ما لم يعثر أي أحد على حمض نووي للديناصورات محفوظ بشكل جيد ويقرر إكثار هذه الحيوانات (على سبيل المثال، الفيلوسيرابتور) كتحوير على سيناريو فيلم «جوراسك بارك»، على الأرجح ألا نتذوق أبداً لحم ما يقرب من 700 نوع من الديناصورات المنقرضة. لكن يمكننا بناء الافتراضات، والإجابة ستكون أكثر تعقيداً بكثير من «ديناصورات قد يكون لها طعم الدجاج».
لقد تذوقت ديناصوراً بالفعل!
دعنا نوضّح أمراً ضرورياً في البداية: إذا كنت قد أكلت أي نوع من الطيور من قبل، فقد تذوّقت بالفعل ديناصوراً. الطيور المعاصرة هي آخر «وحشيات الأرجل» الحية، وهي نفس المجموعة من الحيوانات التي تشمل الديناصورات «ريكس» و «فيلوسيرابتور»، لذلك فالطيور ليست «منحدرة من» الديناصورات ببساطة، بل هي ديناصورات بحد ذاتها.
إذن نعم، الدجاج (وهو نوع من الديناصورات) له طعم الدجاج. التمساحيات (مثل القاطور)، والتي تمتلك سلفاً مشتركاً مع الديناصورات، لها طعم يشبه طعم الدجاج أيضاً. وهذه نقطة بداية جيدة عندما تفكر في ما قد يكون طعم «ستيغوسورس» أو «كومبسوغناثوس».
يقول «ستيف بروسات»، عالم الحفريات و أستاذ في جامعة إدنبره: «في مصطلحات البيولوجيا التطورية، هناك مجموعة سلالية غير منقرضة من الحيوانات التي لها طعم الدجاج (التماسيح والطيور) تحيط بالديناصورات في شجرة عائلتها، مما يجعل من المنطقي اعتبار أن الديناصورات كان لها طعم يشبه طعم الدجاج أيضاً».
طعم الديناصورات يعتمد على أنواعها
لكن الأمر ليس بهذه البساطة. كل طائر له طعم فريد. إذا كنت قد أكلت بطة في الولايات المتحدة، فمن المحتمل أن تكون من نوع «البيكين الأميركي»، وهو نوع مستأنس من البط البرّي له طعم معتدل يشبه طعم الطرائد إلى حد ما. بينما للبط الغواص، وهو نوع آخر من البط، طعم يشبه طعم السمك، ويجده البعض غير مستساغ. من المرجّح أن يكون للديناصورات المنقرضة نكهات متنوعة أيضاً.
هناك أيضاً عدد لا يحصى من العوامل التي تساهم في منح الحيوانات نكهاتها المختلفة. ومن أهمها طبيعة استخدامها لعضلاتها والنظام الغذائي الذي تتبعه.
من المرجح أن ديناصورات مثل «تريسيراتوبس» (الديناصور ثلاثي القرون) و «ألوسورس» كانت تمتلك عضلات سريعة وبطيئة الانقباض مثل البشر والحيوانات الأخرى. تُشكل الألياف ذات الانقباض البطيء اللحوم الداكنة، وذلك بسبب تلوّنها بدرجات الأحمر الناتجة عن وجود بروتين الميوغلوبين الحامل للأكسجين، بينما تُشكّل الألياف سريعة الانقباض اللحوم البيضاء.
اضطرت الديناصورات الصغيرة المفترسة على الأرجح إلى التحرك بسرعة لنصب كمائن لفرائسها والهروب من المفترسات الأخرى، لذلك من الممكن أن تكون قد امتلكت قدراً لا بأس به من اللحوم البيضاء. ربما كان طعم فيلوسيرابتور حقاً مثل طعم الدجاج. من ناحية أخرى، من المرجّح أن الديناصورات الأكبر حجماً كانت تتمتّع بعضلات كبيرة تتحرك باستمرار وتحتاج إلى الكثير من الأكسجين، لذا فقد يشبه طعمها طعم لحم البقر أو لحم الغزلان.
كيف تكتسب لحوم الحيوانات مذاقها؟
يمكن للحيوانات أيضاً أن تكتسب نكهة الأشياء التي تأكلها. مثلاً، يمكن أن تكون لحوم الأبقار التي تتغذى على الحشائش ترابية أكثر قليلاً من الأبقار التي تتغذى على الذرة. مع ذلك، لم تأكل الديناصورات الكثير من الحشائش على الأرجح، لأنها لم تستمر بالتطور حتى نهاية فترة حكمها التي استمرّت 165 مليون عام. اتّبعت وحشيات الأرجل نظاماً غذائياً متنوعاً، إذ أن الحيوانات العاشبة منها كانت تتغذى على السراخس والسيكاديّات والصنوبريات (وهي نباتات لا تزال موجودة حتى الآن).
اليوم، تتغذّى الغزلان على نظام غذائي مشابه، لذلك قد يكون طعم بعض الديناصورات يشبه طعم الغزلان. قد يكون طعم بعض الديناصورات مقرفاً، مثلاً، طائر «طيهوج التنوب»، وهو طائر يشبه الدجاج، يقضي الشتاء في قضم الصنوبر ولا غيره تقريباً. وفقاً لـ «هانك شو»، طاهٍ ومتخصص في الأطعمة البرية، إذا أكلت أحد هذه الطيور في ذلك الوقت من العام، يمكن أن يكون طعمها يشبه طعم ثمار التنوب، وهو طعم يشبه طعم زيت التربنتين.
في النهاية، لا توجد إجابة محددة لما قد يكون طعم الديناصورات المنقرضة، ولكن يمكننا أن نطلق العنان لمخيلتنا. إذا اكتسب شخص ما القدرة على إعادة خلق الديناصورات، فمن الأفضل أن نتذكر أن أفلام جوراسك بارك لا تنتهي بأكل الناس لما خلقوه، بل في كثير من الأحيان، يكون العكس هو الصحيح.