تفترض الدراسات أن تفكك قارة قديمة بصورة عنيفة قد يفسر سبب وجود كمية من الألماس الوردي النادر على كوكبنا. اكتشف بعض علماء الجيولوجيا والأرض في أستراليا أن هذا الاصطدام الذي حدث قبل 1.8 مليار سنة كان أحد العوامل الأساسية التي أسهمت في تكوين الألماس الوردي على الأرض، ويفسر أيضاً سبب وجود كميات كبيرة منه في منطقة معينة في غرب أستراليا. وُصفت النتائج في دراسة نشرت في 19 سبتمبر/أيلول في مجلة نيتشر (Nature)؛ إذ يمكن أن تساعد هذه النتائج في عمليات البحث عن كميات إضافية من هذه المعادن الملونة.
اقرأ أيضاً: نوع نادر من الألماس يكشف عن بيئة مائية يحتمل وجوها في أعماق الأرض السحيقة
ما هو الألماس الوردي؟
الألماس عبارة عن بلورات من عنصر الكربون، التي تتشكل في أعماق الأرض، حيث تتعرض لضغط هائل وحرارة شديدة. يصل الألماس عادة إلى سطح الأرض عندما تندفع الصخور والرواسب المنصهرة من باطن الأرض في أثناء الانفجارات البركانية. يعتقد العلماء أن هذه العملية تستغرق ملايين ومليارات السنين. وفقاً للمعهد الأميركي للأحجار الكريمة (Gemological Institute of America)، يقدّر عمر الألماس الموجود على الأرض بمليارات السنين.
لكي يتحول لون الألماس إلى اللون الوردي، يجب أن يخضع للقوة الناتجة عن اصطدام الصفائح التكتونية، التي تؤدي إلى ثني بلوراته بالطريقة نفسها التي تؤثر بها على الألماس البني. أظهرت هذه الدراسة الجديدة أن الألماس الوردي يوجد عادة في المناطق التي تعرضت فيها قارات الأرض للتمدد عندما بدأت عملية تفككها منذ مئات ملايين السنين.
عمل فريق من الباحثين من جامعة كيرتن (Curtin University) في مدينة بيرث في أستراليا على دراسة الصخور الغنية بالألماس والمستخرجة من بركان أرغايل (Argyle) في غرب القارة. وفقاً لشركة ريو تينتو (Rio Tinto) للتنقيب، يوجد منجم مغلق بالقرب من بركان أرغايل، كان موطناً لـ 90% من الألماس الوردي في العالم. تمددت اليابسة عندما كانت توجد قارة عملاقة قديمة تسمى "نونا" (Nuna)، ما أدى إلى تكوين فجوات في الأرض، وبالتالي، سمحت هذه العملية للصخور المنصهرة التي تحمل الألماس بالظهور على السطح منذ نحو 1.8 مليار سنة.
اقرأ أيضاً: هل سمعت عن الألماسات العملاقة على كوكب أورانوس؟
كيف خرج الألماس الوردي إلى سطح الأرض؟
يقول المؤلف المشارك في الدراسة وعالم الجيولوجيا بجامعة كيرتن، هوغو أوليروك (Hugo Olierook)، في بيان صحفي: "على الرغم من أن القارة التي أصبحت فيما بعد أستراليا لم تتفكك، فإن المنطقة التي يقع فيها بركان أرغايل تعرضت للتمدد، ويشمل ذلك الجزء الممتد على طول الندبة الناتجة عن التمدد القاري، أدى هذا التمدد إلى تكوين فجوات في القشرة الأرضية، ما سمح باندفاع الصخور المنصهرة نحو السطح، حاملة معها الألماس الوردي".
وفقاً لأوليروك، يقع بركان أرغايل في المكان الذي اصطدمت فيه منطقة شمال أستراليا مع منطقة كيمبرلي (Kimberly)؛ إذ أدى هذا الاصطدام إلى تكوين ندبة جيولوجية في الأرض لن تلتئم أبداً.
استخدم الفريق أشعة الليزر على الصخور المستخرجة من منجم أرغايل ووجدوا أن عمر الصخور هو 1.3 مليار سنة؛ أي أنها أقدم بنحو 100 مليون سنة مما كانوا يعتقدونه سابقاً.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة وعالم الجيولوجيا الرئيسي في شركة ريو تينتو، موراي رينر (Murray Rayner)، في بيان صحفي: "من خلال معرفة عمر بركان أرغايل، الذي يقدّر بنحو 1.3 مليار سنة، ووجوده في المنطقة التي انقسم فيها بعض أقدم قارات الأرض، أصبحت لدينا رؤى إضافية مهمة حول تكوين هذا الألماس".
اقرأ أيضاً: ماسة أوكافانغو الزرقاء: معجزة من الطبيعة
يعتقد الفريق أنه يمكن العثور على رواسب جديدة من الألماس الوردي في حال توافر العوامل الأساسية الضرورية لتكوينه والمتمثلة في وجود كميات كبيرة من الكربون في عمق الأرض، والاصطدام القاري، وتمدد القشرة الأرضية.
يقول أوليروك: "عُثر على معظم رواسب الألماس في وسط القارات القديمة لأن البراكين التي تحتوي على الألماس تكون عادة مكشوفة على سطح الأرض ما يسهّل على المستكشفين العثور عليها، يقع بركان أرغايل عند ملتقى قارتين قديمتين، وغالباً تكون هذه الحواف مغطاة بالرمال والتربة، ما يعني احتمال وجود براكين مماثلة غنية بالألماس الوردي ولا تزال غير مكتشفة بعد في مناطق أخرى من أستراليا".