هل نرى الأشياء في أحلامنا بالألوان أم بالأبيض والأسود؟ سريهان، 7 سنوات، البنغال الغربية، الهند
تمثل الأحلام حالة مدهشة من حالات الوعي. في أثناء النوم، يخلق عقلك قصصاً رائعة وغريبة، وغنية بالتفاصيل المرئية، ويحدث كل ذلك دون أي مدخلات واعية منك.
بعض الأحلام مملة، بينما يعرض لك البعض الآخر أحداثاً صادمة أو صوراً رائعة. كثيراً ما أحلم بتماسيح تمشي منتصبة وترتدي نظارات شمسية وقمصاناً صفراء، وغالباً ما تكون ودودة وتخوض مغامرات معي، لكنها في بعض الأحيان تكون عدوانية وتطاردني.
تفسر الطريقة التي يعمل بها الدماغ في أثناء الحلم الأسباب التي تجعل الأحلام رائعة للغاية في بعض الأحيان. ثمة بنية صغيرة تسمى اللوزة الدماغية مسؤولة إلى حد كبير عن معالجة المعلومات العاطفية، وتكون نشطة للغاية في أثناء الحلم. وفي المقابل، تميل القشرة الأمامية للدماغ، التي تساعدك على التخطيط ووضع الاستراتيجيات، إلى أن تكون هادئة إلى حد ما. ويفسر هذا النمط لماذا يمكن أن تقفز الأحلام من مشهد غريب إلى آخر، دون وجود حبكة واضحة. يبدو الأمر كما لو كنت تبحر في موجة عاطفية من دون قبطان.
قد تكون الأحلام عاطفية ومخيفة في بعض الأحيان. لكنها قد تكون ممتعة أيضاً، ربما يصادف في أحد الأيام أنك حلمت حلماً مبهجاً للغاية لدرجة أنك شعرت بخيبة أمل عندما استيقظت وأدركت أنه لم يكن حقيقة.
هل تظهر الصور في أحلامك بالألوان الزاهية؟ ربما راودك حلم بأنك تلعب لعبة كاندي كراش وتتذكر الحلوى ذات الألوان الزاهية الحمراء والبنفسجية والصفراء المتساقطة في حلمك.
بصفتي عالمة أعصاب مختصة بدراسة النوم، أستطيع أن أؤكد لكم أن نحو 70% إلى 80% من الناس يفيدون بأنهم لا يرون الأشياء بالأبيض والأسود فحسب في أحلامهم، بل يرونها ملونة. لكن هذه التقديرات قد تكون منخفضة، لأن العلماء لا يمكنهم في الواقع رؤية ما يراه الحالم. لا توجد تقنية متطورة تظهر لهم ما يحدث بالضبط في عقل الحالم. وبدلاً من ذلك، عليهم الاعتماد على ما يتذكره الحالمون عن أحلامهم.
اقرأ أيضاً: كيف تتشكل الأحلام في أدمغتنا؟
دراسة النوم في المختبر
لدراسة الأحلام، يطلب الباحثون من الأشخاص أن يناموا في المختبرات، ويوقظونهم ببساطة وهم يحلمون ثم يسألونهم عما كان يراودهم فيها للتو. إنه علم بدائي إلى حد ما، لكنه فعال.
كيف يعرف العلماء الأوقات التي يحلم فيها الناس؟ على الرغم من أن الأحلام يمكن أن تحدث في أي مرحلة من مراحل النوم، فقد أظهرت الأبحاث منذ فترة طويلة أن الأحلام تحدث على الأرجح خلال مرحلة حركة العين السريعة من النوم.
يمكن للعلماء تحديد مرحلة حركة العين السريعة من خلال النشاط الكهربائي في فروة الرأس وحركات العينين. ويفعلون ذلك باستخدام تخطيط الدماغ الكهربائي، الذي يستخدم عدة أقطاب كهربائية صغيرة توضع مباشرة على فروة الرأس لقياس نشاط الدماغ. خلال مرحلة حركة العين السريعة تتحرك عينا الحالم ذهاباً وإياباً بصورة متكررة. هذا يعني على الأرجح أنهما تجريان عملية مسح، أي أن الشخص النائم ينظر حوله خلال الحلم.
في هذه المرحلة، يوقظ الباحثون المشاركين في التجربة. تعد دراسة الأحلام مهمة صعبة للغاية لأن الأحلام تتلاشى بسرعة كبيرة. لذا، بدلاً من أن نطلب من المشاركين أن يتذكروا ما كانوا يحلمون به -حتى لو كان حلماً راودهم منذ لحظة- نسألهم عما كانوا "يفكرون فيه". لا يملك الحالمون وقتاً للتفكير أو التأمل، بل يجيبون عن السؤال فحسب، قبل أن يتلاشى الحلم من ذاكرتهم.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد الأحلام الواعية والواقع الافتراضي في علاج اضطراب ما بعد الصدمة؟
الأحلام تجارب حسية متكاملة
يبدو أن فرصة رؤية الألوان في الأحلام تختلف باختلاف السن، فنسبة الأحلام الملونة التي يبلغ عنها كبار السن أقل بكثير منها عند صغار السن. ويستند التفسير السائد لهذا الأمر إلى الوسائط المرئية التي شاهدوها في صغرهم. إذا كانت الصور والأفلام وأجهزة التلفزيون التي شاهدتها في طفولتك كلها بالأبيض والأسود، فمن المرجح أن تبلغ عن أحلام بالأبيض والأسود أكثر من الأحلام الملونة.
تثير هذه الظاهرة بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام. هل الناس يحلمون حقاً بالأبيض والأسود أم إنهم يتذكرون أحلامهم بهذه الطريقة بعد حدوثها؟ هل كان من الشائع أن يقول الناس إنهم يحلمون بالأبيض والأسود قبل اختراع هذه الوسائط المرئية؟ لم تكن هناك أي أبحاث مركزة تعتمد على تقارير الأحلام اللحظية قبل وجود الصور والأفلام بالأبيض والأسود، لذا لن نعرف أبداً.
مع أن السمات البصرية تهيمن على الأحلام، يمكنك أيضاً أن تسمع الأشياء وتشمها وتتذوقها في أحلامك. لذا إذا حلمت بأنك تزور إحدى مدن الملاهي، فقد تسمع الموسيقى التي يعزفها الموكب الاستعراضي أو تشم رائحة البطاطا المقلية الصادرة عن أحد أكشاك الطعام.
ربما تساءلت أيضاً عما إذا كان المكفوفون يحلمون، والإجابة هي: أجل، إنهم يحلمون. إذا أصبح الشخص كفيفاً بعد سن الخامسة أو السادسة، فستحتوي أحلامه على صور بصرية. ومع ذلك، فإن الشخص الذي يصاب بالعمى الخلقي، أو يصاب بالعمى قبل سن الخامسة تقريباً، لن تكون لديه صور مرئية في أحلامه. بل تحتوي أحلامهم على معلومات أكثر من الحواس الأخرى.
تذكر الأحلام
قد يقول بعض الناس إنهم لا يحلمون على الإطلاق. في الواقع، إنهم يحلمون، لكن الكثير من الناس لا يتذكرون أحلامهم. ينسى الناس الغالبية العظمى من أحلامهم، وذلك لأن منطقة الحصين، وهي منطقة الدماغ المسؤولة عن الذاكرة الطويلة المدى، تكون معطلة إلى حد كبير عندما نكون في مرحلة حركة العين السريعة من النوم.
وقد يتذكر آخرون الحلم فور استيقاظهم ولكنهم سرعان ما ينسونه. ويرجع السبب في ذلك إلى أن الحصين خامل بعض الشيء ويستغرق بعض الوقت للاستيقاظ، لذا لا يمكنك تكوين ذاكرة طويلة المدى بعد الاستيقاظ مباشرة.
لعل السؤال الأهم حول الأحلام هو: هل تحمل أي معنى؟ لطالما ناقش العلماء هذا الأمر منذ القدم. إذ أطلق مؤسس التحليل النفسي، سيغموند فرويد، على الأحلام اسم "الطريق الملكي إلى اللاوعي". كان يعتقد أن لها معاني عميقة خفية على الحالم.
أما اليوم، فإن العلماء يتفقون على أن الأحلام ليس لها أي معان خفية. لذا، في حين أن من الممتع التفكير فيما تعنيه أحلامك، لا يوجد أساس علمي للاعتقاد، على سبيل المثال، أن الحلم بسقوط أسنانك يعني تلقائياً أنك قلق بشأن فقدانها.
إذا كنت ترغب في تعزيز قدرتك على تذكر الأحلام، ما عليك سوى الاحتفاظ بمفكرة وقلم بجانب سريرك والتدرب على كتابة أحلامك فور استيقاظك من النوم. هذه هي أفضل طريقة لتذكر القصص الخيالية التي يختلقها لك دماغك كل ليلة.