القارة أو المحيط الذي توجد فيه هذه الكائنات، ثمة قاسم مشترك واحد بينها؛ وهو أنها تتحرك ببطء.

اقرأ أيضاً: لماذا يعد الأخطبوط من أذكى الرخويات؟

وإليك مثالاً على مدى بطئها: في بطولة العالم لسباق الحلزون، التي أقيمت في المملكة المتحدة، تنافست أسرع الحلزونات في سباق الجري،

فقطع الحلزون الأسرع مسافة السباق بسرعة تبلغ نحو 96 متراً في الساعة.

ولتوضيح الأمر إليك هذا المثال، إذا كنت تتحرك ببطء مثل الحلزون فسوف يستغرق التقاط قطعة من الطعام الموجود في الطبق ووضعها في الفم نحو 3 دقائق.

الرخويات موجودة في كل مكان

لماذا تتحرك الحلزونات والبزّاقات ببطء؟

بصفتنا باحثين متخصصين في دراسة النباتات والحيوانات، توصلنا إلى أن السبب في ذلك أكثر تعقيداً مما تعتقد.

الحلزونات والبزّاقات هي جزء من مجموعة كبيرة من الحيوانات التي تنتمي إلى الفصيلة نفسها، وتُعرف باسم الرخويات، وتشمل أيضاً البطلينوس والمحار والحبار والأخطبوط.

وتوجد داخل فصيلة الرخويات مجموعة أصغر من الحيوانات تسمى بطنيات الأقدام، وتشمل الحلزونات والبزّاقات.

ولأن هذه الحيوانات تعيش في أماكن متنوعة، فقد تطورت لتتغذى على أنواع مختلفة من الطعام. بعض هذه الحيوانات نباتية يتغذى على النباتات الحية، وبعضها الآخر من آكلات الحتات، أي تتغذى على النباتات الميتة أو المتحللة. فيما تُعتبر بقية الأنواع من آكلات اللحوم أو الحيوانات القمّامة التي تتغذى على الحيوانات الأخرى.

أسباب بطء هذه الحيوانات

يعود سبب بطء حركة الحلزونات والبزّاقات إلى 3 عوامل على الأقل: طريقة حركتها ونوعية غذائها وأنواع الحيوانات التي تتغذى على هذه الرخويات نفسها.

أولاً، تختلف حركة الحيوانات؛ فبعضها يطير وبعضها يقفز أو يزحف، لكن الحلزونات والبزّاقات تتحرك باستخدام ما يسميه علماء الأحياء القدم البطنية (ventral foot). لكن يمكن أن تكون كلمة قدم مضلّلة بعض الشيء، لأن قدم الحلزون أو البزّاق لا تشبه قدم الإنسان.

القدم البطنية هي عضلة تمتد على طول الجانب السفلي من الجسم ومغطاة بمادة مخاطية لزجة، وتتموج هذه العضلة عند الانقباض وترسل موجات صغيرة من ذيل الحيوان إلى رأسه، فتضغط هذه الموجات على المخاط الموجود أسفل القدم ليتحول إلى سائل لزج، ما يسمح للحلزون أو البزّاق بالانزلاق على الأرض أو تسلّق النباتات.

اقرأ أيضاً: هل تمر الحيوانات بسن المراهقة؟

تجبر هذه الطريقة الفريدة الحلزون والبزّاق على التحرك ببطء لأن سرعتهما محدودة بعدد تقلصات القدم وكمية المخاط التي يمكن أن ينتجاها.

لا تضطر الحلزونات والبزّاقات إلى التحرك بسرعة للعثور على طعامها.

إذ يضطر العديد من الحيوانات، وبصورة خاصة الحيوانات المفترسة، إلى الجري بسرعة للقبض على الفرائس، فعلى سبيل المثال يجب أن يكون الفهد أسرع من الغزال بكثير ليتمكن من اللحاق به واصطياده. لكن معظم الحلزونات والبزّاقات يتغذى على النباتات أو المواد المتحللة أو الحيوانات البحرية التي تبقى ثابتة في مكانها، مثل الإسفنج. ولأن هذه الوجبات الغذائية ثابتة ولا تتحرك، لا يضطر الحلزون والبزّاق إلى التحرك بسرعة للحصول على الطعام.

التعامل مع الحيوانات المفترسة

ليس من الضروري أن تكون الحلزونات والبزّاقات سريعة لتجنب خطر الحيوانات المفترسة. فقد طوّرت هذه الحيوانات أساليب أخرى لتجنب الفئران والطيور والزبابات (القرضاميات) وغيرها من الأعداء. إذ تختبئ الحلزونات عادة داخل قوقعتها حتى زوال الخطر.

وتختبئ البزّاقات البرية في المناطق المكشوفة. إذ يتميز معظمها باللون الرمادي أو البني أو الحنطي وتندمج بشكل جيد مع محيطها، وبالتالي يصعب على الحيوانات المفترسة رؤيتها. كما أن لديها طبقة حماية إضافية، فبالإضافة إلى المخاط الموجود على بطنها الذي يسهل حركتها، تغطيها أيضاً مادة مخاطية لزجة. وما يميز هذا المخاط هو أنه يمكن أن يلتصق بفم الحيوانات المفترسة ويُصعّب عملية المضغ، كما أن معظم الحيوانات المفترسة لا يحب مذاق هذه المادة اللزجة.

وفي المقابل، من السهل غالباً رؤية البزّاقات البحرية لأنها ملوّنة. لكن هذه الألوان الزاهية تحذّر الحيوانات المفترسة، لأن هذا النوع من البزّاقات يحمي نفسه بسموم ذات مذاق سيئ.

تعامل مع الحلزونات والبزّاقات برفق

على الرغم من حجم الحلزونات والبزّاقات الصغير، فهي تسهم بشكل كبير في صحة أنظمتها البيئية،

إذ تتحكم في نوعية النباتات التي تنمو في منطقة ما من خلال التغذية على البذور والنباتات الصغيرة، كما تساعد بتناولها المواد المتحللة في إعادة تدوير العناصر الغذائية التي تستفيد منها النباتات المزروعة. وعلى الرغم من جهود الحلزونات والبزّاقات للبقاء على قيد الحياة، فهي لا تزال وجبة غذائية للحيوانات الأخرى.

اقرأ أيضاً: ما هو التفسير العلمي لصعوبة سحق الذباب؟

لذلك في المرة القادمة التي ترى فيها حلزوناً أو بزّاقاً متدلياً من نبات ما، أو يتحرك ببطء في فناء منزلك أو ينزلق عبر رصيف خرساني، توقف وراقب سلوكه بعناية. وتذكر خصائص هذه الحيوانات البيولوجية الرائعة، وطريقة حركتها الفريدة وشكلها المميز، إلى جانب الفوائد الكثيرة التي تقدمها للبيئة.

ثم اتركها في سلام، إذ تساعد هذه الحيوانات الصغيرة في الحفاظ على صحة عالمنا واستمراره.

المحتوى محمي